تونس تشنّ حملة أمنية واسعة على مهرّبي البشر
تونس - شنت القوات الأمنية التونسية، مدعومة بطائرات ووحدات مكافحة الإرهاب، حملة واسعة النطاق في محافظة صفاقس تهدف إلى وقف موجات تدفق آلاف المهاجرين نحو إيطاليا وتستهدف مهربي البشر، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن هذه العملية تأتي بتوجيهات من الرئيس التونسي قيس سعيد.
وداهمت وحدات من الحرس الوطني التونسي منازل تؤوي مئات المهاجرين واعترضت شاحنات تحمل مهاجرين باتجاه الشواطئ واحتجزت العديد من القوارب وألقت القبض على مهربين. واستخدمت أيضا وحدات من القوات الخاصة التابعة للحرس وطائرات وكلاب.
وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك اليوم السبت إن الحملة تاتي بناء على تعليمات من الرئيس قيس سعيد لمواجهة "التدفق غير المقبول للمهاجرين".
وأوضحت أن "الحملة الأمنية لاقت استحسان متساكني صفاقس خاصّة بعد فرض الأمن العام بالمحافظة وإعادة السير العادي لجميع المرافق العمومية"، مشددة على "ضرورة احترام القانون وعزمها على مواصلة تنظيم مثل هذه الحملات الأمنية لدعم الجهود الرامية لمقاومة مختلف مظاهر الجريمة قصد الحفاظ على سلامة المواطنين".
وتأتي المداهمات والاعتقالات التي طالت مئات المهاجرين والعديد من المهربين، في الوقت الذي تواجه فيه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية عددا قياسيا من المهاجرين الذين يصلون إليها على متن قوارب. ووصف المسؤولون المحليون الوضع بأنه "مأساوي".
وطوق المئات من العناصر الأمنية التونسية أماكن تعرف بأنها "نقاط أمنية سوداء" في مناطق جبينانة وقرقنة والمساترية وفي صفاقس، التي أصبحت نقاطا رئيسية لمغادرة قوارب الهجرة باتجاه إيطاليا.
وقال العميد في الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن العملية الجوية تستهدف الوسطاء والمهربين الذين يتاجرون بآلام الناس.
وقال رئيس بلدية جزيرة لامبيدوزا الصغيرة في إيطاليا الأسبوع الماضي إن أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئها تتزايد، بعد وصول نحو 7000 شخص من شمال أفريقيا على متن قوارب خلال يومين، مضيفا أن الجزيرة الإيطالية وصلت الآن إلى "نقطة اللاعودة والجزيرة في أزمة".
ووصل حوالي 120 ألف مهاجر في قوارب إلى إيطاليا منذ بداية العام، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجل في نفس الفترة من عام 2022 والذي بلغ 64 ألفا، وفقا لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية.
ووقعت تونس والاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز الماضي اتفاق شراكة إستراتيجية يهدف إلى كبح تدفق المهاجرين، فيما تعهد التكتل بتقديم مليار يورو لتونس بهدف دعمها في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
وشدد الرئيس قيس سعيد في مناسبات سابقة على أن شبكات إجرامية تقف وراء عمليات الهجرة غير النظامية انطلاقا من سواحل صفاقس، لافتا إلى أن "المهاجرين الأفارقة لم يتخذوا من تونس مقصدا لهم إلا لأنه تم تعبيد الطريق أمامهم من قبل العصابات الإجرامية التي تستهدف الدول والبشر".
وكان سعيد واضحا في موقفه خلال مفاوضاته مع الوفود الأوروبية التي تقاطرت على تونس قبل توقيع اتفاق الشراكة، إذ أكد رفضه القاطع لأن تلعب بلاده دوري شرطي حدود أو أن تتحول إلى محتشد لتوطين المهاجرين.
ودعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني الجمعة الاتحاد الأوروبي إلى التحرك بشكل مشترك "ببعثة بحرية إن لزم الأمر" لمنع المهاجرين من عبور البحر المتوسط من شمال أفريقيا.
وأثارت موجات الهجرة الأخيرة ردود فعل سياسية عديدة، سواء في إيطاليا أو في الدول المجاورة.
وقال ماكرون الجمعة إن الوضع في لامبيدوزا يُظهر أن "المقاربات القومية البحت لها حدودها"، متمنيًا عدم "ترك إيطاليا وحيدة مع ما تعيشه اليوم"، دون أن يوضح ما إذا كانت فرنسا ستستقبل مهاجرين من لامبيدوسا.
وتوترت العلاقات بين روما وباريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بعدما رفضت إيطاليا استقبال السفينة الإنسانية "أوشن فايكينغ" و230 مهاجراً على متنها، ما دفع فرنسا إلى السماح لها بالرسوّ في موانئها مندّدة بالوقت نفسه بسلوك روما "غير المقبول".
وتنتقد رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، التي ترأس حزب "فراتيلي ديتاليا" ذا التوجه الفاشي، الدول الأوروبية الأخرى لعدم قيامها بدورها في استقبال مهاجرين فيما ايطاليا على خطّ المواجهة الأمامي.
وقالت ميلوني الجمعة في رسالة مصورة بثها مكتبها إن "ضغط المهاجرين الذي تتعرض له ايطاليا منذ بداية العام لا يمكن تحمله. إنه نتيجة الحال الدولية الصعبة" في أفريقيا.
ولاحظت أن "عشرات ملايين الاشخاص" في أفريقيا قد يرغبون في مغادرة بلدانهم بسبب الانقلابات او المجاعة، مضيفة "من المؤكد أن إيطاليا وأوروبا لا تستطيعان استقبال هذا الحجم الهائل" من المهاجرين.
ووجهت رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين داعية إياها إلى زيارة لامبيدوزا ومعاينة الوضع في شكل مباشر. كذلك، طالبت رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بإدراج قضية الهجرة على جدول اعمال قمة الاتحاد الاوروبي في أكتوبر/تشرين الأول معلنة أن حكومتها تعتزم اتخاذ تدابير استثنائية.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الجمعة "تحرّك إيطاليا وحدها لا يكفي" وتحدّث مع نظيره الفرنسي جيرالد دارمانان واتفقا على ضرورة "التعزيز السريع للتعاون العملي قبل كل شيء" مع الدول التي ينطلق منها المهاجرون بهدف "منع" عمليات العبور الجديدة.
وحثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دول الاتحاد الأوروبي في بيان الجمعة على التحلّي بـ"روح تقاسم المسؤولية والتضامن مع الدول التي يصل إليها المهاجرون أولًّا".