هبة يسري تحيي السينما الواقعية في 'الهوى سلطان'
الرباط -يحكي فيلم "الهوى سلطان" للمخرجة المصرية هبة يسري قصة شابة وشاب تربطهما صداقة وطيدة منذ الطفولة، يواجه الصديقان معا تحديات حياتية مختلفة، سواء مع أصدقائهما أو عائلتيهما، في إطار يعالج تفاصيل حياة الطبقة المتوسطة، ومع تقدم الأحداث تطرأ تغيرات مفاجئة تعيد تشكيل علاقتهما، وهذا الطرح يفتح المجال لاستكشاف مشاعر متناقضة وتحولات إنسانية مفاجئة.
الفيلم من سيناريو هبة يسري، وبطولة كل من منة شلبي، وأحمد داود، وسوسن بدر، وعماد رشاد، وأحمد خالد صالح، وخالد كمال.
اعتمدت هبة يسري في كتابة السيناريو على تفاصيل قريبة من الواقع تبرز بساطة الحياة اليومية وتعقيداتها في آنٍ واحد، وكيف يمكن للحب أن يكون ملجأً وسط صراعات الحياة العادية دون الحاجة إلى إقحام عناصر درامية ثقيلة، ورغم أن البعض رأى أن الحبكة أقرب لعمل تلفزيوني طويل، إلا أن جوهر السيناريو في الحفاظ على التوازن بين الواقعية والدراما ساعدت في إبقاء القصة متماسكة ضمن إطار فضاء سينمائي مقبول.
وتألقت منة شلبي في تجسيد شخصية البطلة بأداء صادق ومعقول، تمثل في ابرازها لمشاعر متناقضة بين الحب والخوف والتردد، بينما قدّم أحمد داوود أداءً تلقائيًا ذو طابعًا واقعيًا على الشخصية الذكورية، وهنا تمكن الثنائي من خلق كيمياء منسجمة ساهمت في إظهار مصداقية القصة وهو ما جعل الجمهور يشعر بأنهما شخصيات حقيقية وليست مجرد أدوار مكتوبة.
وتعيد احداث الفيلم إحياء تقاليد المدرسة الواقعية التي اشتهرت بها السينما المصرية الكلاسكية إلى حد ما يمكن قبول ذلك لكن ليس بنفس الجودة، إذ استوحى الفيلم روحه من أعمال كبار المخرجين مثل صلاح أبو سيف وكمال الشيخ، الذين ركزوا على تصوير الحياة اليومية للمجتمع المصري بأدق تفاصيلها، بينما يبتعد جوهر العمل عن التوجهات التجارية الحالية التي تعتمد على البلطجة والمبالغات، ويقدّم بدلاً من ذلك صورة صادقة عن المجتمع المصري خاصة في هذا النوع من الطرح الرومانسي.
وتكسر متتاليات المشاهد ذات الايقاع البطيء النمط السائد في بعض الأعمال السينمائية التي تُرسخ صورة مشوهة للمجتمع عبر التركيز على العنف والفساد، كنموذج فني يقترب من نبض الناس ويعكس حياتهم العادية والتواصل بين العمل الفني وجمهوره، وهو ما يبرز رغبة الجمهور الملحة في رؤية سينما حقيقية تعبّر عنهم، بينما
تمكنت احداث الفيلم من ترك بصمة إيجابية لدى المشاهدين الذين استشعروا صدقه وبساطته، من خلال تصويره لحياة الطبقة المتوسطة بشكل واقعي وغير مصطنع، أعاد تعريف العلاقة بين السينما وجمهورها، ويظهر هذا التفاعل الإيجابي حاجة المشاهد إلى أعمال تعبّر عن حياته، وهنا يتبين لنا أن السينما الواقعية لا تزال قادرة على تحقيق نجاحات في القاعات السينمائية وسط هيمنة الأعمال التجارية خاصة وأن فكرة أن الفن يمكن أن يكون نافذة صادقة على المجتمع، قادرة على تصوير أحلامه وصراعاتهن وعبر هذا العمل، تؤكد هبة يسري أهمية العودة إلى تقديم قصص تحاكي الواقع وتذكرنا بدور السينما كمرآة تعكس الحياة بأدق تفاصيلها.
وهبة يسري هي مخرجة وممثلة مصرية نشأت في عائلة فنية فجدتها لأبيها هي المطربة شهر زاد وجدها مدير التصوير عبدالمنعم بهنسي ووالدها عازف الأورغ يسري رمزي، وكان أول أعمالها الفنية وهي لاتزال طالبة بمعهد السينما بفيلم "عشق آخر" والذي قامت بكتابته وإخراجه وتمثيله وتم عرضه في مهرجان أفلام ساقية الصاوي وحصل علي جائزة لجنة التحكيم وعرض في مهرجان فيبا بفرنسا وفي معهد جوتة، وشارك فيلمها "ستو زاد" في مهرجان دبي السينمائي وهو فيلم وثائقي يروي رؤيتها الخاصة لجدتها المطربة الكبيرة وكيف تأثرت بها، واشتركت هبه في بطولة فيلم "فيلا 69" بدور "هناء".