جدل في مصر حول مشروع قانون الاجراءات الجنائية

نقابة المحامين تطالب مجلس النواب بعرض مشروع قانون الإجراءات الجنائية على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة.

القاهرة - تناقش لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري مشروع قانون الإجراءات الجنائية اليوم الثلاثاء حيث تعقد الاجتماع الرابع المخصص للمشروع المعد من اللجنة الفرعية رغم اعتراضات نقابة المحامين التي أكدت أنها تعكف على إعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها في المشروع الجديد ومقارنته بنصوص القانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.

وطالبت نقابة المحامين مجلس النواب بعرض مشروع قانون الإجراءات الجنائية على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون في هذا الشأن مع فتح قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها.

وأكدت على اعتبار مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التي سيجري رفعها مؤكدة على أن نقابة المحامين تستشعر نبض جمعيتها العمومية، وأنها لن تتخلى عن دورها الدستوري كشريك في إرساء قواعد العدالة، وصون الحقوق والحريات تحت مظلة القانون والدستور.

المحامون ينتقدون التوسع في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع والمساس بحقوق جوهرية للدفاع.

وترى النقابة أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد على الرغم مما تضمنه من مزايا واستحقاقات دستورية لم يحظ بالدراسة الكافية حتى يعبر عن الأهداف المتوخاة من التشريع مؤكدة على أن هذا المشروع أيضا لم يسبقه حوار فاعل وموسع في المجتمع القانوني بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان.

ولفتت النقابة إلى أن بعض نصوص هذا المشروع أثارت لغط وجدل كبيرين في الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته بعض تلك النصوص من توسع في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.

واعتبرت أن مشروع القانون الجديد أعاد صياغة البعض من نصوص القانون الحالي المخالفة دستوريًا، والتي تتنافى مع اعتبارات وأسس العدالة حيث لم يورد المشروع أي تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي. مؤكدة على أن مشروع القانون لم يُورد أي تعديلات على النصوص التي تمنح لسلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محام، والحق في حجب أوراق التحقيق عن المحامي، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التي لا ضابط لها.

وتقول النقابة أن المشروع أعاد صياغة ذات النصوص التي تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم في بعض الحالات.

وأخطر مجلس النواب الثلاثاء، عبد الحليم علام نقيب المحامين، رئيس اتحاد المحامين العرب، بتحديد مواعيد جديدة أيام الأحد والإثنين والثلاثاء المقبلين لمناقشة تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وكان مجلس نقابة المحامين برئاسة علام، ونقباء النقابات الفرعية، قد اجتمعوا الإثنين لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد وأعلنوا عن مجموعة من الملاحظات.

وأكدت نقابة المحامين على أن ما استحدثه مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد من حق لمحكمة الجنايات بدرجتيها من إقامة الدعوى الجنائية على كل فعل يقع خارج الجلسة، وترى المحكمة – في تقديرها –  أن من شأنه الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير في قضاتها أو في الشهود دون تحديد نطاق محدد لمكان وزمان ارتكاب الجريمة ما يوسع من اختصاص المحكمة بالمخالفة لأصول المحاكمات الجنائية.

وأشارت أيضا إلى ما تضمنه المشروع من إساءة معنوية لرسالة المحاماة فيما نص عليه من إجراءات خاصة تتخذ ضد المحامي في جرائم الجلسات، فضلا عن عدم انضباط وفساد صياغته بما قد يقود إلى إعاقة عمل المحامي بذريعة الإخلال بنظام الجلسة وما استحدثه المشروع من نص يسمح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما  يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا في الدعوى وأيضا ما استحدثه المشروع من اعتبار الأحكام الصادرة غيابيًا في الجنح في حق المتهم حضورية، على سند من إعلان المتهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبما لا يتناسب مع الواقع العملي وما يحدث من تلاعب في إعلان المتهم لحرمانه من العلم بتاريخ الجلسة.

من جهته، أعلن خالد البلشي نقيب الصحافيين تضامنه الكامل مع كل ما ورد في بيان نقابة المحامين بشأن مشروع قانون الاجراءات الجنائية. وأكد على أن  قانون الإجراءات الجنائية هو  العمود الرئيسي لمنظومة العدالة  ودستورها.. ونصوصه هي نصوص مكملة للدستور، وسيظل أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات في جميع مراحل التقاضي، وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة.

ولفت إلى أنه من هذا المنطلق سيبقى القانون شأنا خاصاً لكل مصري وشأنا لكل مؤسسات المجتمع المعنية بالحقوق والحريات وبتحقيق ودعم العدالة وحذر من أن مناقشة القانون بعيدًا عن حوار مجتمعي شامل تشارك فيه كل أركان منظومة العدالة والمواطنين وممثليهم والمؤسسات المعنية بالحقوق العامة هو علامة خطر وسيمثل انعكاسا لخلل كبير وآثاره ستكون وخيمة على الجميع.