عبق التراث الموسيقي يفوح من 'فيزا فور ميوزيك' بالرباط
الرباط - انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان وملتقى موسيقى أفريقيا والشرق الأوسط "فيزا فور ميوزيك"، الأربعاء، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، بحضور سفراء وفنانين مغاربة وعالميين وعدد من مهنيي الثقافة والموسيقى.
وتميز حفل افتتاح التظاهرة الفنية باستعراض انطلق من متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر في الرباط إلى المسرح الوطني محمد الخامس، وبثلاث حفلات موسيقية مجانية جمعت بين عبق التراث الموسيقي والأنماط الموسيقية الحديثة، برع في أدائها كل من فرقتي تاسوتا نيمال (المغرب)، وفيرو غايتا (الرأس الأخضر)، والمغنية فاليري إيكوم (الكاميرون-فرنسا).
ووفقًا لبيان سابق صادر عن اللجنة المنظمة، سيستضيف المهرجان هذا العام 58 فنانًا من 35 دولة، حيث يقدم عروضًا موسيقية تمثل القارة الأفريقية والمنطقة العربية، بالإضافة إلى مشاركة فنانين من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، مما يتيح تجربة موسيقية فريدة.
وقال محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل في كلمة له بالمناسبة، إن هذا الحدث يعد "موعدا لا غنى عنه" حيث تشهد هذه الدورة دخول الشراكة مع الوزارة عقدها الثاني، داعيا إلى جعل هذا الملتقى الخاص بالصناعات الثقافية والإبداعية الوطنية والدولية نموذجا يحتذى به في قطاعات أخرى.
وأوضح أن المغرب، على مدى السنوات العشر الماضية، أدرك أهمية الصناعات الثقافية والإبداعية، التي تعد "مستقبل الاقتصاد المغربي"، مضيفا أن الفاعلين من القطاعين العام والخاص، إلى جانب الفنانين والمنتجين والجمهور نفسه، بدأوا شيئا فشيئا في تشكيل منظومة للصناعات الثقافية والإبداعية في المغرب، مع ترسيخ العديد من أوجه التكامل.
وأشار إلى أنه في "إطار توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، بدأت القوى الحية في المغرب في تكريس جهودها لدعم سياسات ثقافية شاملة ومنفتحة على العالم، تهدف إلى تثمين التراث الثقافي ومواكبة الابتكار".
وتعد "فيزا فور ميوزيك" تظاهرة ثقافية تندرج في إطار دينامية تهدف إلى تحويل الإمكانات الثقافية إلى "مصدر مدر لفرص الشغل، ورافعة للتنمية وعامل لتوطيد التماسك الاجتماعي"، وفق بنسعيد، مؤكدا أن التظاهرة تتجاوز حدود الوطن لتتوجه نحو أفريقيا بالخصوص، من أجل تعزيز الازدهار المتمحور حول الثقافة والإنسان.
وأصبح هذا الحدث الفني منذ انطلاقه سنة 2014 بمثابة سوق حقيقية وفضاء أساسيا للتبادل واللقاءات الثقافية، وفقا لما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء نقلا عن إبراهيم المزند المدير المؤسس لمهرجان "فيزا فور ميوزيك".
وأبرز أن دورة 2024 ستشهد تنظيم حوالي 60 حفلة موسيقية، إلى جانب توافد متوقع للآلاف من عشاق الموسيقى، وتنظيم العشرات من الندوات التي تجمع خبراء من جميع أنحاء العالم. كما ستشمل دورات تدريبية غنية سيستفيد منها المئات من المهنيين الشباب، مما سيساهم في تعزيز دينامية الصناعات الثقافية والإبداعية في المغرب وأفريقيا.
ويتم على هامش هذه الدورة تنظيم العديد من الورشات في مواضيع تهم "من الساحة المحلية إلى المهرجانات الدولية: كيفية الوصول إلى الفرص العالمية للفنانين الناشئين"، و"تعزيز القدرات في مجالات المهن التقنية للموسيقى"، و"مقدمة في الموسيقى التفاعلية وخلق الموسيقى المخصصة لألعاب الفيديو".
وسيتم كذلك على هامش المهرجان تنظيم ندوات تتناول، على الخصوص، "برنامج حاضنات الشركات في الصناعات الثقافية والإبداعية"، و"الوصول إلى الثقافة في مجال الموسيقى: تطوير القدرات في مجال الموسيقى والمهن الجديدة"، و"تثمين الآلات الموسيقية التقليدية الأفريقية: التراث، قضايا الإبداع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية"، و"استكشاف صناعة الموسيقى في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتجارة الموسيقى، وتنوع المواهب في المنطقة".
وذكر بلاغ للمنظمين أن المهرجان الذي تحتضنه مدينة الرباط خلال الفترة من العشرين إلى الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري من المتوقع أن يحضره أكثر من ألف محترف في مجال الصناعة الموسيقية، بالإضافة إلى أكثر من 500 فنان من مختلف أنحاء العالم، باعتباره من أبرز مواعيد الموسيقى الأفريقية والشرق أوسطية.
وأكد المزند على "الدور الأساسي" الذي يضطلع به الفن والفنانين في التغيير ونشر قيم التسامح والأمل، معربا عن ترحيبه بمشاركة فاعلين ثقافيين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك وفود من أفريقيا وأوروبا وأميركا ومنطقة الكاريبي وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا، وكذلك من المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وخص بالترحيب الفنانين المغاربة القاطنين بالخارج الذين قدموا من أوروبا وأستراليا وغيرهما.
ويشدد رئيس مؤسسة هبة، يونس بومهدي، أن فيزا للموسيقى هي "شرارة" ومنصة فريدة في أفريقيا للاحتفال بالموسيقى، مضيفا أن المغرب، وخاصة الرباط، تفخر بكونها "ملتقى" يجمع المواهب من أفريقيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى.
ولفت إلى أن صناعة الموسيقى في أفريقيا تبلغ قيمتها حاليا حوالي 600 مليون دولار، وهو رقم سيتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2030 إذا تضافرت جهود جميع الجهات الفاعلة، داعيا شركات الإنترنت الكبرى ومنصات البث إلى مراجعة سياسات الأجور لصالح الفنانين الأفارقة والمغاربة، ودعم إشعاع هذه الموسيقى، وإضفاء الطابع الاحترافي على هذا القطاع، وتعزيز العلامات وهيكلة الصناعة وحماية حقوق المؤلفين.
ويعتبر مهرجان "فيزا فور ميوزيك" منذ تأسيسه سنة 2014 من طرف مؤسسة آنيا الثقافية، ملتقى حقيقيا للفاعلين في مجال الموسيقى، إذ يقدم برنامجا يلبي احتياجات مهني وعشاق الموسيقى من خلال لقاءات وعروض موسيقية حية ومؤتمرات وورشات عمل منظمة في عدة أماكن تاريخية بمدينة الرباط.
ويأتي هذا الحدث بدعم من وزارة الثقافة والشباب والاتصال، وجهة الرباط – سلا – القنيطرة، والمكتب المغربي لحقوق المؤلف، بالإضافة إلى الشركاء من القطاعين العام والخاص، مما يعكس أهمية التعاون لتحقيق رؤى "فيزا فور ميوزيك" في تطوير الصناعة الموسيقية.