خطوة سعودية تفتح الباب لتفكيك عزلة سوريا

الخارجية القطرية تؤكد أن موقف الدوحة من أزمة سوريا يعتمد على تحركات النظام في دمشق والإجماع العربي بشأنها.
المحادثات السورية السعودية قد تمهد للتصويت على رفع تعليق عضوية دمشق خلال القمة العربية المقبلة

دمشق - قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن سوريا والسعودية اتفقتا على إعادة فتح سفارتيهما وعودة العلاقات الدبلوماسية بعد قطعها منذ أكثر من عقد، في تطوّر من شأنه أن يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق عودة دمشق إلى الحضن العربي وإنهاء عزلتها بعد أن بدأت تتفكك تدريجيا، على إثر التضامن العربي الواسع مع دمشق التي تعرضت إلى زلزال مدمر في 6 فبراير/شباط الماضي.

وقال مصدر إقليمي موال لدمشق إن الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخما بعد اتفاق تاريخي لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران وهي الحليف الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد.

وستكون عودة العلاقات بين الرياض ودمشق بمثابة أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد الذي قاطعته العديد من الدول الغربية والعربية بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، في حين أكد مصدر إقليمي ثان متحالف مع دمشق أن الحكومتين "تستعدان لإعادة فتح السفارتين بعد عيد الفطر".

ويأتي القرار نتيجة محادثات في السعودية مع مسؤول مخابرات سوري رفيع، بحسب أحد المصادر الإقليمية ودبلوماسي في الخليج.

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد أعطى في وقت سابق من هذا الشهر أوضح إشارة على عزم بلاده استئناف العلاقات مع دمشق حين شدد على أهمية التواصل مع النظام السوري وعلى الحوار سبيلا لحل الأزمة السورية، مضيفا أن التواصل مع الأسد قد يؤدي إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكنه أوضح أنه قد يكون من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.

وفي الشهر الماضي حطت طائرات سعودية محملة بمواد اغاثة في المطارات السورية لأول مرة منذ نحو 10 سنوات في سياق التضامن العربي مع سوريا بعد تعرضها لزلزال مدمر خلف آلاف القتلى ودمارا هائلا، بينما أجرى زعماء عرب بينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالات هاتفية مع الرئيس السوري عبروا فيها عن تضامنهم مع سوريا شعبا وحكومة، فيما ذكرت تقارير حينها أن 'دبلوماسية الزلازل' بدأت ترسم ملامح كسر عزلة النظام السوري وإن تحفظت قوى غربية بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أي جهد من شأنه كسر عزلة الأسد.

ولاحقا أجرى الرئيس السوري ثلاث زيارات خارجية شملت الأولى منها سلطنة عمان ثم الإمارات وروسيا، بينما ساتمرت المساعدات العربية في التدفق إلى مناطق النظام والمعارضة على حدّ السواء.

ولا يمكن النظر أيضا للخطوة السعودية السورية بمعزل عن الاتفاق السعودي الإيراني الذي يبدو أنه أعطى دفعة قوية لجهود استئناف العلاقات بين الرياض ودمشق وكسر كذلك الجمود على أكثر من جبهة أخرى.

ودعمت واشنطن والعديد من حلفائها في المنطقة، بما في ذلك السعودية وقطر، بعض فصائل المعارضة السورية وتمكن الأسد من إلحاق الهزيمة بها في معظم أنحاء سوريا بمساعدة إيران وروسيا، لكن الإدارة الأميركية عارضت تحركات دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع الأسد، مجددة اتهامها للنظام السوري بـ"التعامل بوحشية" في مواجهة انتفاضة على حكمه والحاجة إلى رؤية تقدم نحو حل سياسي.

وكانت دولة الإمارات أول دولة عربية وخليجية تستأنف العلاقات مع دمشق، حيث أعادت في 2018 فتح بعثتها الدبلوماسية في العاصمة السورية واجرت لقاءات قمة مع الرئيس السوري الذي زار أبوظبي في أكثر من مناسبة واجتمع مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بينما استقبل في أكثر من مرة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد. 

وقال الدبلوماسي الخليجي إن المسؤول السوري الرفيع "مكث أياما" في الرياض وجرى التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح السفارات "قريبا جدا".

وعرف أحد المصادر الإقليمية المسؤول السوري على أنه حسام لوقا، الذي يرأس لجنة المخابرات السورية. وقال إن المحادثات شملت الأمن على الحدود السورية مع الأردن وتهريب حبوب الكبتاغون المخدرة إلى الخليج من سوريا.

وعلقت الجامعة العربية عضوية سوريا في عام 2011 ردا على قمع الأسد للاحتجاجات على حكمه. أما حاليا فأغلبية الدول العربية موافقة على عودة دمشق إلى الحضن العربي سوى قطر.

وأفاد الدبلوماسي بأن المحادثات السورية السعودية قد تمهد الطريق للتصويت على رفع تعليق عضوية سوريا خلال القمة العربية المقبلة المتوقع عقدها في السعودية في أبريل/نيسان.

وقالت وزارة الخارجية القطرية اليوم الخميس إن موقف الدوحة من أزمة سوريا يعتمد على تحركات النظام في دمشق والإجماع العربي بشأنها وفق إحاطة إعلامية لمتحدث الخارجية ماجد بن محمد الأنصاري بالدوحة، نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "قنا".
وذكر الأنصاري أن "موقف دولة قطر من الأزمة السورية يعتمد على محددين رئيسيين، الأول هو أن يقوم النظام بما يلبي تطلعات الشعب السوري في الحل السياسي وبيان جنيف1 (يونيو/حزيران 2012) والمحدد الثاني هو الإجماع العربي حول هذه التحركات".
وأشار إلى أن قطر "منخرطة في العديد من المبادرات الهادفة في المقام الأول إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري ودعم أي جهد يحقق السلام الشامل وفقا للمحددين الرئيسيين السابق ذكرهما".
وحول المبادرة الأردنية المزمعة للمساهمة في حل الأزمة السورية، أفاد الأنصاري بأن قطر "تدعم جميع المبادرات التي تهدف إلى إيجاد السلام الشامل في سوريا وتدعم جميع الجهود العربية والدولية في هذا الإطار".
ويعتزم الأردن إطلاق مبادرة لحل الأزمة السورية تحدث عنها وزير خارجيته العام الماضي وتقوم على "دور عربي مباشر ينخرط مع الحكومة السورية في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة ومعالجة تداعيتها الإنسانية والأمنية والسياسية".
وعلى الرغم من أن الأسد ينعم بتجدد الاتصالات مع الدول العربية التي قاطعته ذات يوم، لكن تظل العقوبات الأميركية عقبة رئيسية أمام الدول التي تسعى إلى توسيع العلاقات التجارية مع دمشق.