النظريات العلمية تلتقي بالتجارب الإبداعية في 'ألوان فنانين'

المؤتمر الأكاديمي الدولي للفنون التشكيلية بمدينة الحمامات يجمع حوالي مئة وعشرين مشاركًا لتبادل الخبرات الفنية والعلمية.

بمشاركات متميزة لباحثين وأكاديميين ونقاد وفنانين من عدد من البلدان، ووفق تعاون بين جامعات ومنظمات متعددة شهدت مدينة الحمامات التونسية في الفترة بين 30 أكتوبر/تشرين الأول وغرة نوفمبر/تشرين الثاني 2024 فعاليات وأنشطة الملتقى الدولي "ألوان فنانين" من حيث السياقات والتجارب، ما جعل الفعالية مجالا للتعاون والنقاش والحوار المفتوح ولتبادل الخبرات الفنية والعلمية، إلى جانب المعرض الفني التشكيلي الذي انتظم بالفضاء السياحي بالمدينة.

ويمكن القول إن هذا الحدث الثقافي العلمي الأكاديمي كان بمثابة المختبر الفني لالتقاء المجالات النظرية بالتجارب الإبداعية خلال ثلاثة أيام كانت فيها الأنشطة في شكل لقاءات وحلقات بالتوازي ومنابر وورشات تميزت بالجدية وبمداخلاتها المباشرة وعبر الفيديو عن بعد باستعمال تقنيات التواصل الحديثة.

وشهد الملتقى مشاركات واسعة من قبل حوالي 120 مشاركًا من بلدان مختلفة وهي تونس وفرنسا والمغرب والجزائر وكندا والبرازيل والولايات المتحدة وفق علاقات وبرامج تعاون دولي بدعم من اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وبمساهمة عدد من المؤسسات الجامعية منها معاهد الفنون الجميلة بالبلاد التونسية ومختبر اللغة والمعالجة الآلية بصفاقس ومختبر جامعة بوردو.

وكانت المداخلات قيمة ومنطلقة من تجارب فنية إبداعية في سياقات الألوان كمسار جمالي ومضامين تعبيرية، ما أتاح تنوع التناولات في أبعادها العلمية والأدبية والسوسيولوجية والفكرية والجمالية ضمن مقاربات النظري والتطبيقي وتواصلا مع سياق الموسوعة الرقمية للألوان.

وأشرف على تنظيم ملتقى "ألوان فنانين" كل من مخبر اللغة والمعالجة الآلية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمحافظة صفاقس ومختبر أبحاث بجامعة بوردو والمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ومدرسة الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة تونس وشبكة فرنكوفونيا واتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين.

وتنوعت المداخلات وفق منابر ولقاءات وحلقات حيث كانت الجلسة الأولى بإدارة الجامعية نجيبة شقير وهي عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، بينما أدار جلسة ثانية الجامعي الدكتور والفنان سامي بن عامر، وتضمنت مداخلة لبيير نويل عالم اجتماع وأنثروبولوجيا ومدير أبحاث فخري بمختبر أورميس التابع للمركز الوطني للأبحاث العلمية بنيس الفرنسية و"غوته ومعالم الفن الحديث والمعاصر" للبروفسور ماركو جارود جيانوتي أستاذ مشارك بجامعة ساو باولو، بالإضافة إلى مداخلات الكاتبة والناقدة والمترجمة أمال سفطة و"العمل الأحادي اللون في الفن المعاصر بالمغرب حالة" للفنانة التشكيلية الفرنسية المغربية ناجية محاججي". وقدمت دنيا الحجاجي عن جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس ورقة علمية بعنوان "الأحمر لون الهاوية والفرج" و"جوسيب فوكسونيت: تجربة الألوان الأرضية" لجينغيوان لينغ، ماجستير في تاريخ الفن بجامعة باريس 1 بانتيون السوربون و"التجريب بالألوان الأرضية" و"الأزرق في ملونات التشكيليين التونسيين: رضا الطيب والحبيب شبيل وعلي الزنايدي" للدكتور فاتح بن عامر أستاذ التعليم العالي و"لكي تخلق النشوة" من تقديم مدير المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس جامعة صفاقس و"انشائية: اللون تحدي" للدكتور وسام غرس الله أستاذ مساعد ومدير الدراسات والتدريب بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس و"لاصق ملون" في مداخلة لرودريغو بورخيس أستاذ مساعد في قسم الرسم بكلية الفنون الجميلة جامعة ميناس غيرايس الفيدرالية بالبرازيل.

وقدّم الأساتذة المساعدون في اختصاص التصميم بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد بجامعة القيروان وسام بن شيخة وأميمة الطرابلسي محاضرة بعنوان "اللون الأزرق في تصميم أجنحة المعارض: استراتيجيات الجذب والمؤثرات".

وتضمن برنامج المداخلات أيضا ورقة علمية لطالبة دكتوراه بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة بشرى عبدالسلام بعنوان "أزرق ماجوريل: من لون موروث إلى عامل رفاهية في قلب العمارة" و"السمع الملون: بين الإبداع الفني والذكاء الاصطناعي من خلال ممارسة ريوجي دورا" لبن لامين طالب دكتوراه بجامعة تونس و"اللون كوسيلة لتحديد الهوية وإلغاء التسجيل" في استرجاع الصور الرقمية، بالإضافة الى مداخلة بعنوان "الأرض المستردة: إعادة تفسير الجسم على أنه مادة عضوية ولون" لإيمان وادن طالبة دكتوراه بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة و"جماليات وما وراء الطبيعة السوداء" من تقديم البروفسور جان جاك فوننبرغر أستاذ الفلسفة بجامعة جان مولان ليون 3، في حين قدم البروفيسور برنارد لافارج أستاذ في علم الجمال بجامعة بوردو وناقد فني ومدير مشارك لمجلة الدراسات الجمالية الفرنسية محاضرة "ضحكة اللمسات اللونية الانطباعية".

وتواصلت الجلسات العلمية ومنها الجلسة التي أدارها الدكتور معز سفطة أستاذ التعليم العالي ومدير المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ومدرسة الدكتوراه في الآداب والثقافة بجامعة تونس والجلسة الثانية بادارة الدكتور الحبيب بيدة أستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس. ومن المساهمات النقدية والدراسية نذكر "من العين إلى المحيط لشكل ومنطق اللون" لآن سارة لو ميور محاضرة بجامعة باريس 1 السوربون و"اللون أثناء العمل: الرؤية وأحادية اللون في المساحة المثبتة" من تقديم باتريشيا فرانكا هوشيت فنانة وأستاذة وباحثة بجامعة ميناس غيرايس الفيدرالية و"ألوان طلاء السيراميك قبل وبعد الحرق" للدكتورة سناء جمالي أستاذة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة و"الألوان والصوت في غونغادو ديبرلنديا" لليوناردو هنريكي دا كروز باحث موسيقي وأستاذ علم الموسيقى و"عندما يضيء الرمادي أول ليلة بنظرة عمياء" للدكتور خالد عبيدة محاضر بمعهد الفنون والحرف بالمهدية جامعة المنستير والدكتور نزار مقديش أستاذ مساعد بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.

وقدم الدكتور الحبيب بيدة أستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس مداخلة على غاية من الشاعرية وعمق المضمون من حيث التعاطي مع فكرة وفلسفة التلوين والألوان متحدثا بالتوازي مع عرض نماذج من أعماله الفنية مشيرا إلى التجريد والتشخيص والتشاف ورمزية اللون ودلالاته وما يبتكره إبداعا الفنانون من ألوان هي غير التي تصنع وتباع للفنانين فاللون هو دلالة ومضمون ورؤية وكلمات.

وتنوعت جملة المداخلات للمشاركين وفق المحور والعنوان الدال للملتقى من ذلك ما قدمه كل من الدكاترة لمجد النوري وشيماء الزعفوري وهناء كريشان وسماح بوشعالة ورانيا القلسي ولمجد النوري، حيث تتالت الاسهامات البحثية والمعرفية متناولة جملة قضايا وأسئلة ضمن المحور العام للملتقى. وكان عدد المداخلات مهما حيث تعددت أسماء المحاضرين من تونس ومن بقية البلدان المشاركة ولأهميتها يجدر التفكير في نشر كتاب يضم ما قدم باعتباره مهما للطلبة والباحثين والفنانين والدارسين في مجالات الألوان والفنون الجميلة.

وتعددت الأعمال الفنية المعروضة لتعبر عن جملة تجارب وأساليب فنية. واختتم الملتقى الهام بقراءة وتقديم عدد من التوصيات التي ترمي في مجملها إلى تعميق الجانب التعاوني في هذا المجال الإبداعي والأكاديمي وتم تكريم المشاركين.