سعيد يبلغ مديرة 'النقد الدولي' رفضه لشروط الدعم المالي
تونس/باريس - أبلغ الرئيس التونسي قيس سعيد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا بأن شروط الصندوق لتقديم الدعم المالي لبلده تهدد بإثارة اضطرابات أهلية، وفق بيان نشرته الرئاسة التونسية على صفحتها بفيسبوك.
وجاء في البيان أن سعيد أوضح أن "وصفات صندوق النقد الدولي لتقديم الدعم المالي لتونس غير مقبولة لأنها ستمس بالسلم الأهلي التي ليس لها ثمن".
وجاءت تصريحات الرئيس التونسي خلال اجتماع مع جورجييفا في باريس على هامش قمة تمويل عقدت مساء الخميس، حسب ما ذكرت الرئاسة التونسية.
وتبدو محادثات تونس مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ متعثرة منذ شهور، ولا توجد مؤشرات تذكر على أن سعيد مستعد للموافقة على الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق يساعد البلاد على تجنب أزمة مالية.
وبدون الحصول على قرض، تواجه تونس أزمة كبيرة في ميزان المدفوعات. ومعظم الديون داخلية، لكن هناك مدفوعات قروض خارجية تُستحق في وقت لاحق من العام. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن البلاد قد تتخلف عن السداد.
وقال محافظ البنك المركزي مروان العباسي إن تونس تعمل مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي عادل يأخذ في الحسبان الفئات الأشد احتياجا.
وتؤكد تصريحات العباسي تقريرا لرويترز هذا الشهر نقلا عن مسؤول حكومي رفيع بأن تونس تعد مقترحا بديلا لصندوق النقد يراعي الفئات الضعيفة بعد رفض الرئيس التونسي شروط الدعم المالي التي يطرحها الصندوق.
وتعثرت المحادثات بشأن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار منذ أكتوبر الماضي عندما توصلت تونس وصندوق النقد إلى اتفاق على مستوى الخبراء بعد أن رفض سعيد بشكل قاطع فكرة خفض الدعم وبيع شركات مملوكة للدولة.
وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تونس هذا الشهر على تقديم خطة معدلة للصندوق. وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيعرض 900 مليون يورو في شكل قروض مشروطة ببرنامج صندوق النقد. ومن المتوقع أيضا أن تقدم دول الخليج الدعم إذا تم الاتفاق مع الصندوق.
وأكد سعيد مجددا أن أي تخفيضات مطلوبة في الدعم ومعظمها في الطاقة والغذاء، يمكن أن يكون لها تداعيات ضارة على البلاد، مشيرا إلى أعمال شغب مميتة شهدتها تونس عام 1983 بعد الإعلان عن رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها، في إشارة إلى أحداث الخبز أواخر ديسمبر 1983 وبداية يناير 1984 حين سقط المئات في اضطرابات بعد الإعلان عن رفع الدعم عن الحبوب.
وجاء في بيان الرئاسة أن الرئيس التونسي أكد أنه "لن يقبل بأن تسيل قطرة دم واحدة"، مضيفا أن جورجييفا رحبت بدعوته لزيارة تونس في موعد لم يتحدد بعد.
وكان الرئيس التونسي قد اتهم في كلمته أمام قمة باريس 'من أجل ميثاق عالمي جديد' الغرب بالاستيلاء على أموال القروض التي منحت لدول إفريقية. وقال "تعلمون ولديكم الأرقام، أن القروض التي منحت للعديد من الدول لم تذهب إلى الشعوب ولم تحقق شيئا بل تم الاستيلاء عليها وأنتم تعلمون من استولى عليها والأموال التي نهبت وتوجد في المصارف في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية لماذا لا تعود إلى شعوبنا؟".
وتابع "أود أن أتحدث بكل صراحة لأنه لا يمكن أن نبني من جديد، إلا إذا واجهنا الواقع بكل مسؤولية.. من يتحمل مسؤولية الانحباس الحراري؟ من الذي يتحمل الجوائح التي عرفها العالم مثل الكوفيد. وتعلمون جميعا كيف تم توزيع حقوق السحب الخاصة وماذا حصل للأفارقة وعلى ماذا حصلت الإنسانية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، وكثيرة هي الأمثلة عن الجوائح التي دفعنا ثمنها باهظا".
وأضاف "كانت الأنظمة الديكتاتورية تمثل الوسيلة التي تتيح لكثير من الدول الإبقاء على مصالحها ضد مصالح الشعوب المعنية... نريد أن نشترك معكم في بناء نظام عالمي جديد تستفيد منه الإنسانية جمعاء وإذا كان العالم اليوم يعيش أزمة فلا يمكن حلها إلا من خلال قواعد العدل والإنصاف خاصة في المستوى الدولي".
ودعا إلى "العمل الند للند من أجل تحقيق المثل العليا التي نشترك فيها، العدل والحرية وبناء نظام عالمي جديد لأن الإبقاء على هذا النظام الذي بلغ مداه، لن يتقدم بنا إلى الأمام، لا نريد أن نكون من ضحايا هذا النظام العالمي الذي يمكن أن يبنى مرة أخرى على مآسينا وآلامنا".
وشارك في القمة الدولية "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" في باريس نحو 100 من رؤساءِ الدول والحكومات ورؤساء بنوك التنمية المتعددة الأطراف و120 منظمة غير حكومية و70 شريكا من القطاع الخاص و40 منظمة دولية.