عودة ترامب تدفع قوى أوروبية للمطالبة بتعزيز الضغوط على إيران

دول أوروبية تدعو مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإستصدار قرار جديد ضد إيران، فيما أبلغت طهران غروسي أنها مستعدة للتفاوض في الملف النووي بعيدا عن الضغوط.
رئيس الطاقة الذرية الإيرانية يتوعد باتخاذ تدابير فورية ضد أي تدخل خارجي في برنامجها النووي
غروسي يعتبر التوصل إلى نتائج مع إيران ضرورة لتجنب الحرب
غروسي يدعو لتنجب ضرب المنشآت النووية الإيرانية

بروكسال - تسعى دول أوروبية لإستصدار قرار جديد ضد إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بسبب قلة تعاونها وفق ما أكد دبلوماسيون، بينما يترقب العالم عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي عرف بخطاباته وسياساته المعادية لطهران، فيما يأتي ذلك وسط مباحثات يجريها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي في طهران.
وتهدد مثل هذه القرارات بمزيد من التوتر الدبلوماسي مع إيران. فقد ردت إيران على قرارات سابقة وانتقادات أخرى وجهت إليها من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة بتكثيف أنشطتها النووية ومنع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد، الأمر الذي زاد من المخاوف الغربية بشأن أهدافها.
ومن شأن هذا القرار أن يكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار ما يسمى "تقريرا شاملا" عن الأنشطة النووية الإيرانية بالإضافة إلى تقاريرها الفصلية المنتظمة. وستتضمن التقارير وصفا مفصلا وتركيزا أكبر على المشاكل مثل فشل إيران المستمر في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.
والهدف هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولا مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى الذي سحب ترامب بلاده منه في عام 2018، مما أدى إلى انهياره.
وفي ذلك الاتفاق وافقت إيران على قيود صارمة على أنشطتها النووية وعلى عمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، حيث سعت القوى الغربية إلى تخفيف خطر الصراع بين إيران ومنافسيها الإقليميين من خلال تقليص قدراتها النووية.

مخاوفنا بشأن النشاط النووي الإيراني معروفة جيدا

وقال دبلوماسي أوروبي، وهو أحد خمسة دبلوماسيين قالوا إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدفع باتجاه التوصل لقرار "مخاوفنا بشأن النشاط النووي الإيراني معروفة جيدا. يبدو من الطبيعي أن نطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا شاملا. وهذا يوفر أساسا للتعامل مع السلوك الإيراني".

وكانت الجهود الغربية لإجراء مفاوضات مع إيران، بحيث يتم التوصل لاتفاق جديد قبل "يوم انتهاء" اتفاق عام 2015 في أكتوبر/تشرين الأول من العام المقبل، تستند إلى حد كبير على افتراض فوز كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية، نظرا لرفض ترامب التفاوض مع إيران.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ليست القوة الدافعة وراء القرار ولكن من المتوقع أن تدعمه، كما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو/حزيران. وتناقش القوى الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على قرار، والمعروفة باسم "إي3"، المسودة مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.
كما لم يكن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي حريصا على تقرير شامل لأنه منخرط في دبلوماسية دقيقة تهدف إلى الحصول على تفسيرات أكثر مباشرة لآثار اليورانيوم من إيران وإقناعها بتوسيع إشراف الوكالة على أنشطتها النووية.
وقال غروسي في مؤتمر صحفي في سبتمبر/أيلول عندما سئل عن إمكانية تقديم تقرير شامل "نحن نطرح هذا بالفعل".
واضاف "نهجي يتلخص في محاولة حل المشكلات الآن وعدم التفكير في اتخاذ إجراء عقابي في مرحلة ما في المستقبل. وتتلخص فكرتي في محاولة إنجاح التعاون الآن".

والخمبس التقى غروسي وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي. ومن المنتظر أن يلتقي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وفقا لوكالة "إرنا".

وبعد اللقاء كتب عراقجي على حسابه بموقع إكس أنه أبلغ مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران يمكنها حل الخلافات مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة عبر التعاون والمفاوضات، لكن ليس تحت الضغط.

وشدد على أن الاجتماعات كانت "مهمة ومباشرة"، في حين قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي إنها كانت "بناءة".
وأضاف "بصفتنا عضوا ملتزما بمعاهدة حظر الانتشار النووي، فإننا نواصل تعاوننا الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من الممكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار".

مدير الوكالة الذرية في إيران لمحاولة حل النزاعات المرتبطة بالبرنامج النووي
مدير الوكالة الذرية في إيران لمحاولة حل النزاعات المرتبطة بالبرنامج النووي

من جانبه قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إن تحقيق "نتائج" من الحوار مع إيران ضرورة لخفض التصعيد وتجنب حرب.
وصرّح غروسي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية "من الضروري التوصل إلى نتائج ملموسة واضحة تظهر أن هذا العمل المشترك يحسن الوضع ويبعدنا عن الصراعات، وفي نهاية المطاف، عن الحرب".

وشدد على أن المنشآت النووية الإيرانية يجب "ألا تتعرّض للهجوم"، وذلك بعد التهديدات الإسرائيلية في هذا الصدد.

وقال سلامي ان إيران ستتخذ "تدابير فورية" ضد أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعارض مع برنامجها النووي مضيفا أن "أي قرار تدخلي في الشؤون النووية للجمهورية الإسلامية سيقابل بالتأكيد بتدابير مضادة فورية".

وقال علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية،  إن غروسي "سيبذل كل ما في وسعه لمنع تفاقم الوضع".

وكانت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قالت الأربعاء إن "الولايات المتحدة وليس إيران، من انسحب من الاتفاق"، مشيرة إلى أن سياسة "الضغوط القصوى" التي مارسها دونالد ترامب "لم تكن فعالة".

وبعد زيارته الأولى التي أجراها إلى الجمهورية الإسلامية في أيار/مايو، يعود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران في ظل مناخ من التوتر الحاد بين إيران وإسرائيل وبعد يومين من تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن طهران باتت "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".

وفي تسليط للضوء على التوتر بين هدف غروسي المتمثل في التنازلات الفورية وهدف القوى الغربية الضغط على إيران لإجراء محادثات بشأن القيود النووية العام المقبل، قال مسؤول إيراني كبير "قد يترتب على صدور قرار رد فعل من طهران يتمثل في فرض قيود على التعاون الدبلوماسي والفني (مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية)."
ولا يزال السؤال القائم هو ما إذا كانت إدارة ترامب القادمة ستكون منفتحة على المفاوضات بشأن ما أطلق عليه بعض الدبلوماسيين صفقة "الأقل مقابل الأقل"، مقارنة بصفقة عام 2015.
وسيجري مراقبة التنازلات والوعود التي يحصل عليها غروسي من إيران عن كثب بحثا عن مؤشرات على انفتاح إيران على المحادثات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية الثلاثاء عن بزشكيان قوله إن طهران لن يكون بمقدورها تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة وتحتاج إلى "التعامل مع أعدائها بصبر".
وفي حين لم ترد تقارير عن خطط إدارة ترامب لإجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير/كانون الثاني، قال الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية "لا أريد أن ألحق الضرر بإيران ولكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية".