إيران تستخدم مواطنيها اليهود للدعاية السياسية

أحد مخاوف يهود إيران أن يتم تصنيفهم كمعارضين إذا لم يشاركوا في الانتخابات، فعدم التصويت أشبه بالقول إن هذا النظام سرق البلاد من الأمة الإيرانية.

واشنطن – وصفت وزارة الخارجية الأميركية التقارير التي تحدثت عن إجبار الأقلية اليهودية الصغيرة في إيران على المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة بأنها "مؤسفة"، ولفتت تقارير أن السلطات تستخدم اليهود للدعاية السياسية وإظهارهم كمؤيدين لنظام المرشد الأعلى علي خامنئي.

وذكرت إذاعة "صوت أميركا، في تقرير أن السلطات الإيرانية قامت لأول مرة بإنشاء مراكز اقتراع خاصة لليهود للتصويت في انتخابات رئاسية وتنظيم حدث غير مسبوق لحملة انتخابية لليهود للقاء ممثلي المرشحين الرئاسيين.

وأضافت الإذاعة أن أحدث تقرير سنوي لوزارة الخارجية الأميركية عن الحريات الدينية الدولية، نُشر الشهر الماضي، يشير إلى أن اللجنة اليهودية في طهران تقول إن هناك ما يقرب من 9000 يهودي من إجمالي عدد السكان المقدر بنحو 89 مليون نسمة.

ونوهت أن المجتمع اليهودي أُرغم على المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي عقدت في جولتين في 28 يونيو/حزيران و5 يوليو/تموز.

وأعلن فوز وزير الصحة الإيراني السابق مسعود بزشكيان، الموالي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في الانتخابات. وكانت نسبة المشاركة الرسمية في الجولتين أقل من 50 بالمئة، حيث قاطع معظم الناخبين الإيرانيين انتخابات كان الموالون لخامنئي هم المرشحون الوحيدون فيها.

إنشاء مراكز اقتراع يهودية من شأنه أن يمنح السلطات الإيرانية إمكانية الوصول إلى البيانات التي توضح عدد اليهود الذين صوتوا والمرشحين الرئاسيين الذين صوتوا لهم.

وفي بيانها، قالت الخارجية الأميركية إنها على علم بالإكراه المزعوم لليهود على المشاركة في التصويت. وقال متحدث باسم الوزارة "إن السلوك الموصوف في تلك التقارير مؤسف. لم نتوقع قط أن تكون الانتخابات الرئاسية الإيرانية حرة أو نزيهة، لذا فإن هذه التقارير عن الإكراه، على الرغم من كونها مروعة، ليست مفاجئة".

وتضمنت الخطوة الرئيسية قيام السلطات الإيرانية بإنشاء مراكز اقتراع حصرية لليهود للتصويت في خمس منشآت يهودية في طهران، التي تضم معظم يهود البلاد. وقالت لجنة طهران اليهودية، في منشور على تيليجرام في 20 يونيو/حزيران إنها المرة الأولى التي يتم فيها تخصيص مراكز اقتراع خاصة لليهود في انتخابات رئاسية.

وأقامت السلطات الإيرانية في السابق مراكز اقتراع يهودية فقط للانتخابات البرلمانية، حيث يمكن لليهود التصويت للمشرع الوحيد من الأقلية اليهودية في الجمعية الإيرانية وكذلك لممثلهم الإقليمي.

واستخدم النائب اليهودي الوحيد في إيران، همايون سامح يه نجف آبادي، قناته على تيليجرام لنشر صور له وللحاخام الإيراني البارز يونس حمامي لالزار ويهود آخرين يصوتون في مدرسة موسى بن عمران في الجولة الثانية من الانتخابات في 5 يوليو/تموز. وأظهرت الصور أنهم يضعون بطاقات اقتراعهم في صناديق بينما كان موظفو مركز الاقتراع المسلمون ينظرون.

وفي وقت سابق، نشر نجف آبادي صورًا على تيليجرام تظهره هو ويهود آخرين وهم يصوتون في مركز اقتراع بمدينة أصفهان في الجولة الأولى من الانتخابات في 28 يونيو/حزيران.

وفي خطوة غير مسبوقة أخرى، نظمت السلطات الإيرانية اجتماعًا بين ممثلي المرشحين الرئاسيين وأعضاء الجالية اليهودية في كنيس يوسف آباد الرئيسي في طهران في 26 يونيو/يونيو، قبل يومين من الجولة الأولى من الانتخابات.

وحثت لجنة طهران اليهودية ونجف آبادي اليهود على حضور الحدث، في رسائل نُشرت على قنواتهما على تيليجرام في 23 يونيو و24 يونيو على التوالي. ولم ينشرا أي صور للحدث نفسه.

نشرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية صورًا أخرى لليهود المشاركين في الانتخابات الرئاسية. وتم تصوير يهود وهم يبتسمون للكاميرات أثناء الإدلاء بأصواتهم في مسجد أصفهان في 5 يوليو/تموز. وتم تصوير يهود آخرين وهم يصوتون في شيراز في اليوم نفسه، حيث أخبر رجلان أحد المراسلين أنهما يظهران الولاء للجمهورية الإسلامية.

وقالت ثامار جندين، الخبيرة في الشؤون الإيرانية في مركز عزري بجامعة حيفا الإسرائيلية، إن الضغط على اليهود للتصويت في الانتخابات الرئاسية الإيرانية هو جزء من نمط من السلوك القسري من قبل ايران. واستشهدت بمثال مئات اليهود الإيرانيين الذين نظموا سلسلة غير مسبوقة من المظاهرات المناهضة لإسرائيل في خمس مدن إيرانية في 30 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قامت العديد من وكالات الأنباء الإيرانية الرسمية بتصويرهم.

وأضافت جيندين "إن اليهود في إيران يخافون عمومًا من أن يصبحوا مواطنين صالحين ومخلصين يتم استخدامهم للدعاية". وتابعت إن أحد مخاوفهم هو أن يتم تصنيفهم كمعارضين إذا لم يشاركوا في الانتخابات.

ولفتت "إن عدم التصويت هو تصريح قوي، أشبه بالقول إن هذا النظام سرق البلاد من الأمة الإيرانية، ولن أتعاون مع ذلك. لا يريد المجتمع اليهودي الإدلاء بهذا التصريح. قد يوافقون عليه، لكنهم لن يظهروه أبدًا". ولفتت إن السلطات الإيرانية تكافئ يهودها على أدوارهم الدعائية من خلال منحهم شعورًا بأهميتهم.

لكن لعب هذه الأدوار في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يشكل مخاطر جديدة للأقلية اليهودية، وفقًا للناشط اليهودي الإيراني الأميركي جورج هارونيان.

وفي مقابلة مع إذاعة صوت أميركا، قال هارونيان إن إنشاء مراكز اقتراع يهودية من شأنه أن يمنح السلطات الإيرانية إمكانية الوصول إلى البيانات التي توضح عدد اليهود الذين صوتوا والمرشحين الرئاسيين الذين صوتوا لهم.

وأضاف هارونيان "هذا شكل آخر من أشكال التمييز". "وهذا أيضًا تذكير بأن اليهود في إيران هم رهائن يمكن مهاجمتهم واعتقالهم في أي لحظة وتحت أي ذريعة، تمامًا كما يفعل النظام مع الآخرين الذين يريد ترهيبهم وإخضاعهم".