أمين الزواري يتناول 'الأغاني الشعبية في تونس'

الباحث التونسي يحاول في كتابه تقديم مقاربة تطمح إلى طرح بعض الإشكاليات منها ما إذا كانت التحولات الكونية الكبرى والسريعة الحاصلة إثر الطفرة التكنولوجية والاتصالية قد امتد فعلها وتأثيرها إلى الموسيقى الشعبية في تونس.

تونس - صدر حديثا عن مركز الموسيقى العربية والمتوسطية نجم الزهراء بالشراكة مع دار سوتيميديا للنشر والتوزيع كتاب "الأغاني الشعبية في تونس بين هاجس التأصيل ومنزع التأهيل" للأستاذ أمين الزواري.

ويتنزل هذا المؤلف الذي تصدره تقديم بقلم الأستاذ الدكتور لطفي عيسى، في سياق الاهتمام بالثقافة الشعبية عموما في تونس وخاصة منها الأغاني الشعبية، والبحث في الرهانات التي ما تنفك تثير الجدل منها مدى قدرة الأغاني الشعبية في تونس على الاستمرار والتفاعل من جهة، ومخاوف الذوبان والانصهار من جهة أخرى.

ووفق ورقة تقديمية للناشرين، فقد حاول الباحث في هذا العمل إثارة هذه المسائل من خلال مقاربة تطمح إلى طرح بعض الإشكاليات منها ما إذا كانت التحولات الكونية الكبرى والسريعة الحاصلة إثر الطفرة التكنولوجية والاتصالية قد امتد فعلها وتأثيرها إلى الموسيقى الشعبية في تونس، ليغير من حدود المفهوم ويفرض أسلوبا جديدا مختلفا لا في صياغة الأثر الموسيقي وبنائه فقط، بل كذلك في سبل تداول الأعمال الموسيقية وابتداع أساليب مستحدثة لنشرها.

وسعى الأستاذ أمين الزواري من خلال هذا العمل إلى الإجابة عن سؤال: هل أن عصر "الميديا" الجديدة أفضى إلى نشوء معايير مبتكرة تساهم في نجاح الأعمال الموسيقية من عدمه، وكذلك التساؤل عن تقييم جودتها وحداثتها وانسجامها مع المحيط السمعي والتقاليد الموسيقية، فضلا على بحث مسائل تتعلق بقضية الإبداع الموسيقي في حد ذاته.

وقال أمين الزواري في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك "صدر بحمد الله وتوفيقه كتابنا الثالث الموسوم بـ'الأغاني الشعبيّة في تونس بين هاجس التأصيل ومنزع التأهيل'... أملنا أن يسهم هذا المؤلف في تقديم الإضافة، لعل الباحث والقارئ يجدان بين ثناياه ما يُغري بمزيد من الاستفادة والبحث وما يحفّز على استمرار التفكير والإبداع".

وشارك لطفي عيسى متابعيه على فيسبوك مقتطف من نص التقديم الذي وضعه للكتاب، والذي حمل عنوان "أصالة الرصيد الغنائي الشعبي التونسي وإكراهات تأهيله زمن العولمة".

وجاء في المقتطف "احتذى أمين الزواري ضمن مؤلفه منهجا عوّل بالأساس على وصل رصد ظاهرة تطور الأغنية الشعبية، كما التوقّف عند مختلف التحوّلات التي طالتها بمنتهى الدقة، بمقترح تحليلي مكثف وعرض تركيبي مختصر، ساهم في استقراء مختلف الزوايا والأبعاد التي يطرحها واقع الأغنية الشعبية تونسيا وكونيا، وذلك طبقا لما تمّت مراكمته من مقاربات تحيل على أحدث المناويل المنهجية المعتمدة في علوم التراث كما في علوم الإنسان والمجتمع، من دون ذهول عمّا أفرزته سياقات الثورة السيبرانية وتطور الذكاء الرقمي منذ تسعينات القرن الماضي، وحتى عصرنا الحاضر".

وتابع "وهو ما اضطلع بإتمامه بكفاءة منهجية عالية، استوفت شروط صناعة المعرفة العلمية، كاستعراض المدونة وتعقب ما تضمره العينات المعتمدة في التحليل، والتوظيف الجيّد لصندوق الأدوات المنهجية، ومحاورة أبرز البحوث المنجزة وأحدثها في الغرض، فضلا عن التوفّر على جهاز نقدي متنوّع، تدل كثافته على سعة الاطلاع، بل والتبحّر أحيانا، مع قدرة على تركيب المضامين ومكافحة بعضها ببعض. لذلك لا يعترينا أي شك في قيمة منجزه المعرفي الذي يمثل فرصة لتوسيع الاطّلاع على تحوّلات المغنى الشعبي باعتباره متقاسم جمعي، وكذا على السياقات المخصوصة للتطورات التي تعصف بهذا الميسم المشترك للانتماء الذي بدا للمؤلف -وهو على تمام صواب- في حاجة ماسة للتفكير والتدبّر المعمّق، توافقا مع المقتضيات التي فرضتها العولمة على جمّاع التونسيين".