إيران تخمد إضرابات في قطاع الغاز باعتقال داعميها
طهران - اعتقلت السلطات الإيرانية مسؤولين في شركات لدعمهم إضرابات في مواقع إنتاج الغاز الرئيسية في جنوب البلاد، فيما يأتي هذا التحرّك بعد أيام من إعلان النظام الإيراني قراره بطرد أربعة آلاف عامل في صناعة البتروكيميائيات بعد تنفيذهم إضرابا مطالبين بالترفيع في الرواتب وتحسين ظروف العمل.
وأوردت وكالة "فارس" للأنباء أنه تم توقيف عدد من المديرين بتهمة "دعمهم أعمالا معادية للثورة" و"تنظيم إضرابات" في مواقع المشاريع الصناعية في حقل جنوب فارس. وأضافت الوكالة أن "توقيف المسؤولين المذنبين سيستمر في الأيام المقبلة".
ويعمل حوالي 40 ألف شخص في حقل جنوب فارس الضخم الذي يضم أكبر احتياطي غاز معروف في العالم وتشترك فيه إيران مع قطر.
وبدورها أشارت وكالة "إيلنا" للأنباء المقربة من الأوساط العمالية اليوم الأربعاء إلى أن المحتجين في جنوب فارس "واصلوا طرح مطالبهم النقابية"، داعين خصوصا إلى زيادة الأجور بنسبة 79 في المئة، فضلا عن إنهاء التمييز وتكريس حرية تكوين الجمعيات.
ودأب النظام الإيراني على التشددّ في تعامله مع الإضرابات في قطاع الغاز باعتباره أحد شرايين اقتصاد الجمهورية الإسلامية الذي يرزح تحت العقوبات الغربية.
واعتقلت السلطات الإيرانية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي عمّالا احتجوا على عدم دفع الأجور في عسلوية (جنوب شرق)، الواقعة في محافظة بوشهر والمطلّة على الخليج حيث يقع حقل بارس الجنوبي للنفط والغاز.
وشهدت إيران في العام 2022 عدة موجات من الإضرابات في صفوف المعلمين وسائقي الحافلات احتجاجا على تدني الرواتب وغلاء المعيشة.
واعتبر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي السبت أن بعض الاحتجاجات العمالية مفيدة للبلاد لأنها تساعد الحكومة والمؤسسات على فهم مطالب العمال.
وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية في مناسبات عديدة عن تسريح عمالة وعن إضرابات عمال لم يتقاضوا أجورهم منذ شهور ومنهم من يعملون في مصانع حكومية.
ويبلغ معدل التضخم الرسمي نحو 46.5 في المئة، لكن البعض يؤكد أنه يتجاوز عتبة الـ50 في المئة بكثير، في وقت ازدادت فيه الأوضاع الاجتماعية تدهورا في بلد يعيش حوالي نصف سكانه البالغ عددهم 8 مليون نسمة تحت خط الفقر، فيما تشير تقديرات رسمية إلى أن نسبة البطالة أعلى بكثير من المعدل الرسمي البالغ 11 في المئة.
ومنذ عام 2018، تأثر الاقتصاد الإيراني بعقوبات الولايات المتحدة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، فضلاً عن تسارع التضخم والانخفاض القياسي في قيمة الريال.
ورغم تسجيل زيادة في إيرادات صادرات النفط ومنتجاته خلال الأشهر الماضية، ما مكّن النظام من التقاط أنفاسه، فإنه لا يزال للعقوبات الأميركية تأثير كبير على الأوضاع المعيشية للإيرانيين، سواء الميسورين أو الأسر متواضعة الدخل.
ولا تعني مزايا ارتفاع عائدات النفط شيئا بالنسبة إلى المواطن الإيراني، طالما لم ينعكس ذلك على حياته اليومية، في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية مثل الخبز والأرز واللحم.
وكان ألكس فاتانكا مدير البرنامج الإيراني بمعهد الشرق الأوسط قد قال في تصريح سابق إن "جميع المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تدهور الواقع الاقتصادي في إيران. وليس من قبيل المبالغة القول بأن إيران تجلس على قنبلة موقوتة".