كيف يعطي العطش المياه مذاقا لا يقاوم؟
واشنطن – كشفت دراسة أميركية حديثة عن سر يكمن وراء الشعور بالنشوة وبلذة طعم المياه التي نشربها خاصة على إثر العطش الشديد أو ممارسة الرياضة مع أن الماء ليس له طعم أو لون أو رائحة.
وتوضّح أستاذة علم النفس الفخرية بجامعة بينغهامبتون في نيويورك باتريشيا دي لورينزو حقيقة ما يحدث للجسم بعد شرب أول رشفة ماء عند الشعور بالعطش الشديد، لموقع "العلوم الحية" "livescience" قائلة "هناك رد فعل تجاه ذلك، فعندما تشعر بالعطش الشديد وتشرب الماء، يصبح مذاقه لذيذًا للغاية"
وبحسب الخبيرة فإن سبب الشعور بالعطش عند ممارسة الرياضة بكثافة يكون انخفاض حجم الدم مع التعرق إذ يفصل حاجز الدم بين الدماغ والجسم معظم مناطق الدماغ، وهو عبارة عن طبقة من الخلايا تمنع السموم الضارة ومسببات الأمراض من إصابة الدماغ.
وأضافت دي لورينزو أن هناك أجزاء معينة من الدماغ تقع خارج هذا الحاجز ما يسمح بالكشف السريع عن التغيرات في دمائنا، وترسل الخلايا العصبية في هذه الأجزاء من الدماغ إشارة لتحفيز الشعور بالعطش عندما نفقد حجم الدم بسبب ممارسة الرياضة أو تناول الأطعمة المالحة.
من جانبها تقول يوكي أوكا أستاذة علم الأحياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إن "هذه الاستجابة السريعة مهمة للغاية للبقاء على قيد الحياة، إذا استغرقت وقتًا طويلاً، فقد تصاب بالجفاف"، مشيرة الى أن عملية امتصاص الماء وتوزيعه في الجسم يستغرق حوالي 30 دقيقة بعد بلعه، لكنه يبدأ في إرسال إشارات إلى الدماغ منذ الرشفة الأولى بأن الشخص يتلقى الماء مذاقه لذيذا، فيطلق اندفاعًا من الناقل العصبي الدوبامين.
وفي دراسة أجريت عام 2019 ونشرت في مجلة "نيرون" "Neuron" اكتشفت الخبيرة وزملائها أن الفئران العطشى التي شربت الماء أطلقت الدوبامين، في حين أن العطشى منها والتي تلقت الماء مباشرة إلى أمعائها لم تفعل ذلك، مما يشير إلى أن الناقل العصبي يطلق فعل الشرب وليس إشباع العطش.
كما أوضحت أوكا أن هذا الأمر يفسر سبب عدم حصول المرضى المصابين بالجفاف الذين يجري إعطاؤهم سوائل وريدية على نفس الشعور الذي يشعر به من شرب كوبا باردا من الماء بعد العطش الشديد مباشرةً.
وفي دراسة أشرف عليها علماء من أستراليا ونشرت نتائجها في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، أثبت عالم الأعصاب باسكال سكر من جامعة ملبورن وزملاؤه أن الدماغ هو من يقوم بإخبار الجسم متى يشرب ومتى عليه التوقف، إذ إن شرب الشخص كميات كبيرة من الماء يؤدي إلى انخفاض مستوى الصوديوم في الدم بشكل كبير وقد يقود في بعض الحالات إلى أذمة دماغية أي تجمع السوائل في المخ.
وقام العلماء بإجراء تجربة على مجموعة من عشرين رجلا وامرأة، إذ جعلوهم يتمرنون على الدراجة الثابتة لمدة ساعة، ثم درسوا أدمغتهم وطريقة تفاعلها مع شرب الماء باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، واكتشفوا أنه في حال يكون الشرب بدافع العطش فإن النشاط الدماغي يكون في منطقة مسؤولة عن اتخاذ القرارات العاطفية، في حين إذا تستمر الشخص في أخذ جرعات إضافية من المياه بعد الارتواء فإن نشاط الدماغ ينتقل إلى مناطق أخرى مسؤولة عن الحركة.