مصر تستنفر قانونيا لمواجهة 'اتفاقية عنتيبي'
القاهرة – تعكف الحكومة المصرية على إعداد دراسة لمواجهة أزمة الاتفاق الإطاري للتعاون بين دول حوض النيل المعروف بـ"اتفاقية عنتيبي" بعد دخولها حيز التنفيذ في 13أكتوبر/تشرين الأول 2024 وانضمام ست دول من أصل 10 دول في حوض النيل، وهي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا وجنوب السودان، فيما تتمسّك القاهرة بموقفها الرافض للاتفاقية معتبرة نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه.
وكلفت مصر فريقا من أساتذة القانون الدولي وخبراء في الري والموارد المائية لاعداد الدراسة ورفعها إلى الجهات المعنية من أجل تحديد وسائل وسيناريوهات التعامل المتاحة معها، إذ يثير دخول الاتفاقية حيز التنفيذ مخاوف السلطات المصرية من تأثر حصتها المائية المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب.
وفي تصريح له الأحد، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أن تفعيل الاتفاقية يمثل "بداية حقبة جديدة لدول حوض النيل نحو الاستخدام العادل لمياه النهر"، داعيا الدول غير الموقعة للانضمام إلى الاتفاقية.
وقالت مفوضية حوض النيل في بيان إنّ الاتفاق "يشهد على تصميمنا الجماعي على استغلال نهر النيل لصالح الجميع وضمان استخدامه العادل والمستدام للأجيال المقبلة"، لافتة الى أن المشروع يهدف إلى "تصحيح الاختلالات التاريخية في الوصول إلى مياه النيل والتأكد من أن جميع دول الحوض سواء دول المنبع أو دول المصب، يمكن أن تستفيد من هذا المورد المشترك".
ووقّعت خمس من الدول المنضوية في مفوضية حوض النيل على الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في العام 2010 في أوغندا، بينما رفضته مصر والسودان اللتان لهما خلافات طويلة الأمد مع إثيوبيا بشأن السد الكهرومائي الضخم الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل.
وتعتبر القاهرة سد النهضة تهديدا وجوديا وتؤكد على حقها التاريخي في مياه النيل وكانت تصدر في السنوات الأربع الأخيرة بيانات تطالب أثيوبيا بالعودة للتفاوض والتوصل إلى حل توافقي.
وخلال افتتاح النسخة السابعة من أسبوع القاهرة للمياه، أكّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن الحفاظ على نهر النيل المورد الحيوي مسألة وجود تتطلب التزاما سياسيا دؤوبا وجهودا دبلوماسية وتعاونا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.
كما شدد وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم على أن مصر لن تتنازل عن حصتها من مياه نهر النيل، واصفا الاتفاقية بأنها "غير ملزمة" ومخالفة للقانون الدولي.
وتعتبر إثيوبيا هذه البنية التحتية ضرورية لتنميتها وتزويد سكانها البالغ عددهم 120 مليون نسمة بالكهرباء، إلا أنّ مصر التي تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 في المئة من حاجاتها من المياه، ما زالت تحتج، مشيرة إلى حق تاريخي في النهر ومعتبرة أن سد النهضة يشكل تهديدا "وجوديا".
من جهته قال السكرتير الدائم لوزارة الخارجية الأوغندية فنسنت باجيري إنّه كان من المقرر عقد قمة لدول نهر النيل في أوغندا في 17أكتوبر/تشرين الأول، لكنّها تأجّلت إلى مطلع العام المقبل.
وعرفت المفاوضات بين مصر وأديس أبابا جمودا لمدة 3 أعوام، قبل أن تُستأنف في سبتمبر/أيلول 2023 بسبب تعنّت الطرفان المتنازعان، حيث تطالب السلطات المصرية بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الذي بدأت إثيوبيا بناءه في 2011، فيما ترفض الأخيرة وتقول إن المشروع مهم لجهود التنمية خاصة عبر توليد الكهرباء ولن يضرّ بمصالح أي دولة أخرى.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الخارجية المصرية في بيان "توجيه خطاب إلى مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات سد النهضة الإثيوبي"، أكدت فيه أن سياسات أديس أبابا سيكون لها "آثار سلبية" على دولتي مصبّ نهر النيل مصر والسودان.
ودعا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الأحد إلى إعمال القانون الدولي للحفاظ على حقوق الدول الأخرى الأساسية في المياه، مؤكدا تنفيذ مصر خطة شاملة وطموحة لتحسين إدارة الموارد المائية والتعامل مع المتغيرات المناخية باستثمارات كبيرة خلال السنوات الماضية.
وتعترض القاهرة على ثلاثة بنود خلافية في اتفاقية عنتيبي وهي "بند الأمن المائي وعدم الاعتراف بالحصة التاريخية لها في مياه النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب وفق اتفاقية 1959 وبند الإخطار المسبق رقم 12 بتنفيذ أي مشروعات على النيل، بالإضافة الى بند التصويت على القرارات بالإجماع بدلاً من الغالبية". وتستند في رفضها إلى حكم صادر عن محكمة العدل الدولية عام 1989 ينصّ على أن اتفاقيات المياه تتمتع بنفس الحصانة القانونية التي تتمتع بها اتفاقيات الحدود مما يمنع تعديلها.