قيس سعيد يخوض مواجهة على أكثر من جبهة

جوزيب بوريل المفوض السامي للاتحاد الأوروبي يعرب عن القلق الشديد إزاء تدهور الوضع الاقتصادي وتأثيره على الجانب الاجتماعي.
جوزيب بوريل يدعو القوى السياسية والاجتماعية في تونس للعمل معا من أجل مشروع مشترك للبلاد
الرئيس سعيد أكد مرارا رفضه لأي تدخل أحنبي في شؤون تونس

تونس - يقاوم الرئيس التونسي قيس سعيد ضغوطا داخلية وخارجية على أكثر من جبهة، ففي الوقت الذي يعمل فيه على تفكيك منظومة الفساد التي أنهكت الدولة وأثقلت كاهلها وفي الوقت الذي يواجه فيه مركزية نقابية مؤثرة تحاول استعادة زمام المبادرة وفرض أجندة لا تتناسب حسب الحكومة مع وضع مالي صعب، يتعرض في الفترة الأخيرة لانتقادات غربية ترتقي وفق وجهة نظر الرئاسة التونسية إلى تدخل في شؤون البلاد

 وفي هذا السياق عبر الاتحاد الأوروبي عن انشغاله إزاء التطورات الأخيرة في تونس، مؤكدا على "ضرورة أن  تعمل مختلف القوى السياسية والمدنية معا من أجل مشروع مشترك ومتكامل للبلاد"، وفق تصريح للمفوض السامي للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل صدر اليوم الأربعاء.

وقال إن "الاتحاد الأوربي يتابع عن قرب وبانشغال التطورات الأخيرة في تونس، هذا البلد الجار القريب الذي تربطنا به شراكة عميقة وإستراتيجية"، معربا عن الأمل في أن تتمكن السلطات التونسية من التوصل إلى الحلول المناسبة للعديد من التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها البلاد في لحظة دقيقة، معبرا عن "القلق الشديد إزاء تدهور الوضع الاقتصادي على وجه الخصوص وتأثيره على الجانب الاجتماعي الذي قد يسببه ذلك لشريك طويل الأمد"، مشددا على ضرورة أن تعمل مختلف القوى السياسية والاجتماعية معا من أجل مشروع مشترك ومتكامل للبلاد.
وأكد بوريل مجددا الاستعداد لدعم الجهود التونسية المتعلقة بالإصلاحات الهيكلية العاجلة التي ستقوم بها البلاد، مشيرا إلى أنه على اتصال مع الأطراف الأوروبية من أجل مناقشة الوضع في تونس معهم خلال مجلس الشؤون الخارجية في مارس/آذار المقبل.

ويأتي هذا الموقف أياما بعد تصريح مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك الذي أعرب عن "قلقه من تفاقم القمع ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون ومنتمون إلى المجتمع المدني في  تونس من خلال الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواصلة لتقويض استقلالية القضاء".

 ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى "احترام معايير الإجراءات القانونية المحاكمة العادلة والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، بمن فيهم أي شخص محتجز على خلفية ممارسته لحريته في الرأي أو التعبير".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أكد رفضه التام لأي تدخل أجنبي في شؤون البلاد، مشددا على أنه لا مجال للسماح لأي جهة كانت من الخارج للاعتداء على سيادة الدولة وسيادة شعبها.

وكان قضاة التحقيق قد أصدروا خلال الأيام الأخيرة بطاقات إيداع بالسجن بحق عدد من الشخصيات الموقوفة في قضايا مختلفة وذلك مع حرص الرئيس سعيد على الشروع في محاسبة الفاسدين باعتبارها مطلبا شعبيا مع وضع حد للإفلات من العقاب.

وأطلقت السلطات حملة اعتقالات واسعة طالت عددا من السياسيين المعارضين للاشتباه بتورطهم في تهديد أمن الدولة، فيما اتهم سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة"، وحمّلهم المسؤولية عن أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار.

ورفض الرئيس التونسي الانتقادات الدولية بشأن الإيقافات مشددا على أن الحقائق ستكون مزلزلة وقال خلال لقاء جمعه مؤخرا برئيسة الحكومة نجلاء بودن "لم نبعث ببرقيات ولن ندلي بتصريحات تعبّر عن انشغالنا بوضع حقوق الإنسان في عدد من العواصم التي تصدر منها هذه البيانات".

كما شدّد على أن تونس "ليست تحت الاستعمار أو الانتداب، بل دولة مستقلة ذات سيادة ونعلم جيدًا ما نقوم به في ظل احترام شامل للقانون"، متهما قوى سياسية معارضة بالاستعانة بالأجنبي لانتهاك السيادة الوطنية والتدخل في شؤون تونس.

واعتبرت جبهة الخلاص (الواجهة السياسية لحركة النهضة) أن الاعتقالات الأخيرة التي شهدتها البلاد وشملت عددا من الشخصيات تمت "عبر دوس القانون ومن خلال العنف ودون أذون قضائية".
وأكد رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي أن "هجمة الاعتقالات اتسعت وهي تتسع يوما"، مشيرا إلى أنها "تتزامن مع معركة اتصالية كبرى بين المعارضة والقوى المدنية والسلطة التي تريد أن تقدم هذه الاعتقالات على أنها تلاحق إرهابيين ومتآمرين على أمن الدولة وسيادتها".
وأضاف "في المقابل واجهت المعارضة والمجتمع المدني هذه السردية الزائفة بكشف حقائق الأمور بأن هذه الاعتقالات تستهدف فقط الخصوم السياسيين وكبت صوت النقابيين المدافعين عن الطبقات الاجتماعية المتضررة من سوء إدارة الوضع العام من قبل السيد قيس سعيد".