'الحكيم' يضيء على صدمة السوريين من الحرب
دمشق - عُرض أحدث أفلام الممثل السوري دريد لحام وهو بعنوان "الحكيم" في سوريا لأول مرة في الرابع والعشرين من شهر مايو/أيار في دار الأسد للثقافة والفنون، وهو يتناول حالة الفقد والصدمة التي عاشها كثيرون خلال الحرب الأهلية في البلاد.
ويخلع لحام عنه أدوار الكوميديا الساخرة التي اشتهر بها فيؤدي دورا مستنبطا من اضطرابات الناس وقدرتهم على التكيف مع الخراب دون أن يخسروا إنسانيتهم.
ويوثق الفيلم في 95 دقيقة الحالة الاجتماعية والنفسية للمجتمع السوري بعد مرور 12 عاما على حرب مدمرة تركت آثارها على البنيان والنفوس.
ويستعرض الفيلم يوميات الطبيب جابر الذي يعيش في ريف حمص مع حفيدته ياسمين بعد أن تخلى عن عمله في المدينة ليداوي المرضى في بلدته رافضا أن يحصل منهم على أتعابه لا بل ويمنح مرضاه عينات من الأدوية التي يحتاجونها، وفي بعض الأحيان يشتريها لهم من ماله الخاص.
وأكسبته تلك العطاءات النبيلة محبة أهل قريته الذين يبادلونه تلك القيم، لكن الأحداث تتوالى فتتكشف أسرار عن تداعيات الأزمة النفسية والاقتصادية السورية والتعامل بين السكان وسط الخراب والمباني المهدمة وتأثير ذلك على الواقع المعيشي بعد الحرب.
ويعد "الحكيم" أول فيلم روائي طويل للمؤلفة ديانا جبور وهو من إخراج باسل الخطيب وإنتاج المؤسسة العامة للسينما بدمشق وبطولة نخبة من النجوم بينهم دريد لحام وصباح الجزائري وربى الحلبي وروبين عيسى وليا مباردي وإيلين عيسى وتسنيم الباشا وأحمد رافع ورامي الأحمر وآخرين.
وكتبت النجمة السورية سوزان نجم الدين تدوينة على صفحتها بفيسبوك قالت فيها "فيلم الحكيم للكبير دريد لحام والرائعة صباح الجزائري أعاد لنا صورا من الحرب بأسلوب السهل الممتنع، فدغدغت مشاعرنا بعمق ولامست كل بيت سوري بطريقة أو بأخُرى، فأوجعنا وأبكانا وأضحكنا حينا بعدسة متقنة وذكية بقيادة المخرج المتميز باسل الخطيب.. مبروك لصناع العمل وللسينما السورية".
وقال مخرج الفيلم باسل الخطيب إن الموضوعات المتعلقة بالحرب السورية ستستمر طويلا لتوثيق ما عاشه السوريون خلال الفترة الماضية.
وأضاف "يكون لهذه الأفلام مردود معنوي كبير علينا كسوريين، فهي تأثر فينا بعمق، لذلك باتت هناك رغبة ملحة في زيادة عدد الأفلام"، متمنيا أن "يتم دعم الإنتاج السينمائي بسوريا قدر الإمكان".
وتابع "الحرب التي مرت علينا وكل هذه السنوات المؤلمة كلها محفورة بذاكرتنا"، مؤكدا "من واجبنا كأشخاص متاح لهم أن يعملوا مسلسلات وأفلام أن نوثق ذلك للأجيال القادمة".
ونال الفيلم ذهبية مهرجان سينمانا العُماني كأفضل عمل متكامل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في القسم الدولي بمهرجان الفجر السينمائي في العاصمة الإيرانية طهران، إضافة إلى تكريم من مهرجان أيام السينما العراقية الثاني في بغداد.
وكشف الممثل دريد لحام أنه منذ أربع سنوات صرح بأن أحلامه الكبيرة انتهت بعرض فيلم "دمشق حلب"، إلا أنه اكتشف أنه لم يكن صادقا مع نفسه، لأن صار عنده أحلام صغيرة كبرت حتى أفرزت فيلم "الحكيم".
واعتبرت وزيرة الثقافة السورية لبانة مشوّح أن الحرب في سوريا فرضت آثارها السلبية على العمل الثقافي والإبداعي، لكن إبداع السوريين تحدى كل الظروف وانتقل لمرحلة جديدة.
وأعلنت أن وزارة الثقافة ستطلق مع جهات حكومية وخاصة مشروع الاقتصاد الإبداعي باعتبار أن السينما هي واحدة من أهم فروعها ليكون الفيلم السوري عربيا بامتياز وينتقل للعالمية.
وتضررت صناعة السينما السورية بشدة بسبب سنوات القتال وعدم الاستقرار ونقص موارد الإنتاج بما في ذلك العدد المحدود من دور العرض السينمائي المتاحة في أنحاء البلاد.
وشدد الخطيب على أن "قلة" دور السينما في البلاد تشكل التحدي الأكبر للسينما السورية.
وطالبت الممثلة السورية صباح الجزائري بزيادة دور العرض السينمائي في أنحاء البلاد قائلة "يجب أن تكون هناك دور سينما تغطي كل سوريا حتى يتمكن الجميع من مشاهدة" ما نقدمه.
وألقى رحيل الفنان محمد قنوع بظلاله على أجواء العرض الأول للفيلم الذي كان آخر عمل سينمائي قدمه، حيث رحل قبل أن يشاهده.
وكان من المفترض أن يتم عرض الفيلم بحلول فبراير/شباط 2023، لكن الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا وتركيا جعل من الصعب على المنتجين إطلاقه في تلك الفترة.