الاتحاد الأوروبي يناقش سياسة الهجرة مثقلا بالانقسامات

المفوضية الأوروبية تبدي تفاؤلا بإمكانية حدوث اختراق في ملف الهجرة واللجوء، بينما يرى دبلوماسيون أن احتمال تحقيق ذلك لا يتجاوز الخمسين بالمئة بسبب الانقسامات.

لوكسمبورغ - عاد وزراء الداخلية الأوروبيون اليوم الخميس لمناقشة قضية الهجرة التي تعتبر من القضايا الشائكة والتي سبق أن أثارت انقسامات حادة بين دول الاتحاد الأوروبي خاصة بين دول شرق وغرب أوروبا، مثقلين بخلافات لا تبدو لها نهاية قريبة وبأزمات متناثرةن بينما كان هذا الملف في الفترة الأخيرة محل سجال بين فرنسا وإيطاليا.

وكاد السجال أن يدفع روما وباريس لأزمة دبلوماسية بعد أن هاجم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان سياسة رئيسة الوزراء الايطالية اليمينية جورجيا ميلوني حول الهجرة واتهمها بالعجز ي في معالجة هذا الملف.

وكانت ميلوني قد شنت في العام الماضي هجوما عنيفا على الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون واتهمت بلاده بتدمير ليبيا وباستغلال ثروات إفريقيا وتفقير شعبها واستغلال الأطفال في العمل في مناجم التعدين.

ويحاول الوزراء الأوروبيون في لوكسمبورغ تحريك الملف الشائك لإصلاح سياسة الهجرة في اجتماع حاسم اضطر الفرنسي جيرالد دارمانان لمغادرته على عجل بعد هجوم بسكين وقع في بلده ونفذه طالب لجوء سوري.

وغادر دارمانان مركز المؤتمرات قبيل ظهر الخميس بعد الإعلان عن إصابة عدد من الأطفال بجروح خطيرة في هذا الهجوم الذي وقع في مدينة آنسي (شرق فرنسا).

وقال مصدر في الشرطة في باريس إن المنفذ المفترض للهجوم، الذي تم اعتقاله لاجئ سوري.

ويعتبر هذا الاجتماع محطة كبرى في المناقشات حول ميثاق اللجوء والهجرة. وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون "مرت ثلاث سنوات تقريبا منذ أن قدمت الاقتراح. كانت ماراتونا وربما لم يبق سوى مئة متر"، داعية الدول الأعضاء إلى "قطع هذه الأمتار الأخيرة للتوصل إلى اتفاق اليوم".

ومقابل تفاؤل المفوضية الأوروبية بإمكانية حدوث اختراق، يرى دبلوماسيون أن احتمال تحقيق ذلك لا يتجاوز الخمسين بالمئة، لأن موضوع الهجرة يسبب انقساما كبيرا.

وسيفتح اتفاق بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الطريق أمام مفاوضات مع البرلمان الأوروبي بهدف اعتماد الإصلاح قبل ربيع 2024.

وينص اقتراح تسوية قدمته السويد التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد لستة أشهر، على تضامن أوروبي إلزامي و"مرن" في الوقت نفسه.

وستلزم الدول الأعضاء باستقبال عدد معين من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي المعرضة لضغط الهجرة أو ما يسمى "إعادة التوطين"، أو إذا لم ترغب في ذلك، تقديم مساهمة مالية لهذا البلد.

وهي محاولة لتحقيق توازن بين دول البحر الأبيض المتوسط التي يصل إليها المهاجرون الراغبون في انتقال تلقائي إلى دول أخرى في الكتلة، ودول مثل المجر أو بولندا التي ترفض فرض طالبي اللجوء عليها.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الذي يتوقع وصوله إلى روما ظهرا إن إيطاليا واليونان خصوصا تواجهان "تحديا كبيرا" مع زيادة عدد الوافدين على حدودهما، مضيفا في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" أنه "لا يمكننا ترك هذه البلدان وحدها".

وذكرت مصادر دبلوماسية أن المناقشات تتعلق بتعويض مالي يبلغ حوالي 20 ألف يورو لكل طالب لجوء لم يتم نقله.

والنص الآخر المقدم للوزراء يلزم الدول الأعضاء بتنفيذ إجراءات مسرّعة لمراجعة طلبات اللجوء لبعض المهاجرين غير المؤهلين بشكل واضح للحصول على هذه الحماية لأنهم يأتون من بلد يعتبر "آمنا". يهدف ذلك إلى تسهيل إعادتهم إلى بلدانهم.

وقالت إيلفا جوهانسون "لا داعي لمعاملة أشخاص قادمين من ألبانيا أو باكستان أو تركيا مثل الأشخاص القادمين من أفغانستان أو سوريا أو السودان".

وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر إن "هناك تسوية مطروحة صعبة جدا بالنسبة لنا. أكافح حتى لا تخضع العائلات التي لديها أطفال صغار لإجراءات الحدود".

وفي وقت مبكر من الصباح وقبل أن يحل محله السفير الفرنسي في الاجتماع، أكد دارمانان أن الإجراءات الحدودية تسمح برد سريع. وقال إن "الوضع اليوم ليس إنسانيا إطلاقا"، مضيفا "عندما يحق للمتقدمين الحصول على اللجوء لا يتم منحهم إياه إلا في وقت متأخر جدا. عندما لا يحق لهم الحصول على هذا اللجوء نواجه صعوبة كبيرة في إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية".

وتطالب النمسا التي تدافع عن موقفها المتشدد بشأن الهجرة، بنقل طلبات اللجوء هذه إلى دول ثالثة على غرار ما خططت الدنمارك للقيام به في رواندا.

وقال الوزير النمساوي غيرهارد كارنر "سأبذل جهودا حتى نتمكن من تنفيذ الإجراءات في بلدان ثالثة آمنة لمنع الناس من القدوم إلى أوروبا عن طريق البحر والغرق". وعبرت دول من بينها المجر وبولندا عن معارضتها لمقترحات الإصلاح، بحسب دبلوماسيين.

وتُتخذ القرارات بالأغلبية الموصوفة، أي تبني اتفاق يتطلب دعم 15 من أصل الدول الـ27 تمثل 65 في المئة على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي.

وعادت قضية الهجرة إلى صدارة جدول أعمال الدول الـ27 مع زيادة عدد الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي بعد توقف مرتبط بجائحة كوفيد-19. وتميل الدول الأعضاء إلى نهج يزداد تشددا بينما حقق اليمين المتطرف أخيرا نجاحا في الانتخابات في عدد من دول الاتحاد الأوروبي.