جبهة معارضة لقيس سعيد تنتهك حظر مسيرتها

السلطات التونسية تنشر تعزيزات أمنية وسط العاصمة بالتزامن مع مسيرة لجبهة الخلاص المعارضة كان والي تونس قد أصدر قرارا بمنعها.
جبهة الخلاص رفضت قرار منع المسيرة واعتبرته "تعسفيا" مصممة على تنظيمها

تونس - خرج المئات من أنصار جبهة الخلاص الوطني في مظاهرة اليوم الأحد بوسط العاصمة تونس بعد تمسك التكتل المعارض للرئيس التونسي قيس سعيد بتنظيم التحرك الاحتجاجي رغم قرار الرفض الذي أصدره والي (محافظ) تونس، في وقت تكثف فيه الجبهة التي تمثل واجهة سياسية لحركة النهضة من مساعيها لمزيد الضغط على سعيد داخليا وخارجيا لإيقاف حملة الاعتقالات التي طالت لفيفا واسعا من الشخصيات والنقابيين وسط تمسكه بمحاسبة كل المتورطين في التآمر على أمن الدولة والإضرار بمصالحها.

وتمكن المحتجون من اجتياز حاجز للشرطة للتظاهر في الشارع الرئيسي بالمدينة، رافضين تحذيرهم من طرف الشرطة عبر مكبرات الصوت من أن مظاهرتهم غير قانونية، لكنها أضافت أنها لن تمنعهم بالقوة، فيما شق ما يصل إلى ألف محتج بعد ذلك طريقهم عبر الطوق الأمني للوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة.

وردد المحتجون خلال المسيرة هتافات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وتؤكد الرفض لسياسات الرئيس قيس سعيد.

وكانت الجبهة قد أكدت إصرارها على الخروج في مسيرة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح جميع الموقوفين وحثت كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين على الحضور بكثافة للمشاركة في المظاهرة.

وتمركزت قوات أمنية منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد على مستوى مداخل الأنهج المتفرعة عن شارع الحبيب بورقيبة بعد غلقها أمام جولان العربات وفتحها لحركة المارة، وتم تركيز وحدات تفتيش للمارة، فيما كان التواجد الأمني مكثفا في ساحة الجمهورية مكان انطلاق المسيرة.
وكان والي (محافظ) تونس قد فسّر قرار منع المسيرة بتعلّق شبهة جريمة التآمر على أن الدولة ببعض قياديي الجبهة، لكن الجبهة عبرت عن رفضها للإجراء معلنة تمسكها بما أسمته "حقها" في التظاهر وتنظيم هذه المسيرة واصفة قرار المنع بـ"التعسفي"، مشيرة إلى أن الاجتماعات العامة والمظاهرات "حرة ويمكن أن تنعقد دون سابق ترخيص وأن السطات المسؤولة لا يمكنها اتخاذ قرار في منع الاجتماع إلا إذا كان يتوقع منه إخلال بالأمن أو النظام العام". 

وأكدت في بيان أصدرته أن قرار المنع يستهدف واحدا من أهم  مكاسب الثورة ألا وهو حق التظاهر السلمي والتعبير الحر عن الرأي، موضحة أن تبرير والي تونس لقرار المنع بـ"شبهة جريمة التآمر على أمن الدولة المتعلقة ببعض قيدي الجبهة" يضرب عرض الحائط قرينة البراءة وشخصية العقاب واختصاص القضاء دون سواه بإصدار احكام تحرم من الحقوق السياسية بعد ثبوت الإدانة وفي حالات خصها القانون بنص خاص.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية اليوم الأحد أنها أمنت المسيرة الاحتجاجية لجبهة الخلاص الوطني المعارضة وأبلغت النيابة بملابسات هذا الاحتجاج الذي جرى تنظيمه على الرغم من عدم الحصول على ترخيص به، ما يشير إلى ملاحقات قضائية محتملة بحق المنظمين للمسيرة.

وقالت في بيان إن "الوحدات الأمنية تولت تأمين تحرك احتجاجي يوم 5 مارس/آذار 2023 بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة في ظروف عادية وفقا لمقتضيات الأمن والنظام العام، بالرغم من عدم امتثال الجهة الطالبة لتنظيم التحرك لقرار السلط الجهوية بعدم الموافقة".
وتتهم الجبهة سعيد بأنه نفذ انقلابا عندما سيطر على سلطات وصلاحيات واسعة في 2021 وقام بحل البرلمان والتحول إلى الحكم عبر إصدار المراسيم ثم وضع دستورا جديدا جرى تمريره في استفتاء العام الماضي.

ويقول الرئيس التونسي إن تحركاته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى ويصف من يعادونه بـ"المجرمين" و"الخونة" و"الإرهابيين" ويطالب السلطات باتخاذ إجراءات بحقهم.

واتسعت قائمة الموقوفين في خضم حملة الاعتقالات التي شهدتها تونس في الآونة الأخيرة لتشمل العديد من الشخصيات والنشطاء السياسييين وقاضيين ومسوؤلا نقابيا، بالإضافة إلى قيادات من حركة النهضة الإسلامية، فضلا عن إحالة 16 نقابيا على التحقيق.

وكانت جبهة الخلاص الوطني قد أكدت مؤخرا أنها ستطلق حملة واسعة للمطالبة بإطلاق سراح جميع الموقوفين، كاشفة عن نيتها التوجه إلى المنظمات الدولية في خطوة تم تصنيفها على أنها "استقواء بالأجنبي"، فيما لا تخفى حالة الارتباك التي تسود المعارضة المنقسمة وفقا لتوجهات أيدولوجية وسياسية متباينة تحددت خلال العشرية الماضية.

ونظم الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) وأحزاب تؤيده السبت احتجاجا اجتذب الآلاف من الداعمين الذين نزلوا إلى الشوارع ضد سعيد في خطوة استعراضية لدفع السلطة إلى الاعتراف بالمنظمة العمالية شريكا سياسيا في خضم تصعيد لا يهدأ بين الاتحاد والرئيس التونسي.

 وأصدرت نحو 30 منظمة تونسية مؤخرا بيانا ذكرت فيه أن "السياق السياسي العام الدقيق والمتأزم الذي تعيشه تونس وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع وتيرة المحاكمات التي طالت نقابيين وصحفيين ونشطاء مدنيين وسياسيين يستوجب من جميع القوى الحية في البلاد مزيدا من اليقظة للدفاع عن الحقوق والحريات".