الحرية والتغيير تسعى إلى إنهاء النزاع السوداني من القاهرة

التحالف المدني يعقد على مدى يومين اجتماعات مع القيادات السودانية في مصر بهدف استعادة الحكم المدني، تزامنا مع إجراء نائب البرهان مشاورات سياسية تمهيدا لصياغة مبادرة توقف الحرب.

الخرطوم/القاهرة – تستضيف مصر اليوم الاثنين اجتماعاً لـ"قوى الحرية والتغيير"، يستمر يومين، لمناقشة إنهاء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بُعيد إجراء نائب البرهان سلسة من الاجتماعات والمشاورات السياسية لبناء "منصة مدنية توافقية".

ويأتي تحرك قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الرئيسي، مع مرور مئة يوم على بداية الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط مطالبات لطرفي الصراع بوضع حد للمعارك.

ويعد الاجتماع الأول لقادة "المكتب التنفيذي" لـ"قوى الحرية والتغيير" منذ اندلاع الحرب في البلاد في منتصف أبريل الماضي.

وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان نشرته عبر تويتر مساء الأحد، "تفرض هذه التحديات والمتغيرات رؤى واضحة على رأسها ضرورة وقف الحرب، وقطع الطريق أمام مخطط النظام المباد وفلوله لتحويلها لحرب أهلية شاملة، واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي وفق رؤية سياسية تؤسس لبناء وطني جديد، ومعالجة آثار الحرب على السودانيين والسودانيات وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وكل ذلك عبر عملية سياسية تشمل جميع أهل السودان لا يستثنى منها إلا الحزب المحلول وواجهاته ورموزه وقياداته".

وأضاف البيان "هذا الاجتماع يكتسب أهميته لكونه الأول للحرية والتغيير بصورة مباشرة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي ودخولها شهرها الرابع مع تزايد المعاناة الإنسانية لشعبنا في الداخل والخارج".

وأوضح أن "انعقاد هذا الاجتماع المفصلي والتاريخي في مصر أمر ذو دلالات سياسية عديدة تأكيدا على أن ما يجمع بين السودان ومصر وشعبي البلدين سيبقى وسيظل هو الأصل السائد".

وجددت قوى الحرية والتغيير، "الدعوة لطرفي الحرب بالتوصل لوقف إطلاق النار في جولة مفاوضات جدة التي تعقد بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية"، مؤكدة أنها "ستجري تشاور مع قيادات المجتمع السوداني الموجودين في مصر حول بناء مستقبل جديد للسودان وحل القضايا في هذا الوقت

وكانت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أطلقتا مبادرة للحوار بين طرفي الصراع في السودان، واستضافت مدينة جدة السعودية عدة لقاءات بين ممثلي الطرفين، إلا أن تلك اللقاءات عُلقت أكثر من مرة جراء استمرار القتال.

كما أقرت قمة دول جوار السودان التي استضافتها القاهرة في 13 يوليو الحالي، وشارك فيها قادة سبع دول أفريقية هي: مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشاركة لبحث "الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان، ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار".

وكان من بين البنود التي تضمنها البيان الختامي التأكيد على "أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار".

وأبلغت مصادر سياسية سودانية "وكالة أنباء العالم العربي"، الأحد، بأن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، أجرى سلسلة من الاجتماعات والمشاورات السياسية في القاهرة، شملت عددا من القوى السياسية والحزبية السودانية كما ضمت مجموعة من الشخصيات غير الحزبية، تمهيدا لصياغة مبادرة لوقف إطلاق النار، وإنهاء الأزمة في البلاد.

وقالت المصادر، إن عقار التقى مع قادة "قوى الحرية والتغيير" (الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي) "في إطار الاستماع لكافة الآراء، وسعيه إلى بناء ما وُصف بأنه "منصة مدنية تضم طيفاً واسعاً من الشخصيات السودانية من تيارات عدة" بهدف المساهمة في تحقيق "توافق وطني سوداني كبير" يساعد على إنهاء الأزمة الراهنة.

وكان عقار الذي وصل إلى القاهرة الجمعة، التقى وفدا من قوى "الحرية والتغيير" (المجلس المركزي)، ومن المقرر أن يلتقي مرة أخرى عددا من قيادات التيار ذاته عقب وصولهم إلى العاصمة المصرية، في إطار مشاورات تركز على "سبل إنهاء الأزمة السودانية، وبناء توافقات لمرحلة ما بعد انتهاء القتال الدائر حالياً".

وضم لقاء عقار الأول مع قوى "الحرية والتغيير" (المجلس المركزي) عددا من الشخصيات البارزة في هذا التيار، منها عمر الدقير رئيس "حزب المؤتمر السوداني"، ومريم الصادق المهدي، نائب رئيس "حزب الأمة القومي"، وخالد عمر يوسف، الأمين السياسي لـ"حزب المؤتمر السوداني"، وكمال بوالد القيادي في "حزب البعث"، إضافة إلى شخصيات حزبية أخرى.

وميدانيا، اندلعت اشتباكات الأحد في أجزاء من السودان مع دخول الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع يومها المئة في ظل عدم تمكن جهود الوساطة التي تقوم بها قوى إقليمية ودولية من إيجاد سبيل للخروج من صراع بات مستعصيا على الحل.

ولم يتمكن الجيش ولا قوات الدعم السريع من تحقيق انتصار، إذ تصطدم هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض في العاصمة الخرطوم بنيران سلاح الجو والمدفعية بالجيش.

وانهارت البنية التحتية والحكومة في العاصمة بينما امتد القتال غربا، لا سيما إلى منطقة دارفور الهشة، وكذلك إلى الجنوب حيث تحاول الحركة الشعبية لتحرير السودان-الشمال السيطرة على أراض.

وتوغلت قوات الدعم السريع مطلع الأسبوع في قرى بولاية الجزيرة الواقعة جنوبي الخرطوم مباشرة حيث استهدفهم الجيش بضربات جوية وفقا لما ذكره شهود.

وقال شهود في نيالا، إحدى أكبر مدن البلاد وعاصمة جنوب دارفور، إن الاشتباكات مستمرة منذ الخميس في مناطق سكنية. وتقول مصادر طبية أن 20 شخصا على الأقل قتلوا. وتقول الأمم المتحدة إن 5000 أسرة شُردت. ويقول سكان إن منشآت رئيسية تعرضت للنهب.

وقال صلاح عبدالله (35 عاما) "الرصاص يتطاير إلى داخل المنازل. نشعر بالرعب ولا أحد يحمينا".

وأفسح القتال المجال لهجمات عرقية من ميليشيات عربية وقوات الدعم السريع في غرب دافور التي فر منها مئات الآلاف إلى تشاد.

واتهم سكان قوات الدعم السريع بالقيام بعمليات نهب واحتلال مساحات شاسعة من العاصمة. وقالت قوات الدعم السريع إنها ستحقق في الأمر.

وقال الجيش السوداني في بيان الأحد إن تسعة أشخاص بينهم أربعة عسكريين لقوا حتفهم بعد تحطم طائرة نقل مدنية في مطار بورتسودان في شرق البلاد بسبب عطل فني أثناء إقلاعها. وأضاف الجيش في البيان أن فتاة نجت من الحادث.

وفي حين أبدى الجانبان انفتاحا إزاء جهود الوساطة التي تقوم بها أطراف إقليمية ودولية لم تسفر أي من تلك الجهود عن وقف دائم لإطلاق النار.

وأرسل الجانبان وفودا في محاولة لاستئناف المحادثات في جدة والتي سبق وأن أفضت إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار جرى انتهاكها في كثير في الأحيان.

بيد أن وزير الخارجية السوداني قال الجمعة إن المحادثات غير المباشرة لم تبدأ بجدية.

وترأس قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع مجلسا مشتركا منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 واختلفا حول الخطط الرامية للانتقال إلى الديمقراطية.

واتهمت جماعات سياسية مدنية وقوات الدعم السريع الجيش بغض الطرف عن الظهور العلني لموالين للبشير، مطلوبين للعدالة، في الآونة الأخيرة.

وتتواصل، منذ ثلاثة أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة خرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وأسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل 3900 شخص على الأقلّ، بحسب منظمة أكليد غير الحكومية، وعن تهجير أكثر من ثلاثة ملايين شخص سواء داخل البلاد أو خارجها.