
زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط تحيي الآمال في هدنة جديدة بغزّة
القدس - عبر فلسطينيون يعيشون تحت القصف في غزة اليوم الاثنين عن أملهم في أن تفضي زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة إلى هدنة في الوقت المناسب لتجنب هجوم جديد تهدد إسرائيل بشنه على آخر ملاذ لهم على أطراف القطاع.
ووصل بلينكن إلى السعودية المحطة الأولى في جولته الجديدة بالشرق الأوسط، في وقت تحاول فيه واشنطن إعطاء دفعة للمفاوضات بين المملكة وإسرائيل بخصوص اتفاق تطبيع العلاقات بينهما وكذلك إحراز تقدم في المحادثات الخاصة بحكم غزة بعد الحرب.
وتأتي خامس جولة يقوم بها بلينكن إلى المنطقة منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في لحظة محفوفة بالمخاطر ووسط ضربات تشنها الولايات المتحدة على الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في سوريا والعراق واليمن.
ومن المقرر أيضا أن يزور بلينكن مصر وقطر وإسرائيل في وقت لاحق من الأسبوع الجاري لإعطاء دفعة للمحادثات التي تتوسط فيها مصر وقطر مع حماس للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن.
وقال مسؤول أميركي إن بلينكن التقى بولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في الرياض.
ولم ترد حركة حماس بعد على العرض الذي سلمه لها وسطاء قطريون ومصريون الأسبوع الماضي وتقول إنها تريد مزيدا من الضمانات بأنه سينهي الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر في قطاع غزة.
وتأتي الحملة الدبلوماسية الأميركية في وقت تحاول فيه واشنطن أيضا منع زيادة التصعيد في أماكن أخرى بالمنطقة، وبعد يومين من الضربات الجوية التي شنتها على جماعات مسلحة موالية لإيران في أرجاء الشرق الأوسط.
وفي الوقت نفسه، واصلت إسرائيل الهجمات وهددت باجتياح بري جديد في مدينة رفح الصغيرة حيث يتكدس أكثر من نصف سكان غزة الآن على حدود القطاع الجنوبية مع مصر ويعيشون في خيام مؤقتة.
وقالت مصادر على دراية بالمحادثات إن مقترح وقف إطلاق النار يشمل هدنة لمدة 40 يوما على الأقل ستطلق خلالها حماس سراح رهائن من ضمن من تبقي من 253 رهينة كانت قد اقتادتهم إلى غزة في الهجوم المباغت الذي شنته على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ومن شأن الهدنة أن تتيح دخول المساعدات للتخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة وتسمح لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بالعودة إلى منازلهم التي هجروها خلال الحرب. واستمرت الهدنة السابقة أسبوعا واحدا.
وقال يامن حمد (35 عاما) وهو أب لأربعة أطفال بمدرسة تابعة للأمم المتحدة في دير البلح بوسط غزة تم التواصل معه عبر تطبيق مراسلة "بدنا الحرب تنتهي، وبدنا نرجع لبيوتنا، هاد كل إللي بدنا إياه في هاي المرحلة". وتعد المنطقة واحدة من الأماكن القليلة التي لم تتقدم فيها الدبابات الإسرائيلية بعد، وهي مكتظة الآن بعشرات الآلاف من العائلات النازحة.
وأضاف "طول اليوم كل إللي بنعمله إنه بنسمع الأخبار في الراديوهات الصغيرة وبنتابع الأخبار على الإنترنت بندور على أمل، بنتأمل إنه بلينكن يضغط على نتنياهو ويقوله بيكفي ونتأمل من فصائلنا إنه يكون قرارها في مصلحة شعبنا الفلسطيني".
وفي واحدة من أكبر المعارك في الحرب، تقدمت الدبابات الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين في خان يونس، المدينة الرئيسية في الجنوب التي يأوي إليها بالفعل مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من مناطق أخرى. وتجدد القتال في مدينة غزة شمال القطاع، في مناطق كانت إسرائيل قد أعلنت أنها أخضعتها في الشهرين الأولين من الحرب.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الاثنين إن قواته قتلت عشرات المسلحين الفلسطينيين في مناطق بشمال ووسط وجنوب قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ووصف الفلسطينيون قتالا عنيفا في مدينة غزة، وخاصة في المناطق الغربية القريبة من ساحل البحر المتوسط والتي تعرضت لقصف السفن الحربية الإسرائيلية.
وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إنهم انتشلوا جثث 14 شخصا قتلوا في غارة جوية على خان يونس خلال الليل. وأكدوا مرارا في الأيام الماضية أن رجال الإنقاذ غير قادرين على الوصول إلى كثير من القتلى والجرحى في المدينة.
وتقول سلطات غزة أن أكثر من 27 ألف فلسطيني تأكد مقتلهم في الهجوم الإسرائيلي، فيما تقبع جثث آلاف آخرين تحت الأنقاض. وتقول إسرائيل إنها قتلت 10 آلاف مسلح وفقدت 226 جنديا في القتال في غزة منذ هجمات حماس.
وبعد أن أعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي أنها تستعد لهجوم بري محتمل على رفح، قالت وكالات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة إنها تخشى أن تكون العواقب الإنسانية كارثية بعدما لم يتبق مكان للسكان يفرون إليه.
ويخشى سكان غزة من أن يؤدي التوغل في رفح إلى إخراجهم من القطاع نهائيا إلى مصر التي ترفض أي محاولة لإجبارهم على العبور.
وقال مسؤول إسرائيلي إن الجيش سينسق مع مصر ويبحث سُبل إجلاء معظم النازحين شمالا قبل أي عملية تمشيط برية في رفح.
ومن الممكن أن يَحول اتفاق وقف إطلاق النار دون وقوع هذا الهجوم، ولكنه يعني تعليق العمليات العسكرية الإسرائيلية مؤقتا دون تحقيق هدفها المعلن بالقضاء على حماس. وقال بعض وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو إن الاستقالة أفضل من دعم هذا الاتفاق.
ويقول نتنياهو إنه ملتزم بتحقيق "النصر الكامل" وإن أي وقف للقتال لن يكون إلا بصورة مؤقتة ما دام مقاتلو حماس طلقاء. وتقول الحركة إنها لن توافق على هدنة أو إطلاق سراح الرهائن إن لم تحصل على ضمانات بأن إسرائيل ستنسحب من غزة وتُنهي الحرب.
وذكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الأسبوع الماضي أنه سيسافر إلى القاهرة لتقديم رده على مقترح وقف إطلاق النار، لكن حماس لم تحدد موعدا لرحلته.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المفاوضات إن رد حماس قد يأتي "قريبا"، لكن الأمر متروك لبلينكن لحث نتنياهو على تقديم تنازلات من ِشأنها إتمام الاتفاق.
وأضاف المسؤول "نتنياهو لا يريد وقف الحرب وهو فقط يبحث عن صفقة تبادل للإفراج عن الرهائن، هذا أقل مما يمكن لشعبنا أن يقبل به".
وتابع "حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى تطلب ضمانات بأن الاحتلال سوف يلتزم بإنهاء الحرب على قطاع غزة وبإخراج قواته من هناك، هذه هي مطالب رئيسية... باستطاعة الأميركيين أن يفرضوا قيودا على نتنياهو إن أرادوا إنجاح الوساطة".
وحذر ملك الأردن عبدالله الثاني ورئيس دولة الإمارات الشيح محمد بن زايد آل نهيان اليوم الاثنين من تداعيات استمرار الحرب على قطاع غزة، مؤكدين على ضرورة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية وذلك خلال لقائهما في قصر بسمان الزاهر بالعاصمة عمان، في إطار زيارة غير معلنة مسبقا أجراها الشيخ محمد إلى المملكة واستمرت لساعات معدودة، وفق بيان للديوان الملكي.
وذكر البيان أن اللقاء يأتي "في إطار التنسيق المستمر والجهود المبذولة لوقف الحرب على غزة" وأكد الجانبان "ضرورة تكثيف العمل لوقف إطلاق النار في غزة وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية للأهل في القطاع بشكل كاف ودائم" وحذرا من "تداعيات استمرار الحرب على غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية".
وأكد الملك عبدالله "ضرورة استمرار المجتمع الدولي بدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا' لتمكينها من تقديم خدماتها الإنسانية الحيوية وفق تكليفها الأممي، لا سيما في ظل الوضع الإنساني المأساوي في غزة".

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" اليوم الاثنين تعرض قافلة مساعدات غذائية تابعة لها، لنيران البحرية الإسرائيلية، بينما كانت ننتظر الانتقال إلى شمال قطاع غزة.
وقال مدير شؤون "أونروا" بغزة توماس وايت على منصة "إكس" "هذا الصباح، تعرضت قافلة غذائية كانت تنتظر الانتقال إلى شمال غزة لنيران البحرية الإسرائيلية ولحسن الحظ لم يصب أحد بأذى".
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اليوم الاثنين إن إسبانيا سترسل إلى الوكالة الأممية مساعدة إضافية قدرها 3.5 مليون يورو (3.8 مليون دولار).
وعلق مانحون رئيسيون للأونروا ومن بينهم الولايات المتحدة وألمانيا التمويل بعد اتهامات بأنه يشتبه في تورط نحو 12 من بين عشرات الآلاف من موظفي الوكالة الفلسطينيين في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي نفذتها حماس في إسرائيل.
وقال ألباريس في حديث لمشرعين "الأونروا في وضع بائس ويوجد خطر حقيقي يهدد بإصابة أنشطتها الإنسانية في غزة بالشلل في غضون أسابيع قليلة".
وقدمت مدريد مساهمات مباشرة قيمتها 18.5 مليون يورو للأونروا في 2023، من بينها عشرة ملايين يورو تمت الموافقة عليها في ديسمبر/كانون الأول بعد قرار زيادة المساعدات التنموية والإنسانية للأراضي الفلسطينية بثلاثة أمثال.
وأعلنت الجارة البرتغال يوم الجمعة عن مساعدات إضافية للأونروا بقيمة مليون يورو. وكتب وزير الخارجية جواو كرافينيو على منصة التواصل الاجتماعي إكس "من الضروري ألا ندير ظهورنا للفلسطينيين في هذا الوقت الصعب".