ميتا تستغل مضاعفة تويتر القيود على مستخدميها لمصلحتها
واشنطن - أثار إيلون ماسك انزعاج عدد كبير من مستخدمي تويتر والمعلنين فيها ومطوّريها بعدما أعلن أنّ المنصة ستحدّ عدد التغريدات التي يمكن لأصحاب الحسابات مشاهدتها، في قرار يناقض المسار المتّبع من الشركات المنافسة التي تحاول استغلال الوضع لمصلحتها.
وأعلنت شبكة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، المملوكة لمارك زوكربيرغ، الاثنين عن فتح باب الطلبات المسبقة في الولايات المتحدة لتحميل تطبيق "ثريدز" الجديد الذي يُنظر إليه على أنه منافس مباشر لتويتر.
وقد وُصف التطبيق عبر متجر أبل الإلكتروني بأنه "تطبيق المحادثات النصية من إنستغرام".
وسيكون التطبيق الجديد الذي يحمل اسم "ثريدز تطبيق من إنستغرام" (Threads, an Instagram app)، متوافرا في الأيام المقبلة، وقد وُصف في متجر تطبيقات أبل (أبل ستور)، بأنه "تطبيق إنستغرام للمحادثات النصية".
وأوضح توصيف التطبيق عبر متاجر التطبيقات أن "ثريدز هو المكان الذي تتلاقى فيه المجتمعات للتحدث بكل شيء، سواء في المواضيع التي تهمهم أو في الاتجاهات المستقبلية".
كما أن التطبيق سيتيح، وفق التوصيف، "الاتصال مباشرة مع صناع المحتوى المفضلين وأولئك الذين يتشاركون الشغف عينه أو لبناء قاعدة خاصة لتشارك الأفكار والآراء والإبداع مع العالم أجمع".
وكانت ميتا الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، أعلنت منتصف مارس/آذار العمل على شبكة اجتماعية جديدة اعتُبرت من خلال التوصيف المعطى لها أنها ستشكّل منافسا محتملاً لتويتر.
وقالت المجموعة في بيان أرسلته لوكالة فرانس برس "نفكر في تطوير شبكة اجتماعية لا مركزية ومستقلة تتيح تشارك الرسائل المكتوبة في الوقت الحقيقي".
وبحسب موقع "بلاتفورمر"، فإن تصميم التطبيق الجديد يتيح تشغيله بشكل متوافق مع شبكات أخرى من النوع نفسه، ما سيشكل تغييرا جذريا عن الاستراتيجية المعتمدة حتى الآن من عمالقة التكنولوجيا الذين فضّلوا باستمرار البيئات المغلقة حيث يطبّقون قواعد الاستخدام الخاصة بهم.
هذا النمط التوافقي الذي تعمل عليه ميتا يتمايز أيضا عن مقاربة تويتر في هذا المجال: ففي ديسمبر/كانون الأول أوقف رئيس الشبكة إيلون ماسك لفترة وجيزة حسابات مستخدمين كانوا يتشاركون روابط تحيل إلى شبكات اجتماعية أخرى، بينها فيسبوك وإنستغرام.
ويحاول مشروع "بلوسكاي" بقيادة جاك دورسي المشارك في تأسيس تويتر، والذي يمكن الدخول إليه حصرا عن طريق الدعوات، أيضا أن يلفت الانتباه إليه عبر اعتماد أسلوب لا مركزي أكثر.
ورغم أنها لم تُثبت بعد أي شعبية حقيقية، فإن هذه المبادرات جميعها تنوي الإفادة من تدهور صورة تويتر منذ استحواذ إيلون ماسك على الشبكة في خريف العام الماضي في مقابل 44 مليار دولار.
وقد أثارت تويتر مجددا ردود فعل قوية الأسبوع الماضي من خلال إعلانها فرض قيود على عدد التغريدات المسموح بقراءتها، عبر حصرها بـ10 آلاف يوميا لأصحاب الحسابات الموثقة، وألف تغريدة لسائر الحسابات، وحتى 500 تغريدة فقط يوميا لأصحاب الحسابات الجديدة، وهي سقوف رُفعت مرتين في بضعة أيام.
والهدف المعلن من هذه الخطوة يكمن في الحد من الاستخدام المكثف لبيانات الشبكة الاجتماعية من جانب أطراف خارجية، ولاسيما من الشركات الساعية لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
هذا الاستخدام المكثف من شأنه أن "يعطّل الاستخدام العادي" من جانب مستخدمي الإنترنت، بحسب إيلون ماسك الذي أنهى أيضا في اليوم السابق إمكانية الاطلاع على التغريدات من دون تسجيل الدخول وتحديد هوية المستخدم. واشتكى مستخدمون كثر من أن بعض الميزات باتت غير متاحة لهم.
والثلاثاء، ذهبت الشبكة الاجتماعية أبعد في سياستها التقييدية، عبر إعلانها أنها ستحصر برنامجها "تويت دك" (TweetDeck) الذي يُستخدم على نطاق واسع من جانب المتخصصين في المجال الإعلامي، بأصحاب الحسابات الموثقة، وبالتالي المدفوعة، في غضون شهر.
ويُظهر "تويت دك" الذي جرى إطلاقه قبل أكثر من عقد، الرسائل ضمن أعمدة، مع وظائف للبحث والنشر تعمل بشكل مختلف عبر الموقع الإلكتروني أو التطبيق.
وقالت تويتر في رسالة نشرتها، الاثنين، إنها بصدد إطلاق نسخة جديدة من "تويت دك" بوظائف جديدة مختلفة.
وجاء في الرسالة أنه "في غضون 30 يوما، سيُحصر استخدام تويت دك بأصحاب الحسابات الموثقة".
وأدت سلسلة تغييرات في طريقة تشغيل تويتر إلى تعطيل قدرة الكثير من مستخدمي "تويت دك" على مشاهدة المنشورات في عطلة نهاية الأسبوع.
واشترت تويتر برنامج "تويت دك" في لندن في عام 2011، في صفقة قدّرتها وسائل إعلام متخصصة حينها بـ40 مليون دولار.
ويوضح الأستاذ في جامعة نورث إيسترن الأميركية جون وهبي أن "مسار المنصات بُني بالكامل على قدرتها على تقديم خدمة مستقرة وموثوقة من دون حدود للاستخدام"، مشيرا إلى أن التعديلات الجديدة "يبدو أنها تغيير جذري".
ولفت إلى أنه في ظل صرف أعداد كبيرة من الموظفين وعصر النفقات، "يُتوقع منذ فترة طويلة أن تتدهور البنية التحتية للمنصة لدرجة أنها ستصبح غير قابلة للاستخدام، أو أن الأعطال ستدفع المستخدمين للخروج" من المنصة.
ووفق وهبي، فإن إيلون ماسك عندما تولى رئاسة تويتر في أكتوبر/تشرين الأول، "كان الناس على استعداد للمغادرة لأسباب أخلاقية"، قائلا "اليوم يقدم لهم ماسك أسبابا فنية" للانسحاب من الشبكة.
ويقول مايك برو من شركة "فورستر" إن "هذا سبب إضافي يدفع المعلنين إلى إنفاق ميزانياتهم المخصصة للشبكات الاجتماعية في أماكن أخرى".
ويذكّر بأن العلامات التجارية "تعتمد على جمهورها والتفاعلات (مع المستخدمين)"، "لكن تويتر يدمر كليهما".
ويسأل جاستن تايلور وهو موظف سابق في تويتر بات اليوم نائب رئيس اتحاد "دبليو دبليو إي" للمصارعة المحترفة، "كيف ستشرح للمعلنين على تويتر أنه من المحتمل ألا يشاهد المستخدمون إعلاناتكم بسبب القيود على الاستخدام؟".
ويحمل هذا الإعلان الجديد ضررا أكبر لأنه أعطى الانطباع بأن إيلون ماسك لا يزال يمسك منفردا بقيادة الشبكة، بينما تولت المديرة العامة الجديدة ليندا ياكارينو منصبها قبل شهر تقريبا، في محاولة لطمأنة المعلنين.
أخيرا، فإن القيود التي يطبقها تويتر تعقّد حياة الباحثين الذين يحللون سلوك مستخدمي الشبكة الاجتماعية، وخصوصا الذين يدرسون انتشار المعلومات المضللة.
ويوضح فلوران لوفبفر المتخصص الفرنسي في تحليل البيانات من الشبكات الاجتماعية، حتى لو أن تويتر لا تزال "أكثر انفتاحا" من منافسيها، "بات القيام بذلك قانونيا باستخدام بيانات قابلة للنشر أمرا معقدا للغاية".
وبحسب لوفبفر، فإن القيود "تُزعج عامة الناس"، لكن الشركات المتخصصة في التنقيب عن البيانات وجدت بالفعل حلولاً بديلة، لاسيما عن طريق مضاعفة عدد الحسابات التي تستخدمها.