ضغوط نيابية لإعفاء محافظ المركزي العراقي من منصبه

عضو باللجنة المالية البرلمانية يكشف عن استعدادات لاستجواب علي محسن العلاق في عدة ملفات بينها سعر صرف الدولار وانهيار الدينار ومبيعات العملة الأميركية.

بغداد - بينما لا تزال أزمة شغور رئاسة مجلس النواب العراقي ترخي بظلالها على المشهد السياسي في العراق، تستعد اللجنة المالية النيابية لاستجواب محافظ البنك المركزي علي العلاق في عدة قضايا ملحة تتصدرها قضية انهيار سعر صرف الدينار مقابل الدولار ومبيعات العملة الأميركية التي تحوم حولها شبهات فساد.

وتأتي هذه الاستعدادات ضمن ضغوط لإعفاء العلاق على خلاف رغبة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي سبق له أن أعاد تكليفه في يناير/كانون الثاني من العام الماضي على رأس المركزي العراقي رغم المؤاخذات والانتقادات لقراره.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بتحويل ننوك عراقية لواجهة مالية لتهريب الدولار، في التفاف على العقوبات الغربية. وفرضت واشنطن عقوبات على نحو 16 من المصارف العراقية تعتقد أنها تعمل لصالح الإيرانيين.

ومن المتوقع أن يتم استجواب العلاق بعد انتهاء مراسم أربعينية الحسين، وفق ما ذكر عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي اليوم الاثنين لوكالة 'شفق نيوز' الكردية العراقية.

وبحسب المصدر ذاته، تم تقديم طلب لرئاسة البرلمان في هذا الغرض لتحديد موعد لاستجواب محافظ البنك المركزي بشأن عدة ملفات من بينها سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي.

ونقلت الوكالة الكردية العراقية عن الكرعاوي قوله إن "أعضاء في اللجنة المالية النيابية سبق وأن قدموا طلبا لرئيس مجلس النواب لاستجواب محافظ البنك المركزي علي العلاق"، مضيفا "الاستجواب يتعلق بعدة ملفات أهمها سعر صرف الدولار وبيعه للمسافرين ونافذة بيع وشراء العملة والحوالات المالية للخارج والتمويل النقدي والعقوبات الأميركية والتفاوض مع البنك الفيدرالي الأميركي".

ولم يشر إلى إيران التي نجحت في اختراق العقوبات الأميركية من خلال واجهات مصرفية عراقية تقوم ببيع الدولار على خلاف الصيغ القانونية والقنوات الرسمية وشكلت بحسب الولايات المتحدة لفترات طويلة غطاء لتلك الأنشطة.

العلاق محسوب على نوري المالكي ويحمله نشطاء المسؤولية عن تلف 7 مليارات دينار عام 2018 حين تسربت مياه السيول إلى مبنى البنك المركزي

وفي المقابل شهدت العملة العراقية موجة انهيارات عمقت الأزمة الاجتماعية والمالية في العراق ودفعت في العام الماضي بالمئات إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجات على الفساد المالي وانهيار الدينار.

وقال عضو اللجنة المالية النيابية الاثنين "كنا في السابق نسعى لاستضافة محافظ البنك المركزي، لكن بعدها تم تقديم طلب من قبل بعض أعضاء مجلس النواب لاستجواب المحافظ في المجلس وفق الإجراءات القانونية وتفعيل الدور الرقابي لاستجواب المسؤولين في الحكومة".

وكشف أنه سيتم التحرك بعد مراسم الأربعينية على مستوى رئاسة المجلس النيابي لضبط موعد محدد لاستجواب العلاق في البرلمان.

ويسعى نواب وشخصيات سياسية لإعفاء محافظ البنك المركزي من منصبه بشبه ارتكاب العديد من المخالفات، ففي أغسطس/اب الماضي كشف هادي السلامي عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي عن متابعة اللجنة منذ ما يزيد عن العام لملف العلاق من أجل إنهاء مهامه.

وقال إن لجنة النزاهة خاطبت رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في أكثر من مناسبة من أجل التدخل والضغط لإعفاء المحافظ من منصبه بسبب ارتكابه للعديد من المخالفات المالية والقانونية.

ونقلت 'شفق نيوز' حينها عن السلامي قوله إن المنهاج الحكومي الذي أعلن عنه السوداني حين شكل الحكومة هو "إنهاء إدارة المناصب بالوكالة بعد مرور ستة أشهر من تشكيل الحكومة"، وهو منهاج يشمل العلاق الذي يواصل إدارة المركزي بالوكالة دون أي إجراء يلغي تكليفه.

وبحسب عضو لجنة النزاهة البرلمانية، توجد العديد من الملفات والمخالفات المتعلقة بالمركزي العراقي، مضيفا أنها أحيلت بالفعل لهيئة النزاهة والادعاء العام.

وتتولى هيئة النزاهة مهمة ملاحقة كبار الفاسدين في الدولة وتنظر في أكثر من ملف أبرزها ملف سرقة القرن من أموال أمانات الضرائب بمصرف الرافدين الحكومي. وهزت هذه القضية العراق إذ تعتبر أكبر ملف فساد يتم الكشف عنه حتى الآن ومن المتوقع أن يجر رؤوسا كبيرة للقضاء، لكن الملف قد لا يخلو من تدخلات سياسية في بلد انتشرت فيه ظاهرة الإفلات من العقاب.

وبحسب السلامي فإن من بين المخالفات "عدم السيطرة على سعر الصرف في السوق، إضافة إلى ملايين الدولارات والفوائد التي تحصل عليها المصارف والبنوك العربية والأجنبية بما في ذلك الأردنية".

وكان السوداني قد أثار جدلا حادا في العراق في بداية العام الماضي بعد قراره بإعادة تكليف العلاق على رأس البنك المركزي بعد نحو عامين من إقالته من منصبه، وسط تساؤلات عن الجدوى من إعادة تكليفه وهو الذي تسبب في عدة إخفاقات مالية طيلة ست سنوات سابقة (بين عامي 2014 و2020) من إدارته المؤسسة المالية، وفق ما يقول منتقدوه.

وكان قد تعهد بـ"بسقف زمني لإعادة سعر الصرف إلى وضعه الطبيعي"، لكنه لم يف بتعهده. كما ذكّر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي حينها بحادثة تلف سبعة مليارات دينار عراقي عام 2018 وهي الحادثة التي ارتبطت باسم العلاق حين تسربت مياه السيول إلى داخل البنك المركزي وتضررت الأوراق النقدية بنسبة 100 في المئة" وهو أمر أكدته إدارة المركزي والحكومة العراقية وقتها.

ويعتبر محافظ البنك المركزي العراقي أحد أبرز المحسوبين على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي حامت حوله شبهات فساد تتعلق بتهريب أموال واهدار المال العام خلال توليه رئاسة الحكومة وقد سبق للعلاق أن شغل بين 2006 عامي و2014 منصب أمين عام مجلس الوزراء خلال حكومتي المالكي الأولى والثانية. وسبق له أن تولى أيضا رئاسة المجلس المشترك لمكافحة الفساد في العراق.