العقوبات الأميركية تسرع إجراءات ملاحقة سلامة

هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تصدر قرارا بتجميد حسابات الحاكم السابق للمصرف وحسابات شقيقه ونجله ومساعدته وعشيقته السابقة.

بيروت - أعطت حزمة العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة بالتنسيق مع كل من بريطانيا وكندا على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، دفعة قوية للإجراءات المحلية المتعلقة بحق سلام وشركائه، كم أعطى ضوء أخضر لتسريع غلق هذا الملف الذي أرهق الدولة اللبنانية ولا يزال يشيع توترا في الشارع اللبناني.

وفي أحدث فصل من فصول ملاحقة رياض سلامة، أصدرت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان مساء الاثنين قرار بتجميد حساباته وحسابات شقيقه رجاء وابنه ندي ومساعدته السابقة ماريان الحويك وعشيقته السابقة آنا كوساكوفا.

ويأتي القرار على خلفية فرض الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة الخميس الماضي عقوبات اقتصادية بتهم فساد مالي على الحاكم السابق للمصرف المركزي اللبناني.

واعتبرت واشنطن أن "أنشطة سلامة الفاسدة وغير القانونية ساهمت في انهيار دولة القانون في لبنان". وتستهدف العقوبات الأميركية والبريطانية والكندية أيضا رجا سلامة وماريان الحويك، فيما أضافت واشنطن ولندن إلى القائمة العشيقة السابقة لسلامة آنا كوساكوفا. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات أيضا على نجل الحاكم السابق ندي سلامة.

وأظهر تقرير أولي لشركة "ألفاريز ومارسال" التي تتولى التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي في لبنان نشر الجمعة الماضي "سوء إدارة" وثغرات جذرية في آلية عمل المصرف طوال خمس سنوات.

وكان سلامة يُعتبر مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق منذ 2019، حُمّل كثر من أركان الطبقة الحاكمة، بينهم سلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة. وانتقدوا بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها حاكم البنك المركزي السابق، باعتبار أنها راكمت الديون.

وانتهت ولاية سلامة في 13 يوليو/تموز من دون تعيين خلف له في بلاد تشهد أزمة سياسية كبرى. وكلّف النائب الأول للحاكم وسيم منصوري (شيعي) مسؤوليات الحاكم بالوكالة.

وتأتي التطورات الأخيرة بينما تتصاعد الدعوات لإيقاف الحاكم السابق لمصرف لبنان بعد الاتهامات التي طالته بالفساد والإثراء غير المشروع والتسبب في الأزمة المالية التي تعرضت لها البلاد وذلك فيما يبدو أنه إشارة واضحة برفع غطاء الحماية السياسية عن سلامة.

وكانت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل اللبنانية القاضية هيلانة إسكندر قد دعت قبل نحو أسبوعين، وفق الوكالة الوطنية للإعلام، من هيئة الاتهام ببيروت توقيف سلامة وذلك بعد أن تسبب بخسائر بلغت 76 مليار دولار إضافة لانهيار الليرة اللبنانية بنسبة 98%.

ولسنوات طوية كان الكثير من اللبنانيين ينظرون إلى سلامة باعتباره العمود الفقري للنظام المالي حتى انهياره في 2019، حينها شاهد سلامة مكانته تتداعى إذ أدى الانهيار المالي إلى إفقار عدد كبير من المواطنين وتجميد ودائع معظم المدخرين في القطاع المصرفي الذي كان في السابق واحدا من أكبر القطاعات.

وتلطخت صورته أكثر عندما بدأت الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى في فتح تحقيقات حول ما إذا كان قد استغل منصبه لاختلاس المال العام وتكوين ثروة من ورائه.

وأصدرت السلطات الفرنسية والألمانية مذكرتي توقيف بحق سلامة في مايو/أيار. كما أشارت نشرتان باللون الأحمر صادرتان عن الإنتربول إلى أنه مطلوب في كلا البلدين.

وأشارت النشرة الحمراء الصادرة بناء على طلب فرنسا إلى بعض التهم منها غسل أموال منظم، بينما أكدت النشرة الصادرة بناء على طلب ألمانيا أنه مطلوب في تهم تتعلق بغسل الأموال أيضا.

وشهدت الأشهر الأخيرة له في المنصب دعوة بعض المسؤولين له لتقديم استقالته، بينما التزم آخرون الصمت.

في المقابل ينفي سلامة ارتكاب أي مخالفات وقال قبل أيام من مغادرته إنه "عمل وفقا للقانون واحترم الحقوق القانونية للآخرين" خلال فترة توليه المنصب.