وثائقي على شاشات دكار الكبيرة يعكس علاقة المغرب بالسنغال
دكار - عاد المخرج السنغالي عبدالرحمن فال إلى أصول العلاقات القوية بين بلاده السنغال والمغرب مبرزا العاصمة الروحية للمملكة والطريقة التيجانية، وذلك من خلال فيلمه الوثائقي "من فاس إلى تيفاوان، إلى منابع التيجانية" (De Fes à Tivaouane, aux sources de la Tijanya) الذي قدم عرضه ما قبل الأول في دكار، بحضور جمهور من الشخصيات الثقافية والدينية والدبلوماسية.
وشارك في الإطلاق الرسمي للفيلم، الجمعة، سفير المغرب بالسنغال حسن الناصري، ومن الجانب السنغالي حضر كاتب الدولة في الثقافة والصناعات الثقافية والتراث بكاري سيسي، كما حضر ممثلون عن المراكز الدينية للطريقة التيجانية في السنغال، فضلا عن عدد من الشخصيات وجمهور غفير.
وركز عبدالرحمن فال عدسات كاميراته كما قلمه على الطريقة التيجانية بالعودة إلى منابعها، مبينا الروابط العميقة القائمة بين جماعة إخوان تيجان، لاسيما بمدينة تيفاوان والمدينة الروحية لفاس، حيث دفن مؤسس الإخوان الشيخ أحمد التيجاني.
والتيجانية جماعة صوفية أسسها الشيخ أحمد التيجاني بين عامي 1781 و1782 وانتشرت في أفريقيا وآسيا وأجزاء أخرى من العالم.
وقال مخرج العمل ومؤلفه عبدالرحمن فال لوكالة المغرب العربي للأنباء "من فاس إلى تيفاوان، إلى منابع التيجانية" هو "توغل في قلب الطريقة التيجانية، بدأ في ديسمبر/كانون الأول 2018 برحلة إلى المغرب، وبشكل أكثر تحديدا إلى فاس، حيث يرقد الشيخ المبجل أحمد تيجاني"، مشيرا إلى أن الفيلم تم إنتاجه بدعم من شركاء مغاربة وصندوق النهوض بالصناعة السينمائية والسمعية البصرية في السنغال ومساهمة الإذاعة والتلفزيون السنغالية "RTS1".
وتم تصوير الفيلم الوثائقي خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و2021 مع حصول انقطاع بسبب قيود جائحة كورونا.
وشدد المخرج على أنه "بعيدا عن الجانب الديني والعقائدي المحض للتيجانية، أردنا مراجعة القضايا الدبلوماسية والجيوسياسية لهذه الطريقة الصوفية"، مشيرا إلى أن الفيلم يعيد النظر أيضا في تاريخ العلاقات الممتدة منذ قرون بين السنغال والمغرب.
وتجسد وجوه من السنغال الشخصيات الدينية التاريخية التي تعكس هذه الأخوة، ومن بينهم الحاج عمر فتيو التل، الحاج مالك سي، والحاج إبراهيما نياس.
وتمت الإضاءة على امتداد أكثر من الساعة على أهمية المراكز الدينية التيجانية في الفيلم بشكل كافٍ من خلال تحليلات المتحدثين مثل الدكتور باكاري سامب من معهد تينبوكتو والأكاديمي عبدو عزيز كيبي.
ووفق وكالة الأنباء السنغالية، قال عبدالرحمن فال على هامش العرض ما قبل الأول للفيلم إن "الروابط التاريخية بين السنغال وبلدان المغرب العربي وخاصة المغرب هي ثمرة عملية طويلة كان للدين فيها دور لا يمكن إنكاره".
ويقدم الفيلم بشكل خاص رحلة تبدأ من المسجد والزاوية بالرباط، مرورًا بآثار مدينة فاس ومواقعها التاريخية قبل السفر عبر تيفاوان، ومدينة باي، ولوغا، وتيس، وبودور، وهالوار، وهي المناطق السنغالية حيث تواجدت جماعة تيديان.
ويدعو فال إلى ضرورة استفادة السنغال من هذه المراكز لتنشيط السياحة الدينية على غرار ما تقوم به مدينة فاس المغربية، موضحا "في المغرب تمكنوا من الاستفادة من البعد الديني لفاس على المستوى السياحي. إذا كانت فاس تتمتع بهذا البعد الثقافي والديني، فإننا ندين بذلك للأفارقة جنوب الصحراء.. يجب أن تكون السنغال قادرة على الاستفادة من التيجانية"، مشيرا إلى أن عدد أتباع الإخوان على سبيل المثال، يقدر بـ200 مليون، منهم 7 ملايين في السنغال.
وأكد بكاري سيسي خلال كلمته، تمسك السلطات السنغالية "بالعلاقات العميقة والتاريخية التي تربط السنغال بالمغرب"، مرحبا بإمكانية أن يبث هذا الفيلم الوثائقي للعالم "جانبا أساسيا من هذا النور الذي أشع السنغال من فاس إلى المغرب حيث تمكن تألقه من أن يتضاعف حتى في طيات ثقافتنا السنغالية الراسخة".
ويرى حسن الناصري أن فيلم "من فاس إلى تيفاوان، إلى منابع التيجانية" يوضح العلاقة العميقة والخالدة بين المغرب والسنغال من خلال المنظور الروحي للطريقة التيجانية الشهيرة.
وتابع أنه من خلال شهادات حول تقاليد وطقوس الطريقة التيجانية في المغرب والسنغال، فإن الفيلم "يقدم نظرة على ثراء وتنوع تراثنا الروحي المشترك"، مشيرا إلى أن العمل الوثائقي "أكثر بكثير من مجرد قصة بسيطة، إنه إرث تاريخي، وعلينا أن نحافظ عليه ونطوره".
ويعمل المغرب تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس على تعزيز الروابط الدينية والروحية مع السنغال، وفق الناصري.
ويعطي الفيلم الوثائقي "رؤية شاملة للتيجانية وثروتها ومساهمة كل عائلة في تعاليمها"، وفق ممثل عن عائلة سي في تيفاوان، سيرين عبدالحميد Serigne Abdoul Hamid، معربا عن رغبته في مشاهدة الفيلم معروضًا في مدينة تيفاوان الدينية.
وبحسب رئيس وحدة الاتصالات في جامو، فإن الفيلم الوثائقي يرسم خريطة لعلاقات التعاون والصداقة بين السنغال والمغرب.