ضغوط غربية على تونس بعد حملة الايقافات الأخيرة

الاتحاد الأوروبي يطالب السلطات التونسية بتوضيحات فيما اعتبرت واشنطن أن الايقافات تتعارض مع الحقوق المكفولة في الدستور التونسي.
فرنسا تعبر عن قلقها من ايقاف المحامية سنية الدهماني
قضاء تونس يأمر بإيداع الاعلاميين برهان بسيسي ومراد الزغيدي السجن

بروكسال - وجه الغرب انتقادات للسلطات التونسية بعد حملة الايقافات الأخيرة التي طالت عدة شخصيات من المجتمع المدني وصحفيين وناشطين سياسيين في تونس فيما ترفض الحكومة اية تدخلات خارجية تستهدف سيادتها الوطنية واستقلالية قرارها.
وعبّر الاتحاد الأوروبي الثلاثاء عن قلقه إزاء موجة الاعتقالات الأخيرة وطالب بتوضيحات فورية فيما كانت المواقف الأميركية والفرنسية مشابهة.
واقتحمت الشرطة التونسية الاثنين مقر هيئة المحامين للمرة الثانية خلال 48 ساعة واعتقلت المحامي مهدي زقروبة بعد اعتقال زميلته المحامية سنية الدهماني التي اتهمت بخرق المرسوم 54 ونشر أخبار زائفة متعلقة بملف الهجرة غير النظامية.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن المداهمات "تتعارض مع ما نعتقد بأنها حقوق عالمية مكفولة صراحة في الدستور التونسي وكنا واضحين بشأنها على جميع المستويات". ووصفت أحزاب من المعارضة اقتحام مقر هيئة المحامين بأنه "تصعيد كبير".
وفي حادثة منفصلة اعتقلت الشرطة أيضا يوم السبت الماضي الإعلاميين بإذاعة (إي.إف.إم)، مراد الزغيدي وبرهان بسيس، بسبب تعليقات إذاعية ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بحسب محاميهم فيما تتهمهما السلطات في ملفات تتعلق بالثلب والقذف.
وقال المحامي نزار عياد وهو محامي بسيس في تصريح لإذاعة "أي اف ام" المحلية اليوم الاربعاء أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ليس وراء الشكاية وانما تم الايقاف بقرار من النيابة العمومية.

وأمر القضاء التونسي الأربعاء بسجن كل من الزغيدي وبسيس إلى حين استكمال التحقيق معهما اثر تصريحات ونشر تدوينات.
واكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة الأربعاء صدور الأمر القضائي بالسجن "لمقاضاة كل واحد منهما من أجل جنح الفصل 24 من المرسوم 54 في فقرتيه الأولى والثانية".
ويلاحق الزغيدي بسبب تصريحات إعلامية يعود تاريخها إلى شباط/فبراير 2024 وبسبب تدوينة ساند فيها صحفيا مسجونا انتقد الرئيس قيس سعيّد، بحسب ما قال محاميه غازي مرابط.
بينما يلاحق بسيّس اثر تصريحات إعلامية ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى ما بين 2019 و2022، بحسب ما قال محاميه نزار عيّاد.
وأصدر سعيّد في 13 أيلول/سبتمبر 2022 مرسوما رئاسيا عُرف ب"مرسوم 54" وينصّ على "عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام" وبغرامة تصل الى خمسين ألف دينار "لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
كما يعاقب كلّ من يتعمّد استعمال أنظمة معلومات لنشر "أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو بيانات تتضمّن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحثّ على خطاب الكراهية".
 

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان "حرية التعبير وتكوين الجمعيات فضلا عن استقلال القضاء، يكفلها الدستور التونسي وتشكل أساس شراكتنا".
والثلاثاء أيضا عبرت فرنسا عن قلقها اثر ايقاف سنية الدهماني في تونس وفق ما نقلته وكالة الانباء الفرنسية.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن التوقيف جاء "في سياق عمليات توقيف أخرى لا سيما بحق صحافيين وأعضاء جمعيات" مضيفا "أن حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، مثلها مثل استقلالية القضاء، هي مبادئ يكفلها الدستور التونسي وكذلك اتفاقيات الأمم المتحدة التي انضمت إليها تونس كما فرنسا".
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة أيضا ناشطين من المجتمع المدني يعملون بشأن الهجرة بينهم الناشطة البارزة سعدية مصباح، للاشتباه في مساعدة المهاجرين على البقاء في تونس وتجاوزات مالية، بحسب محامين.
وقال الرئيس قيس سعيد هذا الشهر خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي إن وضع المهاجرين يثير تساؤلات بشأن من يقف وراءه حقا مضيفا أن عددا من المسؤولين الذين يديرون منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق المهاجرين هم "خونة" يتلقون أموالا من الخارج.
وتولى سعيد منصبه بعد انتخابات حرة في عام 2019، لكنه سيطر بعد عامين على صلاحيات إضافية عندما أغلق البرلمان المنتخب وانتقل إلى الحكم بمراسيم وهي خطوات وصفتها المعارضة بالانقلاب.
ويرفض سعيد الاتهامات ويقول إن خطواته قانونية وتهدف إلى إنهاء فوضى وفساد على مدى سنوات.
وتظاهر المئات في العاصمة التونسية يوم الأحد للمطالبة بالإفراج عن صحفيين وناشطين ومعارضين مسجونين وتحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة.