منصوري يخلف سلامة متعهدا بإصلاحات صعبة
بيروت - تسلم وسيم منصوري نائب حاكم مصرف لبنان اليوم الاثنين مهام رياض سلامة بالوكالة، معلنا تعهده بالشفافية الكاملة والإطار القانوني، في تغيير جذري لموقفه السابق الرافض للمنصب وتهديده بالاستقالة رفقة زملائه الثلاثة الآخرين، فيما أشارت تقارير إلى أنه تلقى ضمانات من الطبقة الحاكمة بعدم تحميله مسؤولية الانهيار المالي ووضع خطة للتخفيف من تداعياته.
وقال منصوري خلال مؤتمر صحفي "لن يتم التوقيع على أي صرف لتمويل الحكومة إطلاقا خارج قناعاتي أو خارج الإطار القانوني"، موضحا أن "الحل الوحيد لوقف اعتماد الدولة على المصرف المركزي يكمن في تحسين المالية العامة".
وأشار إلى أن "المسألة ليست نقدية والحل ليس في يد المصرف المركزي بل في السياسة المالية للحكومة ويقتضي أن يتم وبوضوح اتخاذ قرار لتفعيل عمل الإدارة العامة أي تحسين الجباية".
وأضاف "نحن أمام مفترق طرق، فالاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظل إمكانات المركزي المحدودة يعني أنه لا بد من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل".
ولفت إلى أن "تحرير سعر الصرف وتوحيده يعني أن سعر الدولار المقوّم على الليرة اللبنانية يتم تحديده بحسب عمليات السوق من دون تدخل من المصرف المركزي".
وقال منصوري إن "القيادة الجديدة للبنك المركزي تخطط لفرض قيود صارمة على متى يمكن للبنك المركزي إقراض الحكومة".
وكان نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي قد صرح منذ أسبوع أن نواب سلامة اشترطوا لمواصلة مهامهم أن توفر لهم الحكومة اللبنانية ومجلس النواب الغطاء الذي يتيح لهم الشروع في إصلاحات طال انتظارها.
بدوره حث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نواب حاكم مصرف لبنان على البقاء في مواقعهم وفق ما ينص عليه القانون، مشددا على أنه لا خيار أمامهم في ظل هذه الظروف إلا أن يستلموا المهمة
وتنتهي اليوم الاثنين ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تولى منصبه في أغسطس/آب 1993 ومُدد له 4 مرات وواجه في السنوات الأربع الأخيرة دعاوى قضائية واتهامات بالاختلاس وتبييض أموال ينفي صحتها.
ولم تستطع حكومة تصريف الأعمال اللبنانية محدودة الصلاحيات تحديد خلف له قبل انتهاء مدته، في ظل خلاف سياسي حول السيناريو الواجب السير به، فيما تعاني البلاد من شغور رئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ووفق القانون اللبناني، يُعيّن حاكم المصرف المركزي لست سنوات بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، على أن يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية وفي حال شغور المنصب يتولى المهام النائب الأول لحاكم المصرف إلى حين تعيين البديل.
وعيّن منصوري، وهو شيعي، مع ثلاثة نواب آخرين للحاكم في يونيو/حزيران 2020. ويتم اختيار قيادات المصرف المركزي من خلال نظام لتقاسم السلطة بين الطوائف والذي يحكم اختيارات المناصب العليا الأخرى في لبنان.
وتم ترشيح منصوري في عام 2020 من طرف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتزعم حركة أمل الشيعية. والمنصوري تربطه ببري صلة قرابة عائلية من درجة بعيدة.
ويجب أن يكون حاكم المصرف من الطائفة المارونية في حين ينتمي نوابه إلى الطوائف الشيعية والسنية والدرزية والأرمنية وتتعين موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طائفة كل منهم على اختيارهم.
وعارض الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) تولي منصوري حاكمية مصرف لبنان ولو بصفة مؤقتة، خشية أن يتم تحميلهما مسؤولية الدوامة المالية الطاحنة التي يغرق فيها البلد.
كما يعكس رفض حزب الله وحركة أمل تكليف منصوري بالمهمة الجديدة عدم رغبتهما في إثارة غضب قوى مسيحية معارضة من الممكن أن تلتقط ذلك كمحاولة للاستحواذ على منصب مسيحي والانقلاب على اتفاق الطائف الذي قسم المناصب بمنطق المحاصصة الطائفية.