السلطة الفلسطينية ترفض استلام أموال الضرائب منقوصة

الكابينيت الاسرائيلي يوافق على خطة لتحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية من خلال النرويج كطرف ثالث بضمان أميركي.

القدس – أعلنت وزارة المالية الفلسطينية رفض استلام أموال عائدات الضرائب "المقاصة"، بعدما استقطعت إسرائيل جزءا منها "مخصصات قطاع غزة".

و قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إن "أي انتقاص من حقوقنا المالية أو أي شروط تضعها إسرائيل تقوم على منع السلطة الوطنية الفلسطينية من الدفع لأهلنا في قطاع غزة، مرفوضة من جانبنا".
وطالب الشيخ، في تدوينة على حسابه في موقع إكس ، "المجتمع الدولي بوقف هذا التصرف القائم على القرصنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني وإجبار إسرائيل على تحويل أموالنا كافة".

وصادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “الكابينيت”، الأحد على "خطة لتحويل أموال المقاصة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية" من خلال النرويج كطرف ثالث.

ويقضي القرار الإسرائيلي، بطلب من الإدارة الأميركية، بإيداع أموال المقاصة، بمبلغ يتراوح بين 75 إلى 800 مليون شيقل، في حساب في النرويج، وأن بإمكان السلطة الفلسطينية الحصول على حصة الضفة الغربية من النرويج، وبقاء حصة قطاع غزة في هذا الحساب.

وحسب القرار، يحظر على النرويج أن تنقل أموالا إلى غزة، حتى لو كانت على شكل قرض، وفي حال تم ذلك، فإن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مخوّل بوقف تحويل هذه الأموال.

وبموجب اتفاقات السلام المؤقتة التي تم التوصل إليها في التسعينيات، تقوم وزارة المالية الإسرائيلية بجمع الضرائب نيابة عن الفلسطينيين وإجراء تحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب وتمارس سلطات محدودة في الضفة الغربية المحتلة.

ولكن هناك خلافات مستمرة بين الجانبين حول هذا الترتيب، بما في ذلك مطالبات إسرائيلية بعدم وصول الأموال إلى حماس التي تعتبرها إسرائيل ومعظم دول الغرب جماعة إرهابية.

وسيطرت حماس على غزة من السلطة الفلسطينية في عام 2007 بعد مواجهات قصيرة وبعد عامين من سحب إسرائيل للمستوطنين والقوات العسكرية. وعلى الرغم من سيطرة حماس على القطاع، احتفظ الكثيرون من موظفي القطاع العام التابعين للسلطة الفلسطينية في غزة بوظائفهم واستمروا في الحصول على رواتبهم من عائدات الضرائب المحولة.

وتخوض إسرائيل الآن حربا في غزة للقضاء على حماس بعد هجوم شنه مسلحو الحركة على إسرائيل من القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن قرار مجلس الوزراء يحظى بدعم النرويج والولايات المتحدة، وهو ما سيكون ضامنا لاستمرار إطار العمل.

وأضاف مكتب نتنياهو إن الأموال أو ما يعادلها، لن يتم تحويلها "بأي حال إلا بموافقة وزير المالية الإسرائيلي، ولن يكون ذلك أيضا من خلال طرف ثالث".

وأكد متحدث باسم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن النرويج ستتسلم الأموال وفقا لهذا الترتيب. وقال سموتريتش الذي طالما عارض تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية "لن يذهب ولا شيقل إلى غزة".

وهذه هي المرة الثانية عشرة منذ 30 عاما، تستخدم إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية كورقة ابتزاز لتحقيق أهداف سياسية أمام الفلسطينيين، الذين يواجهون أزمة مالية واقتصادية كبيرة.

وفي نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، أعلنت إسرائيل عن تحويل أموال المقاصة "منقوصة" إلى الجانب الفلسطيني، بعد خصم مبلغ 270 مليون شيكل (73 مليون دولار)، تمثل مخصصات كانت تحول شهريا إلى قطاع غزة.

ورفضت السلطة الفلسطينية تسلم المبلغ منقوصا، الأمر الذي أدخلها في أزمة مالية عميقة، دفعها إلى تعليق صرف أجور موظفيها العموميين، قبل أن تقوم البنوك العاملة في فلسطين، بإقراض الحكومة جزءا من فاتورة الأجور.

وفي 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، حذرت واشنطن، إسرائيل من أن عدم تحويل أموال الضرائب إلى السلطة "سيؤدي لانهيارها، باعتبارها مصدر الدخل الرئيسي لها".

وأموال المقاصة، هي مجموعة الضرائب والجمارك والمكوس المفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية (البرية والبحرية والجوية).

ولا تسيطر السلطة الفلسطينية على أي معبر من الخارج، فجميعها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، باستثناء معبر رفح والذي كانت تسيطر عليه حركة حماس من الجانب الفلسطيني.

ويبلغ متوسط أموال المقاصة شهريا، قرابة 950 مليون شيكل (256.7 مليون دولار)، لكن ما كان يصل الجانب الفلسطيني قبل الحرب على غزة، يبلغ متوسط 750 مليون شيكل (203 ملايين دولار).

بينما المبلغ المتبقي البالغ 150 مليون شيكل (40.5 مليون دولار)، تقتطعه إسرائيل مقابل ديون على الفلسطينيين لشركات الكهرباء والمياه وبعض الغرامات، وأقساط ديون إسرائيلية على السلطة الفلسطينية.

كما يتألف المبلغ المقتطع، من مبلغ مساو لمخصصات الأسرى في السجون الإسرائيلية، التي تقدمها الحكومة الفلسطينية لهم بشكل شهري، إذ تقتطع إسرائيل مبلغ 60 مليون شيكل شهريا (16.2 مليون دولار) يعادل ما تقدمه السلطة الفلسطينية للأسرى.

وتمثل أموال المقاصة، ما نسبته 65 بالمئة من مجمل دخل الحكومة الفلسطينية، وبدونها لن تكون قادرة على توفير أجور الموظفين، ولا الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مؤسساتها الحكومية.

بينما النسبة المتبقية البالغة 35 بالمئة من مجمل دخل الحكومة، فيأتي من قناتين؛ الأولى جبايات ضريبية محلية في الضفة الغربية، والثانية منح خارجية بمتوسط سنوي لا يتجاوز 300 مليون دولار.

قبل أزمة المقاصة، كانت الحكومة الفلسطينية تصرف رواتب منقوصة لموظفيها البالغ عددهم 145 ألف موظف، وذلك منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2021، بسبب تراجع المداخيل المالية.

بينما اليوم، ومع أزمة المقاصة، فإن القطاع المصرفي الفلسطيني، أصبح الممول الأبرز لفاتورة الأجور للموظفين الحكوميين، وهو ما أضاف أعباء على البنوك بسبب ارتفاع نسبة الإقراض الحكومي.