شغور مزدوج يرسم وضعا قاتما في لبنان
بيروت - أيام قليلة تفصل لبنان عن فراغ جديد من شأنه أن يعمق متاعبه المالية والاقتصادية مع اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورفضه هو أو قوى أخرى التجديد أو التمديد ورفض نوابه الأربعة الاستمرار في إدارة البنك، بينما يعاني منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي من فراغ رئاسي لا تبدو له نهاية قريبة مع وصول الفرقاء السياسيين واللقاء الخماسي بقيادة باريس إلى طريق مسدود.
ويبدو المشهد أكثر قتامة مما كان توقعا وسط مخاوف من فوضى مالية واقتصادية واجتماعية وربما أمنية، في تقدير غالبية المتابعين للمشهد العام في لبنان بعد انتهاء فترة الهدنة الاضطرارية التي رافقت حراك المبادرة الفرنسية.
وبعد ثلاثين عام من إدارة البنك المركزي والسياسة النقدية للبنان يستعد رياض سلامة الملاحق في الداخل وفي عدد من الدول الأوروبية في قضايا فساد تشمل غسيل أموال واختلاس، لمغادرة منصبه نهاية الشهر الحالي، بينما رفض نوابه تحمل المسؤولية من بعده.
وتسود مخاوف من أزمة جديدة تتعلق بارتفاع قياسي لسعر الدولار وهو ما قد يصعد سريعا بمعدل التضخم إلى مستويات قياسية أيضا قد يخرج اللبنانيين المثقلين أصلا بمتاعب معيشية ومالية إلى الشارع بينما لبنان في غنى عن أي أزمة جديدة.
وذكرت صحيفة 'الأخبار' اللبنانية في تقرير لها السبت، أن هذا الوضع المتوقع ليس مجرد تقديرات، مضيفة نقلا عن مصادر مطلعة أن الوضع القاتم الذي ينتظر لبنان هو نتيجة طبيعية لملفين أساسيين هما حاكمية مصرف لبنان والرئاسة.
وبحسب المصدر ذاته انتهت كل المحاولات في الأيام الماضية لإبقاء رياض سلامة في منصبه سواء بالتمديد أو التجديد، فيما سقطت أيضا محاولات نوابه لانتزاع موافقة البرلمان برئاسة نبيه بري لإقرار عدد من القوانين تتعلق بموازنة 2024 وبإعادة هيكلة القطاع المصرفي وحماية المودعين إضافة إلى تشريعات مالية أخرى.
وقالت 'الأخبار' نقلا عن مصادرها إنها علمت بأن نواب سلامة الأربعة وهم وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين وإلكسندر موراديان، يستعدون لتقديم استقالة جماعية يوم الثلاثاء القادم ما لم يطرأ أي جديد.
وتابعت أن رئيس البرلمان نبيه بري وهو أيضا رئيس حركة أمل الشيعية، لا يزال يعترض على تسلم الشيعي وسيم منصوري النائب الأول لرياض سلامة إدارة حاكمية مصرف لبنان ويؤيد حزب الله كذلك هذا الموقف.
وسبق أن ذكرت مصادر محلية أن رفض حزب الله وحركة أمل لتولي منصوري إدارة حاكمية مصرف لبنان مؤقتا، مرده مخاوف من أن يُحمّل الثنائي الشيعي مسؤولية انفجار الوضع.
لكن بري يعتقد أن نواب سلامة سيواصلون مهامهم بطلب من حكومة نجيب ميقاتي والتي لا تتمتع بصلاحيات دستورية بحكم أنها حكومة تصريف أعمال، تحت عنوان تسيير المرفق العام إلى أن يتم تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي.
ويشير المصدر ذاته إلى تقاطعات في اجتماع اللقاء الخماسي الأخير في الدوحة حول وجود نية للانتقال إلى مرحلة جديدة في التعاطي مع ملف الرئاسي، بينما يستعد المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان وزير الخارجية الأسبق جان ايف لودريان لزيارة بيروت الثلاثاء أو الأربعاء القادم، لكن لا أحد يعلم بالضبط ما يحمله المسؤول الفرنسي.
وأشارت الصحيفة المحلية إلى أن القطريين الذين يؤيدون ويدفعون لفكرة مرشح التسوية (قائد الجيش) دون أن يعلنوا ذلك صراحة، سبقوا لودريان إلى بيروت في حراك موازي شمل "اللقاء ببعض القوى السياسية من بينها نواب الاعتدال ومع مسؤولين من الثنائي".
وتابعت أن أكثر من مصدر أكد أن "القطريين نقلوا تقديراتهم بانتهاء المبادرة الفرنسية بعدَ الاجتماع الخماسي وأن موضوع الحوار هو فكرة فرنسية، قد يحصل الحوار برعاية فرنسية لكن لا غطاء غربيا أو دوليا له".
ووفق المصادر ذاته فإن القطريين ركزوا خلال لقاءاتهم على تداول اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح للتسوية وتساءلوا ما اذا كانت الظروف تسمح بتسويقه.
ولم يكن الموقف القطري مفاجئا اذا سبق أن كشفت مصادر اعلامية في الأشهر القليلة الماضية أن القطريين يعملون على تسويق اسمم جوزيف عون لخلافة الرئيس السابق ميشال عون وقد أغضب تحركهم الموازي السعودية في البداية، لكن المملكة أعلنت على لسان سفيرها لدى لبنان وليد بخاري بعيد توقيع اتفاق تاريخي مع إيران لاستئناف العلاقات، أنها خارج التسوية ورفعت الفيتو حتى عن سليمان فرنجية مرشح حزب الله وحركة أمل، مؤكدة أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع ومشددة على أنه لم يبق لديها في لبنان أي خصومات.