الجيش يتهم و'الدعم' تنفي مسؤوليتها عن مقتل والي دارفور

قوات الدعم السريع تتهم استخبارات الجيش بالتورط في عملية اغتيال والي دارفور من خلال مجموعة وصفتها بالمنفلتة.
الأمم المتحدة تؤكد مقتل أكثر من 100 شخص باشتباكات شمال دارفور
الدعم السريع تحذر مرارا من قيام مسلحين باستخدام زيه العسكري لتنفيذ هجمات
حادثة مقتل عبدالله ابكر مباشرة بعد انتقاده للدعم السريع تثير تساؤلات حول الجهة المستفيدة
أديس أبابا تعلن استعدادها لاستضافة لقاء بين أطراف النزاع في السودان
السودان يمدد إغلاق مجاله الجوي حتى 30 يونيو

الخرطوم - يسعى الجيش السوداني لإحراج قوات الدعم السريع بتحميلها ليل الأربعاء-الخميس مسؤولية اختطاف واغتيال والي غرب دارفور عبدالله ابكر رغم نفي قوات الدعم لتلك التهم فيما حذّرت الأمم المتّحدة من أنّ ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
وقال الجيش أن والي غرب دارفور لا علاقة له بمجريات الصراع" الدائر منذ شهرين بين الطرفين لكن قوات الدعم السريع نفت في بيان الخميس مسؤوليتها عن مقتله واصفةً الأمر بـ"التطور الخطير في الصراع بين المكونات القبلية.
وكدت إنها "تدين بأشد العبارات، مقتل والي ولاية غرب دارفور على أيدي متفلتين أمس الأربعاء، خلفية الصراع القبلي المحتدم في الولاية".
وتابعت "إذ ندين هذا التطور الخطير في الصراع بين المكونات القبلية في غرب دارفور، نوجه أصابع الاتهام وبشكل مباشر إلى استخبارات القوات الانقلابية (تقصد الجيش) بالتورط في إشعال الحرب القبلية في الولاية وتغذية القتال بتسليح القبائل، ما أدى إلى اشتداد فتيل الأزمة على نحو متسارع".
وبشأن ملابسات مقتل الوالي، قالت إن "متفلتين من إحدى المكونات القبلية داهمت مقر إقامته (أبكر)، وقد طلب الوالي الحماية من قوات الدعم السريع، حيث تحركت على الفور قوة تابعة لقواتنا وقامت بتخليصه من قبضة المتفلتين وإحضاره لمقر حكومي" .
واستدركت "بالرغم من محاولات حماية الوالي كما هو موثق في أحد مقاطع الفيديو المنشورة، إلا أن المتفلتين داهموا المكان بأعداد كبيرة ودارت اشتباكات مع القوة المتواجدة في المقر، مما أدى لخروج الأوضاع عن السيطرة واختطاف الوالي واغتياله".
ودعت الدعم السريع "لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتقصي حول الأحداث التي وقعت بالولاية وأدت لمقتل الوالي ومئات المواطنين وما ترتب على ذلك من موجات نزوح ولجوء وحرق وتخريب للممتلكات العامة والخاصة وكشف المتورطين في مؤامرة إشعال الفتنة".

وكان أبكر أحد زعماء حركات التمرّد الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة عام 2020، سعيا إلى وضع حد لنزاع في الإقليم امتد زهاء عقدين.
وأتى مقتل أبكر بعد ساعات من تصريحات أدلى بها لقناة "الحدث" التلفزيونية واتّهم فيها قوات الدعم السريع بـ"تدمير" مدينة الجنينة وهو ما يطرح تساؤلات حول الجهة المستفيدة من عملية اغتياله وان كان الأمر محاولة لتحميل قوات الدعم السريع المسؤولية من خلال تلك الهجمات الغامضة.
وكانت قوات الدعم التي لم تخرج للرد على التهم أكدت العديد من المرات ان عناصر تستخدم زيها لارتكاب جرائم.
ووصف أبكر ولايته بأنّها "منكوبة"، مضيفاً "اليوم الجنينة مستباحة كلّها... كلّها، كلّها دُمّرت".
وأتى هذا التطوّر بعد أقل من 48 ساعة على تحذير رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس من أن أعمال العنف في دارفور قد ترقى الى "جرائم ضد الإنسانية".
وقال بيرتس "مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة (غرب دارفور) في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر نيسان/أبريل والتي اتخذت أبعادا عرقية".
وتحدث بيرتس عن "نمط ناشئ من الهجمات واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين على أساس هوياتهم العرقية والتي يُزعم أنها ارتُكِبَت من ميليشيات عربية وبعض الرجال المسلحين الذين يرتدون زي قوات الدعم السريع. هذه التقارير مقلقة للغاية، وإذا تمّ التحقق منها، فقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وكان الدعم السريع اتهم الجيش السوداني بمحاولة إحداث حرب عرقية في ولاية دارفور ما يهدد السلم الأهلي.
ويضمّ إقليم دارفور نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة تقريبا. في العقدين الماضيين، تسبب النزاع فيه بمقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.
ووصف حزب الأمة القومي، أبرز الأحزاب السياسية في السودان، ما يحدث في الجنينة بأنه "جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان جعلت منها منطقة منكوبة بلا شك، مما يتطلب إعلان ذلك بصورة رسمية لتضطلع المنظمات الدولية بدورها حيال الوضع فيها".
وأعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الخميس، مقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات عنيفة دارت بمخيمات النازحين وحولها في ولاية شمال دارفور غربي السودان.
وكتب غراندي، في تغريدة عبر توتير "أسفرت الاشتباكات العنيفة داخل وحول مخيمات النازحين في شمال دارفور عن مقتل أكثر من 100 شخص".
وأضاف المسؤول الأممي أن "هناك تقارير مروعة عن العنف الجنسي المروع ضد النساء والفتيات، وسيتفاقم الأمر ما لم تتفق أطراف النزاع على إنهاء القتال الذي يدمر السودان".
وأتى مقتل أبكر في يوم أتمّ فيه النزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو شهره الثاني.

دارفور تشهد مجازر دموية وفق الامم المتحدة
دارفور تشهد مجازر دموية وفق الامم المتحدة

وحوّلت الحرب التي تستخدم فيها كلّ أنواع الأسلحة والطائرات الحربية والمسيرات، العديد من أجزاء البلاد إلى مناطق "منكوبة".
وقال أحمد طه، أحد سكان الخرطوم الأربعاء "أصبحنا بلا طعام ولا شراب ولا دواء.. الرصاص والدانات (القذائف) في كل مكان".
وأضاف "أي منطقة في السودان الآن أصبحت منكوبة".
وقال مواطن آخر في الخرطوم "لا نعرف ما هي نهاية هذه الحرب.. فقط ندعو الله أن يرفع البلاء".
وذكر شهود في مدينة الأُبيّض الأربعاء أن طائرات تابعة للجيش نفذت "غارات جوية للمرة الأولى في محيط الأبيض"، عاصمة ولاية كردفان والواقعة على بُعد 350 كيلومترا جنوب الخرطوم وتطوقها قوات الدعم السريع.
وفي العاصمة، قال مسؤول عسكري طلب عدم كشف اسمه إن قوات الدعم استخدمت الثلاثاء "طائرات بدون طيار ما يثير شكوكاً من أين حصلوا عليها".
في المقابل، قال مصدر من قوات الدعم السريع "حصلنا عليها من مراكز الجيش التي سيطرنا عليها".

وأعلنت هيئة الطيران المدني السودانية، الخميس، تمديد إغلاق المجال الجوي للبلاد أمام حركة الطيران حتى 30 يونيو/حزيران الجاري.
وأفادت الهيئة السودانية في بيان، بأنها مددت إغلاق المجال الجوي أمام كافة حركة الطيران حتى 30 يونيو/حزيران الجاري".
وأوضح البيان أن "الإغلاق يستثنى رحلات المساعدات الإنسانية والإجلاء، بعد حصولها على تصريح من الجهات ذات الاختصاص"، دون ذكر تفاصيل أكثر.
ويعتبر التمديد الأخير هو الخامس الذي تجريه هيئة الطيران السودانية، بعد تمديدات سابقة في 13 و31 مايو/ أيار الماضي و30 و22 أبريل/ نيسان الماضي، استثنت جميعها الرحلات الإنسانية والإجلاء.
ويرى خبير عسكري أن هذا التطور "سيكون له أثر على سير الحرب"، متوقعا أن تكون قوات الدعم "حصلت عليها من مصنع اليرموك للصناعات العسكرية" في جنوب الخرطوم.
وتدور منذ 15 نيسان/أبريل معارك طاحنة تتركّز في الخرطوم ودارفور.
وأسفر القتال عن مقتل أكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح نحو مليوني شخص بينهم أكثر من 900 ألف فرّوا من العاصمة بسبب العنف وأكثر من 475 ألف لجأوا إلى البلدان المجاورة.
وأبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار لم يصمد أي منها. لكن الطرفين التزما بشكل كبير بهدنة مدتها 24 ساعة بوساطة أميركية-سعودية انتهت صباح الأحد، أفاق سكان الخرطوم بعدها على تجدد المعارك.
وقالت السودانية سهى عبد الرحمن المقيمة في العاصمة "نحن نعاني، نعاني من ويلات الحرب، ولا يعلم بحالنا إلا الله".
وتواجه شبكة الاتصالات في السودان صعوبة بالغة، والمعلومات عما يجري عن الأرض غير متوافرة بدقة من مصادر مستقلة، لا سيما من دارفور. ويعاني السودانيون من أزمات متعددة من نقص في الوقود والمواد الغذائية والسيولة.
وأعلنت السعودية الثلاثاء أنها سترأس بالاشتراك مع عدد من الدول والهيئات الدولية، مؤتمراً لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان، سيعقد في 19 حزيران/يونيو.

بدورها أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، الخميس، استعدادها لاستضافة لقاء في العاصمة الإثيوبية "أديس أبابا" بين أطراف النزاع في السودان.
وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية "ملس ألم"، في تصريح صحفي، إننا "ندعو أطراف النزاع في السودان إلى التفاوض في "أديس أبابا" في إطار الجهود الرامية لإحلال السلام في البلاد بأقرب وقت ممكن"، حسب وكالة الأنباء الإثيوبية .
وأكد أن "رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد قرر أن يكون له دور في جمع الأطراف المتنازعة على طاولة الحوار في ضوء جهود البلاد لتحقيق السلام في السودان".
ويحتاج 25 مليون شخص، أكثر من نصف السكان، إلى المساعدة والحماية، وفقا للأمم المتحدة، ولكن حتى أواخر أيار/مايو، تم تمويل 13 في المئة فقط من حاجات المنظمة العالمية التي تحتاج إلى 2,6 مليون دولار لمعالجة الأزمة.
وباتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة، وفق مصادر طبية.