علي الزنايدي يشع في 'ديفونا' الفرنسية بـ'أنوار متوسطية'

التشكيلي التونسي يقدم 35 لوحة فنية ومجال آخر ليرى المتقبل هناك جانبا من تونس ومشاهدها وأنوارها وتقاليدها ومعمارها حيث الفن رسالة جمال وعنوان حوار ومحبة وسلام.

في هذا العالم المعولم يأتي الفن كحاضنة تثاقف ولقاء وحوار بوجه الالغاء والصدام حيث الفكرة الفنية والجمالية القائلة بالكائن وهو يرى ذاته في جهات ماعددة في عوالم بها أصوات وألوان شتى تمضي الى نقطة في القول اسمها الجمال..و هكذا كان الفن عنوانا لافتا في حياة الناس والكائنات والأشياء نحتا للقيمة وقولا بالينابيع والأسئلة الدالة على الجوهر.

في هذا السياق من التفاعل الثقاعل الثقافي وتجسير العلاقة بين الجهات والضفاف كان معرض الفنان التشكيلي علي الزنايدي وفق عنوان هو " أنوار متوسطية " بقرنسا..و انتظم المعرض في مقاطعة "اللوط" وعاصمتها "كاهور" التي تبعد حوالي 120 كلم عن مدينة تولوز وتضم 25 ألف من السكان وتقع على ضفاف نهر اللوط الذي يحيط بها ليغيب في متاهات الغابات والهضاب.

وكاهور هي مكان التراث المادي واللامادي وهي راسخة في القدم منذ قبائل "القولوا" والعهد الروماني يتبعه القروسطي وتعتبر مركزا سياحيا وثقافيا وفلاحيا مهما.

تقنيات متعددة منها الكولاج والأكريليك على القماش والتقنيات المزدوجة والرسم الخطي ..هو معرض الى تونس بألوانها وأضوائها ومصادر الالهام بها كأرض هوية للفنان علي الزنايدي، وعن تجربة هذا المعرض في مسيبرة الفنان التشكيلي علي الزنايدي يقول "معرضي الشخصي هذا يحوي 35 من أعمالي الفنية يسعدني في هذا المعرض الحدث أن أعرض جانبا من أعمالي الفنية النابعة من طفولتي حيث الذاكرة الفنية الحية التي تشير الى موطني والحي الذي شهد بداياتي الفنية ومن حي باب الجزيرة حيث فترات الستينيات من القرن الماضي وما جمعنا بثقافات وأناس عاشوا معنا آنذاك وأثروا فينا وأثرنا فيهم وفق التثاقف الانساني والوجداني وأذكر الوافدين منهم من مالطا وسيسيليا والجزائر والمغارب وليبيا.

وهذا الخليط المتفاعل في المكان المتوسطي بمظاهره المعمارية والتزويقية وحيث الأنوار والضوء البارز في دهشة بول كلي وهو يكتشفه بدايات القرن الماضي، وهو ما كان له الأثر العميق في رسوماتي ولوحاتي الفنية التي بدأت بالتجريد لتمضي الى التشخيصي حيث العبارة التشكيلية الدالة على جماليات الفن وهو يرصد التفاصيل والخصوصيات والتقاليد واللباس والمجتمع في حركته وتفاعلاته، حيث حركة الفن التشكيلي التونسية آنذاك وما تزخر به من تجارب  وتيارات فنية مخالفة، من هنا كانت لوحاتي المعروضة في هذا المعرض" أنوار متوسطية.

وهذا المعرض هو مناسبة واشارة الى تونس وثقافتها وتراثها ومعمارها ومشاهدها وتقاليدها ليرى الزائر مظاهر الابداع والامتاع والخصائص والتنافذات الحضارية التي هي صميم الفن ورسالته بعيدا عن الصدام والانفعال والخراب.

"المعرض هو تعبير عن ارتباطي وصلتي بتونس الجذور والأعماق والنبع وفق فضاء الطفولة والذاكرة والوجدان كل ذلك استلهاما من الحياة..حياة الفنان ومعيشه".

ويأتي  هذا المعرض ضمن سياقات التجربة الفنية علي الزنايدي فنان وتجربة... نعم ان الألوان تتكلم لتقول.. بل تصرخ نشدانا للعين لترى ما به يصير المشهد عنوانا باذخا من عناوين الابداع والامتاع في تجليات شتى يلونها السحر والشجن المبثوث بين التفاصيل والأجزاء.

ان الفنان يظل يسابق الرياح للقبض على المعاني وكنهها الانساني والوجداني وألوانها الملائمة في حيز انساني يتسم بالتعميم والتعويم ونثر الضباب لتقليص البون بين الحالة والآلة.

لوحات بالألوان وأخرى بالخطوط، والكولاج بخبرة الفنان ليصبح وجها من وجوه اللوحة جمالي، كل ذلك وفق ايقاع فني عرف به علي الزنايدي وراح ضمنه يطور أساليب العمل والبحث والابتكار.

والزمن في كل ذلك اطار متحرك ومفتوح.. نعم.. هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني..لتبرز القيمة والعلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة اطارا حرا وفسيحا لمحاورة الذات والآخرين والعالم.

من حي باب الفلة وفي أجواء نهج السبخة  بهدوئه وناسه الطيبين وأزقته الشاسعة بالمحبة والشجن كانت الخطى الأولى حيث الطفل المتوغل في مسارب اللون والعبارة المرسومة على الملامح وفي الوجوه.. من صحن الدار العربي ولمعان الجليز والأصوات المنبعثة من السوق حيث الأمتار القليلة الفاصلة عن المدينة العربي..

 من كل هذا وغيره بزغت فكرة الذهاب الجمالي في التعاطي مع القماشة منذ السبعينات..هي الرحلة المفتوحة الى الآن، على الفن بما هو المحبة وكذلك الشجن..تجربة بينت عمقها وأصالة عناوينها لتبرز قوية ومهمة في تونس والوطن العربي عموما الى جانب تجارب أخرى.

من هذا الباب الذي سميناه الحلم.. ألج عوالم أحد هؤلاء الفتية المأخوذين بالفن بما هو الحلم الذي تتعدد تيماته ..حيث البساطة التي تصول وتجول في الدروب..الشوارع والأحياء والمدن ..و البساطة هي أصعب أعمال الفنان..الفتى هو الفنان علي الزنايدي الذي اتخذ لفنه نهجا مخصوصا ضمن تجربة امتدت لأكثر من أربعة عقود تميزت بدأبها الجمالي، الفنان علي الزنايدي يستبطن جيدا جغرافيا المدينة ودلالات ألوانها وعطورها من حكايات وذاكرة ومناسبات وعلامات وتقاليد.

ان أسلوب الزنايدي اتخذ خطه الخاص به حيث المفردة التشكيلية لا تلوي على غير القول بالعمق المرادف للبساطة وفق عنوان عام هو حميمية الفهم لحظة النظر حيث تنعدم حالة الانبهار تجاه الفنان والانسان..انها فقط لحظة ارضاء الذات التي يحتشد فيها ذلك التراكم الثقافي والوجداني والشعبي بمعناه العميق، وهنا تشتغل قدرات الزنايدي.

هذا المعرض المنتظم بمقاطعة "اللوط" وعاصمتها "كاهور" التي تبعد حوالي 120 كلم عن مدينة تولوز بفرنسا مجال آخر ليرى المتقبل هناك جانبا من تونس ومشاهدها وأنوارها وتقاليدها ومعمارها حيث الفن رسالة جمال وعنوان حوار ومحبة وسلام.