حكيم حرب يحكي سيرته الذاتية في 'القبطان الذي ضل طريقه نحو المسرح'

كتاب الفنان والمخرج الأردني يلخص رحلته في غزو المجهول من خلال العديد من أعمال مسرحية قمت بكتابتها وإعدادها وإخراجها على مدى أكثر من ثلاثين عاما.

الممثل والمخرج و الكاتب المسرحي الأردني الفلسطيني  حكيم حرب من مواليد قريوت نابلس عام 1966، حاصل على شهادة البكالوريوس في الإخراج والتمثيل المسرحي من "جامعة اليرموك" في الأردن عام 1988. له العديد من الأعمال المسرحية؛ منها: "المتمردة و الأراجوز"، و"هاملت يصلب من جديد"، و"ليلة سقوط طيبة" (الصورة)، و"مأساة المهلهل" وأعمال كثيرة نالت العديد الجوائز محليا وعربيا، هذا إلى جانب مبادرات مسرحية مثل: مسرح المقهى، والمختبر المسرحي الجوال، ومسرح السجون.  

ضمن هذا السياق صدر له عن الهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة صدر له ما يشبه السيرة الذاتية لمسيرته الإبداعية التي لأكثر 30 عاما في العمل المسرحي والإخراج والتمثيل كتابه السيرذاتي جاء بعنوان: "القبطان الذي ضل طريقه نحو المسرح".

التقينا الفنان حرب ليحدثنا عن كتابه وسيرته الحافلة بالكثير بالمنجزات على الصعد كافة في التمثيل والإخراج والكتابة للمسرح.

حرب عن كتابه الجديد يقول: كتابي الذي بعنوان "القبطان الذي ضل طريقه نحو المسرح" هو سيرة ذاتية ومحطات في مسيرة مسرح الرحالة الأردني، حيث أوثق فيه بدايات تعرفي على المسرح، بعد أن كنت أحلم بدراسة البحرية في اليونان لكي أصبح قبطاناً، ولكني عدت إلى الأردن لأتعرف في جامعة اليرموك على معلمي عبدالرحمن عرنوس الذي دلني على بحر أكثر رحابة وعمق، الذي هو المسرح، عندما قال لي بلهجته المصرية المحببة: 'عايز تبقى بحار اطلع على المسرح وأنت تكتشف البحر الحقيقي'، ومن يومها صعدت إلى الخشبة ولم أهبط عنها حتى اليوم، مكتشفاً قارات من الجمال وجزر من المعرفة، لأكتشف لاحقاً أن حلمي بدراسة البحرية ما هو إلا تعبير مجازي لم أكن أدرك معناه في ذلك الوقت.

وأضاف قائلا: "ورغبتي في الاكتشاف كانت تعني البحث والتجريب والمغامرة، بهدف اكتشاف حقيقة هذا العالم، وهو ما وجدته في المسرح، حيث تحول المسرح من يومها الى سفينة أقتحم من خلالها أعتى الأمواج وأكتشف أجمل القارات، مؤمناً بأن المسرح ميدان إثارة يمثل صراع الإنسان مع حقيقته، ومحاولته المستمرة لكشف القناع عن وجه الحياة". 

وأكد حرب أن كتابه من هذا المطلق يلخص رحلته  في غزو المجهول، من خلال العديد من الأعمال المسرحية التي قمت بكتابتها وإعدادها وإخراجها على مدى أكثر من ثلاثين عاما، مثل: "أغراب، المتمردة والأراجوز، هاملت يصلب من جديد، الشوك اللي في الورد، ميديا، جدارا، ابنة القمر وابن الشمس، ملهاة عازف الكمان، كوميديا حتى الموت، مكبث، مأساة المهلهل، خشخاش، نيرفانا، عرائس فوق مسرح متوهج، عصابة دليلة والزيبق، ليلة سقوط طيبة، جنونستان، وسالومي".

ويبّن في ثنايا كتابه أنه قد تناول الظروف المسرحية التي أنجزت خلالها كل عمل من هذه الأعمال المسرحية، والمهرجانات التي شارك فيها، والجوائز التي حصل عليها محلياً وعربياً، والفنانين الذين شاركوا معه في إنجاز هذه الأعمال، بالإضافة للظروف الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التي واكبت انجاز كل عمل من هذه الأعمال، على مدار أكثر من ثلاثين عام من الاشتباك مع المسرح.

 وتطرق كما ورد في الكتاب السيرة إلى التحول الذي أصاب طريقة عمله في المسرح، من حيث الانتقال من الأسطوري إلى الواقعي، ومن التراجيدي إلى الكوميدي الساخر والتهكمي، أو ما يعرف بالكوميديا السوداء، على أثر التحولات السياسية الدراماتيكية التي حدثت في عالمنا العربي، في خضم ما يسمى بالربيع العربي، وحالة الانهيار التي أصابت العديد من الأنظمة، وسيطرة حالة الفوضى والتطرف والعنف والفكر الظلامي على المشهد السياسي العربي. 

وبحث من خلال سرده كما إلى حالة التشاؤم التي سيطرت علي نتيجة الفوضى التي حلت في وطننا العربي، وتراجع دور المسرح واضمحلال الثقافة والفنون، والتي أدت إلى هجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتركه المسرح، ثم عودته إلى الأردن لعدم قدرته على التأقلم هناك، وعدم قدرته على هجران المسرح الذي يسري في عروقه، وتأسيسه للمختبر المسرحي الجوال لمدة سبع سنوات، والذي جاب فيه كافة المحافظات الأردنية، مدرباً لمئات الشباب هناك، ومكتشفاً لطاقات مواهب مسرحية جديدة وواعدة، ومحاولاً  احياء المسرح في المناطق النائية والأقل حظاً، لإيمانه الجديد بأن المسرح الحقيقي هو مسرح الناس وليس مسرح النخبة والجوائز والتنافس والمهرجانات. 

وكما تطرق الكتاب لتجاربه في مسرح السجون، من خلال تدريبه لعدد من السجينات والسجناء في مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن، محاولاً توظيف الدراما في عملية الإصلاح والتأهيل، ومحاولة تخليص المتدربين من الشوائب والتراكمات الذهنية والنفسية، وحماية الشباب من ظواهر العنف والجريمة والتطرف والمخدرات، عن طريق استثمار طاقاتهم في نواحي فنية وإبداعية بدلاً من أن يتم استغلالها في نواحي سلبية .

 وبحث الكتاب لتجاربه أيضا في مسرح الشارع ومسرح المقهى، كمحاولة منه ومن أعضاء فرقته المسرحية "فرقة مسرح الرحالة" التي أسسها عام 1991 ولا تزال تعمل حتى اليوم، في محاولة خلق جمهور مسرحي حقيقي بدلاً من جمهور النخبة والمهرجانات.  

وتطرق الكتاب كما يقول حرب، إلى زمن "كورونا" وحالة العزلة التي عاشها العالم والتي استثمرها في انجاز الكتاب، مثلما استثمرها في انجاز مسرحية "حلم ليلة حظر" التي حاول من خلالها المساهمة في رفع الروح المعنوية للناس من خلال المسرح، بعد الآثار السلبية التي خلقتها "جائحة كورونا".

وأختتم الكتاب كما يبّن المؤلف بتأسيسه لمهرجان "الرحالة لمسرح الفضاءات المفتوحة"، والذي حاول من خلاله جعل المسرح يذهب إلى الجمهور في الشوارع والساحات والحدائق العامة بدلاً من أن يذهب الجمهور إلى المسرح. 

وتأمل الفنان حرب أن يمثل كتابه خارطة طريق للأجيال المسرحية القادمة، لكي يختصر عليهم الكثير من الوقت والجهد والمعاناة خلال مسيرتهم المسرحية، بهدف تحقيق انجازات مسرحية أكثر صدقاً وجمالاً وإبداع.

وقدم شكره وتقديره للهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية للمسرح التي قامات بطباعة الكتاب ونشره وتوزيعه عربياً، وإهدائها له مائة نسخة من الكتاب حيث قمت بتوزيعها على المسرحيين العرب الذين شاركوا معنا هذا العام في الدورة الثانية لمهرجان "الرحالة لمسرح الفضاءات المفتوحة"، الذي أقامته فرقته المسرحية فرقة مسرح الرحالة بمشاركة محلية وعربية وأجنبية واسعة، حيث أقيم خلاله حفل توقيع للكتاب بالإضافة لندوة فكرية وتقييمية حوله، شارك بها نخبة من كبار المسرحيين الأردنيين والعرب.