الأسد يضع إنهاء الاحتلال التركي أساسا للمصالحة مع أنقرة

الرئيس السوري يحدد في أول تعليق على مبادرات التقارب بين أنقرة ودمشق برعاية روسية ولقاء محتمل مع نظيره التركي، شروط المصالحة مع تركيا.
الخطوات لعقد لقاءات بين وزراء من الحكومتين التركية والسورية تمهد للقاء بين اردوغان والاسد
تركيا تؤكد سعيها الجاد لمواصلة الحوار مع النظام السوري رغم حدة الانتقادات

دمشق - رسم الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الخميس ملامح أي تسوية مع تركيا في خضم خطوات ومبادرات لإعادة تطبيع العلاقات بعد أكثر من عقد من العداء والقطيعة، مشددا على أن اللقاءات السورية-التركية برعاية روسيا يجب أن تكون مبنية على إنهاء "الاحتلال"، أي التواجد العسكري التركي "حتى تكون مثمرة"، وذلك في أول تعليق له على التقارب بين الدولتين.

وقال الأسد إثر لقائه المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إنّ "هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنّها يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها دمشق من هذه اللقاءات، انطلاقا من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب"، وفق ما ورد في بيان صادر عن الرئاسة السورية.

وقبل اندلاع النزاع العام 2011، كانت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. وجمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة صداقة بالأسد.

لكنّ العلاقة بين الطرفين انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام في سوريا. ودعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، قبل أن يدعو أردوغان الأسد إلى التنحي.

وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعما سخيا للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة في سوريا شمل التمويل والتدريب والتسليح.

ومنذ العام 2016، إثر ثلاث عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد، باتت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها تسيطر على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا.

وتعتبر دمشق التواجد العسكري التركي في شمال البلاد "احتلالا". وبعد قطيعة استمرت 11 عاما، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات تقارب بين الطرفين، توّجها في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي لقاء في موسكو بين وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال نهاية الشهر الماضي إنه جرى الاتفاق على عقد اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وروسيا في النصف الثاني من يناير/كانون الثاني، إلا أن الموعد لم يحدد بعد، كما لم يتّضح مكان عقد اللقاء.

وأعلن اليوم الخميس أنه قد يلتقي بنظيره السوري فيصل المقداد في أوائل فبراير/شباط، نافيا التقارير التي تفيد بأنهما قد يجتمعان الأسبوع المقبل.

وتسعى تركيا من خلال المصالحة مع دمشق إلى التخلص من عبء اللاجئين السوريين وكذلك تسوية معضلة الجماعات الكردية السورية المسلحة.

وقال جاويش أوغلو "قلنا من قبل إن هناك بعض المقترحات بشأن لقاء الأسبوع المقبل لكنها لا تناسبنا... قد يكون ذلك في بداية فبراير ونحن نعمل على تحديد موعد".

وهددت تركيا بشن عملية برية واسعة لاستئصال القوات الكردية بعد عملية شهدتها اسطنبول في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن حدة التهديدات خفت على وقع مسار جديد ربما يشرك القوات الحكومية السورية في أية خطة للتخلص من خطر المسلحين الأكراد.

وتؤسس الخطوات الأخيرة لمصالحة تاريخية بين تركيا ودمشق من شأنها أن ترسم مشهدا جديدا في شمال سوريا وهي المنطقة التي تتدخل فيها قوى تقف على طرف نقيض من الصراع المستمر منذ ما يزيد عن عشر سنوات.

وسيواجه الجانبان ملفات عالقة تنتظر التسوية قبل طي صفحة الخلافات على رأسها الوجود العسكري التركي في شمال سوريا والذي تعتبره دمشق احتلالا واعتداء على السيادة السورية إلى جانب ملف المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري المدعومة من أنقرة وكذلك المعضلة الكردية وملف النازحين السوريين.

وتشعر المعارضة السورية أن تركيا تمهد للتخلي عنها من خلال مسارها الجديد رغم تأكيد أنقرة أنها ستواصل دعم المجموعات المعارضة الموالية لها.

بدورها انتقدت القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة جهود التقارب التركي السوري برعاية روسية واصفة النظام السوري بأنه وحشي وان تلك الخطوات لن تكون في مصلحة الشعب السوري.

وعززت واشنطن قبل أيام من تواجدها العسكري في مناطق تحت سيطرة القوات الكردية خاصة في الحسكة لطمأنة حلفائها الأكراد بأنها لن تتخلى عنهم في خضم التقارب التركي مع النظام السوري.

وتمتلك روسيا بدورها قوات على الأرض وشاركت في دعم القوات السورية في استعادة العديد من المساحات خلال السنوات الماضية ما يكشف أن سوريا ستشهد كذلك في المستقبل تصاعدا للصراع الإقليمي والدولي.