إيران تروج لمساعيها نحو دبلوماسية ضد الحرب

الإعلام الإيراني يحاول تهدئة الشارع بالتقليل من خطورة الرد الإسرائيلي القادم وعدم قدرته على استهداف المراكز الحساسة.

طهران – تعكس تقارير وسائل الإعلام الإيرانية المحلية هاجس السلطات وتوجهاتها في ظل تأهب البلاد لضربة إسرائيلية ردا على هجومها، وتظهر عناوين أبرز الصحف في البلاد مساعي المسؤولين للتهدئة واحتواء التوتر.

واحتل الرد الإسرائيلي المرتقب على إيران، وزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى السعودية وقطر، تغطية الصحف الإيرانية الصادرة الخميس، حيث نشرت صحيفة "آرمان ملي" صورة للقاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الرياض، وعنونت في صفحتها الأولى "الدبلوماسية الإيرانية النشطة.. من بيروت إلى الرياض"، فيما كتبت صحيفة "تجارت": "توجه إيراني بنّاء من أجل احتواء التوتر في الشرق الأوسط"، ناشرة صورة تجمع بين وزير الخارجية الإيراني ونظيره السعودي.

وتوجه عراقجي، الأربعاء إلى السعودية، في أولى محطاته ضمن جولة خليجية تشمل قطر أيضاً.

وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية فإن الهدف المعلن من هذه الجولة هو "تعزيز العلاقات مع دول الجوار، وضمان الاستقرار والأمن، وتطوير التعاون الاقتصادي".

وتحظى هذه الجولة بأهمية خاصة، لأنها تأتي في خضم توتر إقليمي على وقع الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس في غزة من جهة، وحزب الله في لبنان من جهة أخرى، وتوتر إسرائيلي إيراني متصاعد يحتمل أن يتطور لحرب شاملة.

وينظر إلى هذه الزيارة على أنها محاولة من طهران للتقارب مع دول المنطقة من أجل السلام والأمن، وبعث رسائل تهدئة إلى واشنطن بعد الضربات الإيرانية على إسرائيل التي لم تسفر عن أضرار كبيرة وينظر لها على نطاق واسع بأنها كانت مهمة للنظام الإيراني لحفظ ماء الوجه.

وقالت مصادر أن زيارة عراقجي تأتي في سياق التنسيق لمشروع سلام عربي إيراني يخص غزة ولبنان والمنطقة برمتها، ويهدف إلى وقف إطلاق النار. فقبل توجهه إلى السعودية، أعلن عن سعي بلاده "لتكوين حركة جماعية من دول المنطقة؛ لوقف الهجمات الوحشية في لبنان".

أما صحيفة "جام جم" فنشرت نفس الصورة للوزيرين عراقجي وبن فرحان، مع عنوان "دبلوماسية ضد الحرب"، معتقدة أن كلا من طهران والرياض لديهما موقف واحد تجاه الأزمة في المنطقة، وهما يدعوان إلى ضرورة إنهاء هذا التوتر، والبحث عن طرق دبلوماسية لخفض التصعيد.
وتحاول الصحف الإيرانية تهدئة الشارع بالتقليل من خطورة الرد الإسرائيلي القادم وعدم قدرته على استهداف المراكز الحساسة، وقال الكاتب والدبلوماسي الإيراني السابق، جلال ساداتيان، إن سلوك إسرائيل يدل على أنها تعتقد بأن عليها الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني لحفظ وجودها، مضيفا أن هناك دولا مختلفة في المنطقة والعالم تتفاوض مع إسرائيل لإقناعها بعدم الرد على طهران، لكن تل أبيب تصر على موقفها.

وأشار الكاتب إلى صعوبة أن تستهدف إسرائيل كافة المواقع والأهداف المهمة في إيران، كون أغلبها مخبأ تحت الأرض وبينها مسافات شاسعة، معتقدا أن مثل هذا الهجوم لن يقع ما لم يكن هناك دعم أميركي مباشر، وهو ما لا تبدي واشنطن الآن رغبة فيه.

كما رأى ساداتيان أن إسرائيل لا تملك المعدات اللازمة لمهاجمة هذه الأماكن في إيران وحدها، لأن المسافة بين إيران وإسرائيل حوالي 2000 كلم، والمقاتلات الإسرائيلية لا تستطيع تنفيذ ضربات إلا إذا ساعدتها طائرات التزود بالوقود الأميركية.

أما الكاتب يوسف مولايي فقال للصحيفة إن إسرائيل في الوقت الحالي تدرس سيناريوهات ردها، الذي بات شبه مؤكد في ظل التصريحات والمواقف الإسرائيلية المعلنة.

وتوقع الكاتب أن يعتمد هجوم إسرائيل على إيران بشكل أساسي على عناصر وعملاء إسرائيل داخل النظام نفسه، ولا يكون هجوما شاملا باستخدام المقاتلات، لأن الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب الآن في توسيع دائرة الصراع بين إيران وإسرائيل أوسع من ذلك.

في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شنت إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل، رداً على مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران، أواخر يوليو/تموز الماضي، بضربة نُسبت إلى إسرائيل.

ويعتقد المحلل السياسي السعودي، سليمان العقيلي، أن إيران "تسعى لإقناع السعودية بتحريك منظمة التعاون الإسلامي للوقوف مع محور المقاومة، وهو المحور الذي سبق أن تأذت منه السعودية قبل غيرها".