الدعم السريع تحذر من توجه الجيش إلى سياسة الأرض المحروقة
الخرطوم/الرياض - حذرت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) اليوم الأحد في بيان نشرته على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي من أن من وصفتهم بالانقلابيين (قادة في الجيش السوداني بينهم عبدالفتاح البرهان) و"عناصر النظام البائد المتطرفة الإرهابية تدعو قيادات الانقلاب وبشكل مباشر إلى التحول لسياسة الأرض المحروقة بتنفيذ إبادة جماعية ضد الشعب السوداني بقصف جميع مدن ولاية الخرطوم بالطيران والمدافع بما في ذلك المواقع التي يتواجد فيها محتجزي القوات المسلحة لدى قواتنا".
ويأتي هذا التحذير بناء على تصريحات قالت قوات الدعم إنها موثقة "لعدد من الانقلابيين" وعناصر النظام السابق، فيما تستضيف السعودية ممثلين عن طرفي الصراع في مفاوضات غير مباشرة تدعمها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار وإرساء هدنة إنسانية لإتاحة الفرصة لإيصال المساعدات الإنسانية.
وتجري هذه المفاوضات وسط تكتم من جميع الأطراف فيما يبدو حرصا على عدم التشويش على تلك الجهود التي تقودها الرياض وواشنطن لتهيئة المناخ لتسوية بين طرفي الصراع الجنرالين محمد حمدان دقلو وعبدالفتاح البرهان.
وقالت قوات الدعم في بيانها "إن جرائم الإبادة الجماعية وانتهاك حقوق الإنسان هو سلوك درج عليه الانقلابيين وفلول النظام البائد الذين مارسوا خلال ثلاثين عاما أبشع أنواع الانتهاكات ضد شعبنا وخير دليل أن عدد قيادات نظامهم القمعي مطلوبون لدى المحكمة الجنائية الدولية".
واعتبرت أن هذه الهستيريا في رد الفعل الذي يجري التخطيط له ناجم عن حالة الإحباط بسبب الانتصارات الميدانية لقوات الدعم السريع. وقالت "إن الانتصارات المتتالية لقواتنا أربكت الانقلابيين وأعوانهم من النظام البائد والدواعش وإصابتهم بإحباط كبير لإدراكهم أن ساعة زوالهم وإلى الأبد قد حانت، لذلك يسعون وبشتى السبل إلى استعادة ملكهم حتى ولو على جماجم ودماء شعبنا العظيم".
ولفتت كذلك لاستمرار ما وصفتها بـ"حملة الأكاذيب والتضليل المفضوحة باتهامهم لعناصر من لجان المقاومة وغيرهم من شرفاء شعبنا بمساندة الدعم السريع بعدما انكشفت ادعاءاتهم البائسة باستعانة قواتنا بمقاتلين من دول الجوار وربما نشهد غداً تسمية مساندين من جهات جديدة من نسج خيالهم المريض".
وسُمعت أصوات قتال في جنوب الخرطوم اليوم الأحد بينما يوجد ممثلون عن طرفي الحرب السودانيين في السعودية لإجراء محادثات يأمل وسطاء دوليون أن تضع حدا للصراع المستمر منذ ثلاثة أسابيع وتسبب في مقتل المئات وموجات فرار جماعي.
وتأتي المحادثات في جدة في إطار مبادرة أميركية سعودية هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع والذي حول أجزاء من العاصمة الخرطوم إلى مناطق حرب وقوَض خطة مدعومة دوليا تهدف للانتقال للحكم المدني بعد اضطرابات وانتفاضات استمرت لسنوات. وبينما يسعى الوسطاء إلى إيجاد مسار يفضي للسلام، أوضح الجانبان أنهما سيناقشان فقط هدنة إنسانية ولن يتفاوضا لإنهاء الحرب.
وأكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي مشاركة جماعته في المحادثات قائلا إنه يأمل في أن تحقق الهدف المرجو منها وهو فتح ممر آمن للمدنيين. وكان قد تعهد إما بالقبض على قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وثمة أدلة على الأرض تشير إلى أن الجانبين ما زالا عازفين عن التوصل لحل وسط يوقف إراقة الدماء.
ونشب الصراع في 15 أبريل/نيسان بعد انهيار خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الديمقراطية. ويرأس البرهان، العسكري المخضرم، مجلس السيادة الحاكم الذي تشكل بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019 وبعد انقلاب عسكري عام 2021، بينما يتولى حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة.
وقبل اندلاع القتال، اتخذ حميدتي خطوات مثل التقارب مع التحالف المدني بما أشار إلى أن لديه خططا سياسية. وألقى البرهان بمسؤولية الحرب على "طموحات" حميدتي.
ودعمت قوى غربية خطة الانتقال السياسي وتشكيل حكومة مدنية في السودان الذي يقع في مكان استراتيجي عند مفترق طرق بين مصر والسعودية وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في أفريقيا. وتوجه مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للسعودية مطلع الأسبوع لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين.
وتسببت المعارك منذ اندلاعها منتصف أبريل/نيسان في مقتل مئات الأشخاص وإصابة الآلاف وعرقلة إمدادات المساعدات وفرار 100 ألف لاجئ إلى خارج البلاد.
ووصل مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الأحد إلى جدة لإجراء محادثات إنسانية حول الوضع في السودان، تزامنا مع مفاوضات بدأها ممثلون لطرفي النزاع في محاولة للتوصل إلى هدنة جديدة، فيما يتواصل القتال في الخرطوم.
وقالت المتحدثة إري كانيكو إن غريفيث "في جدة حاليا وهدف زيارته هو بحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان". وأعلن الأميركيون والسعوديون أن المتحاربين يتفاوضون في السعودية على هدنة جديدة، لكن الجيش بقياد البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو لم يدليا بأي معلومات عن المناقشات بين مبعوثيهما. ورحبت آلية ثلاثية دولية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي و"الهيئة الحكومية للتنمية" (ايغاد) في بيان بهذا التطور السياسي.
وعبرت عن أملها في أن "تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي الطرفين في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار"، مؤكدة أن ذلك "يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى".
وخلال اجتماع طارئ الأحد لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط إن المفاوضات بين طرفي النزاع "تستحق الدعم وأكرر مناشدتي بالتمسك بهذه الفرصة".
وحذر أبوالغيط من أن يتحول الصراع الحالي إلى "جولة أولى في حرب تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده". وقبيل الاجتماع تلقى رسالة من القوى المدنية في السودان "طلبت منه فيها "التواصل الفوري مع قيادات القوات المسلحة والدعم السريع لحثهما على وقف القتال كأولوية رئيسية".
ورحب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تغريدة على تويتر السبت "بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، للحوار حول الأوضاع في وطنهم"، مضيفا "نأمل أن يقود هذا الحوار إلى إنهاء الصراع وانطلاق العملية السياسية وعودة الأمن والاستقرار إلى جمهورية السودان".
وقال الباحث في جامعة غوتنبرغ في السويد آلي فيرجي إنه "ليكون وقف إطلاق النار هذا مختلفا عن الهدنات السابقة سيكون من الضروري تحديد التفاصيل العملية ووضع آليات المراقبة والعقوبات".
وشدد على الحاجة إلى "إطار جغرافي وعملي لوقف إطلاق النار" يشمل خصوصا "وقف الضربات الجوية أو انسحاب المقاتلين من البنى التحتية المدنية مثل المستشفيات".
وكانت واشنطن والرياض أعلنتا ليل الجمعة السبت "بدء محادثات أولية" في جدة بين طرفي الصراع وحضّتاهما على "الانخراط الجاد" فيها للتوصل إلى "وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع".
وأكد الجيش أن البحث سيتناول الهدنة التي تمّ التوصل إليها وتجديدها أكثر من مرة لكن بدون أن يتم الالتزام بها، بينما شكر قائد قوات الدعم السريع السعودية "لاستضافتها هذه المحادثات".
وتأتي هذه المحادثات بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية وأخرى إفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة ايغاد، لم تثمر.
وفي مدينة بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية التفاوض لإيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.
ووجه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز اليوم الأحد، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة 100 مليون دولار وتنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني حاليا.
وأكد المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، في بيان له مساء اليوم الأحد أن المساعدات المقدمة تأتي انطلاقا من حرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على الوقوف إلى جانب أبناء الشعب السوداني والتخفيف من آثار الأزمة الصعبة التي تشهدها السودان.
وشاركت السعودية في عمليات إجلاء حيث أعلنت المملكة يوم الخميس الماضي أن عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من السودان منذ بدء عمليات الإجلاء بلغ نحو 6073 شخصاً ينتمون لـ 104 جنسيات.