احتجاجات السويداء تحيي شعارات الثورة السورية
السويداء/سوريا - تظاهر أكثر من ألفي شخص اليوم الجمعة في محافظة السويداء في جنوب سوريا استكمالاً لحراك مستمر منذ ثلاثة أسابيع بدأ احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية وتطور للمطالبة بـ"إسقاط النظام"، فيما تذهب بعض القراءات إلى القول إن نظام الرئيس بشّار الأسد الذي صمد طيلة أكثر من 12 عاما يواجه "ثورة جديدة".
وأظهرت صور ولقطات نشرتها صفحات لنشطاء على وسائل للتواصل الاجتماعي مجموعة من الرجال يمزقون لافتة عليها صورة الأسد كانت معلقة على فرع لاتحاد المزارعين. وبدأوا بعدها في إغلاق أبواب المكاتب.
ويتنامى في السويداء الاستياء من الأسد منذ بدأت المظاهرات هناك في منتصف أغسطس/آب بسبب رفع الدعم عن الوقود، الخطوة الأحدث في سلسلة إجراءات زادت الضغوط على المواطنين في وقت يعانون فيه بالفعل من أثر الانهيار الاقتصادي.
ومدينة السويداء هي عاصمة محافظة تحمل نفس الاسم وأغلب سكانها من الأقلية الدرزية. وظلت خاضعة لسيطرة الحكومة منذ بدء الحرب الأهلية وتجنبت بشكل كبير أعمال العنف التي شهدتها مناطق أخرى في البلاد.
ويندر الانتقاد العلني للحكومة في المناطق الخاضعة لسيطرتها لكن الوضع الاقتصادي يغذي الاستياء العام الذي بدأ يوجه بشكل متزايد للرئيس الأسد.
وأفاد أحد المشاركين في التظاهرة المركزية في مدينة السويداء بأن نحو ألفي شخص تظاهروا في ساحة الكرامة كما جرت العادة، يضاف إليهم مئات في قرى أخرى.
وعلى وقع الموسيقى، هتف المتظاهرون "نريد حرية، بالرغم عنك يا بشار، نريد حرية"، حاملين الرايات الملونة التي ترمز إلى الطائفة الدرزية.
وتتراجع حدة الاحتجاجات خلال الأسبوع لانشغال المواطنين بأعمالهم وتوفير تكاليف النقل، وفق ناشطين، في حين يزداد زخمها أيام الجمعة بشكل يعيد إلى الأذهان الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدتها سوريا في العام 2011 قبل أن تتحول الى نزاع دامٍ مستمر الى اليوم.
وقال ريان معروف من شبكة "السويداء 24" المحلية، والمتواجد خارج سوريا، إن متظاهري الجمعة في ساحة الكرامة أتوا من كافة أنحاء المحافظة.
وخلال أيام الحراك، أقفل محتجون مكاتب تابعة لحزب البعث الحاكم، وفق ناشطين. كما عمدوا خلال الأيام الماضية إلى تخريب صور للرئيس السابق حافظ الأسد.
ولمحافظة السويداء خصوصيتها، إذ أنه طيلة سنوات النزاع، تمكّن دروز سوريا إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.
وتتواجد الحكومة السورية في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية، فيما ينتشر الجيش حالياً على حواجز في محيط المحافظة.
ولذلك يرى ناشطون أن النظام لن يتمكن من تحريك عناصره لقمع المحتجين في السويداء، الذين خرجوا بداية لرفع الصوت ضد تدهور الأوضاع المعيشية.
وبعد أكثر من 12 عاماً من نزاع دام، تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، فاقمها زلزال مدمّر في فبراير/فبراير والعقوبات الاقتصادية المفروضة من الدول الغربية، خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99 في المئة من قيمتها. ولطالما اعتبرت دمشق العقوبات سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها.
وقد أودى النزاع بأكثر من نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.