السودانيون يريدون حكومة مدنية وسط حرب لا منتصر فيها
جوبا - رأى زعيم حركة التمرد السودانية المسلّحة عبدالواحد محمد نور الذي كان أحد قادة القتال الدامي في إقليم دارفور لمدة عقود، أن الحرب الدائرة حاليا بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني "لن ترى منتصرا"، معتبرا أن ما يجري الآن في السودان "كارثة"، بينما يتطلع السودانيون إلى حكومة مدنية لإدارة البلاد.
وتسود حال من الفوضى العاصمة السودانية منذ أن اندلعت المعارك في 15 أبريل/نيسان بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى أبرزها دارفور في الغرب، عن مقتل 550 شخصا على الأقل وإصابة 4926 آخرين بجروح، وفق بيانات رسمية لوزارة الصحة. ويُعتقد أن هذه الأرقام أقلّ بكثير من الواقع.
وحوّلت المعارك الخرطوم إلى ميدان حرب. وقال نور إن دارفور "أكثر مكان تُمارَس فيه الإبادة الجماعية المستمرة والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية".
كان نور زعيما لحركة تحرير السودان المتمردة في دارفور منذ عام 2003 عندما بدأ النزاع بين أقليات إفريقية وقبائل عربية مدعومة من نظام عمر البشير اتُهمت باحتكار السلطة السياسية والثروة.
وأسفرت المعارك في دارفور عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة. ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.
وعلى الرغم من تراجع حدّة النزاع في دارفور خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن الأسلحة منتشرة في الإقليم، وكذلك العنف القبلي بسبب الصراع حول الأراضي والموارد.
في عام 2019، أطاح الجيش السوداني بالبشير من الحكم بعد احتجاجات شعبية عارمة خرجت ضد غلاء الخبز والمعيشة. وتولّى البرهان ومعه دقلو إدارة البلاد، في مرحلة أولى بمشاركة مدنيين قادوا حركة الاحتجاجات الشعبية ضد البشير، قبل أن يطيح بهم قادة الجيش من الحكم في أكتوبر/تشرين الأول.
وانفجر الصراع على السلطة أخيرا بين دقلو والبرهان اللذين يقودان قوتين مسلحتين بأسلحة ثقيلة، في الشارع.
وذكّر نور بأن الجيش في عهد عمر البشير شن حملة عسكرية واسعة على دارفور وأن حركته كانت تعارض وتكافح "القمع"، مضيفا أن النزاع الحالي في السودان "هو صراع سياسي من الدرجة الأولي، لكنهم قاموا بعسكرته".
ودفعت الاشتباكات أكثر من 100 ألف سوداني للجوء إلى دول مجاورة، في تطوّر دفع إلى التحذير من "كارثة" إنسانية قد تطال تداعياتها المنطقة بأسرها.
وأفادت الأمم المتحدة بأن الأعمال القتالية في ولاية غرب دارفور "أثارت أعمال عنف قبلية" سقط فيها العديد من القتلى بينما انتشرت أعمال النهب وحرق الممتلكات.
وفي عام 2020، رفض نور مع جناحه العسكري التوقيع على اتفاق سلام تاريخي أبرمته الحكومة الانتقالية آنذاك، مع بعض حركات التمرد المسلحة في جوبا، لكنه أثار عنفا في ولايات شرق السودان والنيل الأزرق بالجنوب حيث لم يكن مرضيا لجميع القبائل.
قال نور الذي ينتمي إلى قبيلة الفور العرقية ويعتقد محللون أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في الإقليم، إن حركته تعهّدت "بوقف إطلاق نار أحادي الجانب منذ الإطاحة بالبشير والتزمت به" لمنح فرصة الوصول إلى حكم المدني.
وجاء في تقرير صدر العام الماضي عن خبراء في الأمم المتحدة، أن الجناح العسكري التابع لنور من المجموعات المسلحة في دارفور التي "تتلقى أموالا ودعما لوجستيا" مقابل إرسال مرتزقة للقتال في ليبيا التي مزقتها الحرب.
وقال خبراء أمميون في عام 2020، إن الحركة المتمردة عزّزت قدراتها العسكرية بعد اكتشاف الذهب في منطقتها، إلا أن نور ينفي كل ذلك.