'الجوبة' تهتم بقضايا الأدب والثقافة
صدر حديثا بالمملكة العربية السعودية العدد الجديد من مجلة "الجوبة" الثقافية التي تصدر فصليا عن مركو عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بمدينة سكاكا بمنطقة الجوف، وتُعني بالثقافة والفنون والآداب.
واستهلت المجلة عددها الجديد، بمحور خاص عن الكاتبة والشاعرة عبير العلي، تضمن عدد من الدراسات التي تُحدثنا عن "كاتبة موهوبة جعلت من الإبداع خبزها ورغيفها، إذ رغم حداثة مسيرتها الأدبية إلا إنها استطاعت أن تثير دهشة النقاد والقراء بتوالي إصداراتها المنوعة من الباب الطارف إلى القصص وهدانة، وديوان شعر مدائن الغواية في تنوع يعكس أشكال البوح الذي يميز سيرة الأديبة عبير العلي".
وعن هذا الملف، يقول المشرف على تحرير المجلة، إبراهيم بن موسى الحميد، إن ملف العدد الـ88 من "الجوبة" يتضمن مقابلة مع الكاتبة والشاعرة عبير العلي، أشارت فيها إلى أن المشهد الثقافي لا يخلو من الثراء والإثارة، وأن المثقف السعودي والثقافة السعودية حاضران في المشهد الأدبي بكل أنواعه وتحولاته.
وأكدت على أن الكتابة ليست عشقا وجنونا وحسب، ولكنها فضاء واسع من الاحتمالات التي لا يمكن حصرها في شعور واحد أو اثنين وهي تشير إلى أن الكتابة بالنسبة إليها محاولة لعيش اللاممكن والمستحيل، ومحاولة لفهم الواقع، وتفسيره من زاوية ذاتية.
عبير العلي، تحدثت عن تجربتها في كتابة مقال الرأي، حيث قالت إنها "وجدت فيها واقعيتها أكثر، واشتغالا منتظما طوال عشرة أعوام، مشيرة إلى حقول الألغام، أو بساتين الزهر خلال كتابة مقال الرأي".
وفي ملف العدد: تناولت الناقدة الدكتورة إيمان المخيلد، مجموعة "وهدانة" لعبير العلي، حيث لفتت إلى أن المجوعة تكشف عن انصهار الذات مع عناصر الطبيعة، وتعيد تشكيل العلاقة الأسرية عبر المجاز.
وأكدت المخيلد أن هذه اللغة تفتح النص على تعددية في القراءة، وتدعو القارىء إلى تأويل يتجاوز السطح المباشر، إلى نحو عمق شعري سردي، مشددة على أن نص عبير العلي يعيد مساءلة المفاهيم التقليدية عن الذات والجسد والحرية.
وفي الملف، تحدثت الناقدة د. هويدا صالح عن رواية "ضيار"، فقالت إن الرواية تمثل أنموذجاً سردياً مركباً يستثمر عناصر التذكر والشتات المكاني، والهواجس النفسية، لتشكيل خطاب ثقافي يلامس أسئلة الهوية والانتماء.
وأوضحت صالح أن الرواية لا تطرح حكاية بسيطة، بل تنسج حالة وجودية كاملة من التيه والفراغ والبحث عن معنى.
ونبقى في ملف العدد، حيث يقول الناقد السعودي بكر منصور بريك، إن العنوان يبقى في المجموعة هو الأيقونة الأولى، والعتبة الابتدائية والعلامة المكانية المواجهة "مدائن الغواية"، وحينما يغدو العنوان ذا صلة بالنصوص الدالة، والبنى الدلالية؛ فإنه يحتاج منا إلى تأمل وتقليب في تأملاتنا الواعية وغير الواعية، مدائن ملأى بالعمران الإسمنتي، ومتخمة بمظاهر الهياكل الحديدية، التي تتسم بأبهة التنظيم، وبراعة الترتيب، وحسن المناظر ولكنها تخلو من الجمال الروحاني بين ساكنيها، فأصبحت قطعا موحشة من الأحزان والأكدار، ومرآة عاكسة للكآبة والشقاء.
وعن رواية "الباب الطارف" لعبير العلي يُحدثنا على صفحات ملف العدد اثنين من النقاد هما: محمود قنديل، وشريف الشافعي، فيقول قنديل إن سرد عبير العلي يحفل بأجواء الرومانسية ويحتفل بالأمكنة الطبيعية، ويحتفي بالأحاسيس في أتون اشتعالها، ويضيف بأننا أمام نص روائي مائز كتبته عبير العلي بموهبتها الفنية وطاقتها الإبداعية.
ويقول شريف الشافعي: أن لغة رواية الباب الطارف شاعرية بامتياز، قلقة ومتوترة، وتشويقية بما يناسب الهزات النفسية والدفقات الوجدانية والاشتعالات والانطفاءات المتتالية لبطلي الرواية.
وفي موضوعات العدد: نقرأ مجموعة من المقالات والدراسات والنصوص الإبداعية، حيث نستعيد مع الكاتب خلف القرشي اللغة والسرد في نصوص الطين للأديب عبدالرحمن الدرعان، الذي يؤكد أن المجموعة ليست رحلة في الحكاية، بل نحت في الذات المكسورة.
ونقرأ ورقة بحثية للناقد حامد بن عقيل، حول الأدب الأرجنتيني، يتتبّع فيها أنماط وجود الفاوتشو في مسار الأدب الارجنتيني، ورواية "النفق" لـإرنستو ساباتو. إضافة إلى دراسات ومقالات تحمل دلالات مهمة في مجالاتها، شارك فيها ابتسام البقمي وصباح فارسي، وإبراهيم زولي وهشام بنشاوي.
وفي مجال النصوص الأدبية، نقرأ مشاركات لكل من فرح لقمان/محمد الرياني/إبراهيم جعفري/ملاك الخالدي/علي البهكلي/عمرأبوالهيجاء/حسن الربيج/غالية خوجة/ فاطمة يحيى/نادية السالمي/ أميرة صبياني/عنبر المطيري/علاء الدين حسن/عبدالله بيلا.
وفي باب مواجهات، قدمت المجلة مقابلة مع عبدالرحمن المفرج الذي قضى أربعة أعوام استغرقها في تأليف رحلة التغير في الديرة. أما المواجهة الثالثة، فكانت مع الشاعر عصام أبوزيد الذي يقول بأنه رسام قبل أن يكون شاعرا ومشروعي الوحيد هو التسلية.
أما باب نوافذ، فقد اشتمل على العديد من المقالات التي شارك فيها كل من أيمن السطام/هناء جابر التي تكتب عن أدب الصداقة والأشجار العتيقة في وجه الريح/وصفية الجفري التي تكتب عن المغفرة التي لامناص منها. ويكتب أيضا راجح المحوري/حجاج سلامة/الروائية فاطمة عبدالحميد/د. مرام المفرح/أحمد العودة.
إضافة إلى باب قراءات شارك فيها أحمد العودة وطاهر الباهي، أما الصفحة الأخيرة فكانت لنوير العتيبي وموضوعها الخسارات النبيلة. وقد جاءت لوحة الغلاف للفنانة مها غازي الملحم من سكاكا.
يُذكر أن الجوبة مجلة ثقافية تصدر كل ثلاثة أشهر ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث بمركز عبدالرحمن السديري الثقافي بمنطقة الجوف السعودية.
يرأس مجلس إدارة مركز السديري الثقافي الذي يُصدر "الجوبة" فيصل بن عبدالرحمن السديري، ويشغل منصب العضو المنتدب الدكتور زياد بن عبدالرحمن السديري، وتتكون هيئة النشر ودعم الأبحاث بالمركز من الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد رئيسا، وعضوية الدكاترة خليل بن إبراهيم المعيقل، ومشاعل بنت عبدالمحسن السديري، وعلى دبكل العنزي، ومحمد بن احمد الراشد.. ويُشرف على تحرير المجلة إبراهيم بن موسي الحميد، وتتكون هيئة التحرير من محمود الرمحي ومحمد صوانة، والإخراج الفني لخالد الدعاس.
وقد نجحت "الجوبة" في أن تؤسس لنفسها كمنبر ثقافي جمع في موضوعاته بين الأصالة والمعاصرة، وانحاز للثقافة والآداب والفنون العربية بكل تجلياتها، وعبّرت عن الحضارة العربية، واهتمت بأن تُضيء على الثقافة والفكر الإنساني، فجاءت أعدادها فريدة في موضوعاتها، أنيقة في إخراجها، ثرية في أطروحاتها.