أزمة السيولة تدفع مصرف ليبيا المركزي لطباعة عملة جديدة

البنك المركزي الليبي يكلف شركة بريطانية بطباعة 30 مليار دينار لحلحلة مشكلة شح السيولة في البنوك التجارية في البلاد.

طرابلس - قال مصرف ليبيا المركزي اليوم الخميس إنه كلف شركة دي لا رو البريطانية لطباعة الأوراق النقدية بطباعة 30 مليار دينار (6.250 مليار دولار) لحلحلة مشكلة شح السيولة في البنوك التجارية في البلاد، في ظل تواصل أزمة يشهدها المصرف منذ سنوات نتيجة الانقسامات السياسية وانعكاساتها الاقتصادية.

وأوضح المركزي الليبي في بيان أن محافظه ناجي عيسى اجتمع الأربعاء مع كليف فاشير الرئيس التنفيذي للشركة ومايكل ويلسون مديرها الإقليمي لمناقشة تنفيذ التعاقد ومواعيد استلام الشحنات، مضيفا أنه يعتزم سحب الأوراق النقدية القديمة وفقا لجدول زمني.

 والأحد الماضي قال المصرف إن مشكلة نقص السيولة "ستحل تدريجيا" اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2025 بما يتسق مع خطة أقرها مجلس إدارة المصرف.

وتعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات رغم ما تملكه من ثروة نفطية، ما دفع بالليبيين الى اللجوء بشكل متزايد إلى البطاقات المصرفية، إلا أن عملية سحب الأموال باتت تشوبها عقبات وتحديات في غالبية المدن الليبية، اذ يصطف المئات من الزبائن لساعات خارج فروع البنوك منتظرين دورهم للحصول على نقود غالبا ما تنفد سريعا بسبب نقص الإمدادات في النظام المصرفي.
كما أن عدم الثقة بالنظام المالي المتهالك أساسا، يعني أن هذه الأموال نادرا ما يعاد ضخّها في المصارف، اذ يفضّل المواطنون الاحتفاظ بنقودهم في متناول اليد.

ويعتمد اقتصاد البلاد بشكل كبير على عائدات النفط. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن رواتب موظفي الحكومة شكلت النسبة الأكبر من الإنفاق وبلغت 48.6 مليار دينار (9.832 مليار دولار) في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول من إجمالي عائدات النفط البالغ 67.8 مليار دينار خلال تلك الفترة.

وفي محاولة لمعالجة أزمة السيولة، ضخ البنك 15 مليار دينار (3.072 دولار) في النظام المصرفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بينما حث البنوك على "تسهيل إصدار البطاقات" للعملاء، ومطالبته بخفض العمولات لتشجيع الليبيين بشكل أكبر على "الدفع الإلكتروني".

وكان المركزي الليبي قد لجأ في الأشهر الأخيرة إلى تغيير ضريبة بيع النقد الأجنبي بشكل متكرر في محاولة لتحقيق استقرار في سعر الصرف وتخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية، ما أدى الى ارتفاع تكاليف المعيشة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قرارا يتعلق بخفض الرسم الضريبي المفروض على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية ليصل إلى 20 في المائة.

وأشار نص قرار البرلمان الى أن الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي يستخدم في تغطية نفقات المشروعات التنموية أو يضاف إلى الموارد المتخصصة لدى مصرف ليبيا المركزي لسداد الدين العام.

ووفق تقارير لصندوق النقد الدولي فإن الدول تلجأ عادة الى استبدال العملات القديمة بأخرى جديدة كوسيلة لإعادة الثقة في العملة الوطنية في حالات الأزمات الاقتصادية أو التضخم المفرط، بالإضافة الى ضبط السيولة ومحاربة التزييف

 وتشير الأبحاث في القطاع المالي إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تكون مكلفة ومعقدة. ومن بين تحدياتها ضعف الثقة في النظام المصرفي وقيود الوصول إلى النقد الأجنبي، مما يدفع المواطنين والشركات نحو السوق الموازية.

وبدأت قيمة الدينار الليبي في الانخفاض بشكل ملحوظ منذ العام الماضي، ليتراجع بسرعة أكبر مع بداية العام 2024، فيما قدر صندوق النقد الدولي أن تصل احتياطيات ليبيا من العملة الصعبة بنهاية هذا العام حوالي 88 مليار دولار.