عادل إمام: زعيم الكوميديا ونجم نجوم الدراما العربية

الفنان الأسطوري يرسخ مسيرة فنية تحمل روح الشارع المصري والعربي وقضاياه الاجتماعية.

يتربع الفنان عادل إمام على عرش السينما المصرية كأحد أبرز نجوم الكوميديا والدراما في العالم العربي، إذ يتميز أسلوبه التشخيصي بالمزج بين الفكاهة الشعبية والنقد الاجتماعي في أغلب اعماله، ما جعله رمزًا ثقافيا وفنيا بلا مثيل.

وبرز عادل إمام كنجم صعد في ستينيات القرن العشرين، عندما بدأ مشواره بأدوار ثانوية في السينما والمسرح قبل أن يتألق في أفلام الأبيض والأسود مثل "مراتي مدير عام" و"نص ساعة جواز"، وهي أعمال أخرجها فطين عبد لوهاب، وتجلت موهبته المبكرة في تقديم الكوميديا بلمسة عفوية، معتمدًا على الحركة الجسدية المبالغ فيها والتعليقات الساخرة التي تعكس روح الشارع المصري، وعززت مشاركته في مسرحية "مدرسة المشاغبين" من حضوره، حينما أتقن فن الارتجال والتفاعل المباشر مع الجمهور، ليشكل بذلك أساس نجوميته، وساهمت هذه البدايات في صقل أسلوبه الذي يجمع بين الخفة والذكاء، ممهدًا الطريق لمسيرة حافلة بالإنجازات.

ويتقن عادل إمام فن الكوميديا بأسلوب يجمع بين الفكاهة اللفظية والجسدية، موجهًا سخريته نحو القضايا الاجتماعية والسياسية، ويبرز فيلم "الإرهاب والكباب"، الذي احتل المركز الثالث في استفتاء مهرجان الإسكندرية سابقا، كمثال رائع على قدرته على تحويل قضية معقدة مثل الإرهاب إلى مادة كوميدية تحمل نقدًا لاذعًا للبيروقراطية، كما تتألق أفلام أخرى مثل "النوم في العسل" و"البحث عن فضيحة" بفضل عفويته وارتجاله، إذ يضيف تعليقات تلقائية تجعل المشاهد تبدو واقعية، ويتميز أسلوبه الكوميدي بالقرب من الجمهور، إذ يقدم شخصيات شعبية تعبر عن هموم المواطن العادي، كما في "السفارة في العمارة" الذي تناول الصراع العربي-الإسرائيلي بسخرية ذكية، وهذا  الأسلوب  يعبر عن قدرة عادل إمام على جعل الضحك أداة للتفكير والنقد.

ويثبت عادل إمام جدارته في الأدوار الدرامية، عندما يقدم شخصيات تحمل أبعادًا إنسانية معقدة، ممزوجة بلمسة كوميدية خفيفة، مثل  فيلم"مرجان أحمد مرجان" و"عريس من جهة أمنية"، التي برزت في الاستفتاء ايضا، في قدرته على تناول قضايا اجتماعية بأسلوب يجمع بين الجدية والفكاهة، ويتألق في "زهايمر" بدور درامي قوي حول صراعات التقدم في العمر، موجهًا التركيز على الجانب الإنساني لشخصياته، بينما يبرع في اختيار قضايا ملحة، كالتعايش الديني في "حسن ومرقص" أو الفساد السياسي في "طيور الظلام"، مقدمًا نقدًا اجتماعيًا بصدق عاطفي يجعل الجمهور يتعاطف مع شخصياته، و يبين التنوع  والتحول بين الأنواع الفنية دون فقدان هويته المميزة.

ويسيطر عادل إمام على خشبة المسرح بحضور طاغٍ جعله أحد أعمدة المسرح الكوميدي المصري، مثل  مسرحية "الزعيم" و "شاهد مشفش حاجة", التي تبرز قدرته على تقديم نقد سياسي واجتماعي مغلف بالفكاهة، ويعتمد أسلوبه المسرحي على التفاعل المباشر مع الجمهور، مستخدمًا الارتجال لخلق لحظات عفوية تضفي حيوية على العروض، وتساهم هذه الأعمال في تعزيز مكانته كفنان يعبر عن آراء الشارع المصري، عندما يحول المسرح إلى منصة لمناقشة قضايا مثل الفساد والسلطة بأسلوب يحبه الجماهير، ويعتبر المسرح كساحة أساسية صقلت موهبته وساهمت في بناء إرثه الفني.

تعتبر مكانة عادل إمام كظاهرة ثقافية وفنية، حينما تفوق على نجوم كبار مثل فؤاد المهندس وسمير غانم بعدد الأفلام. ويشير الناقد أمير أباظة، رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما، إلى أن الأفلام الكوميدية لم تحظَ بالتقدير النقدي الكافي رغم شعبيتها، يجعل هذا الاستفتاء خطوة مهمة لتركيز على إسهامات عادل إمام، وتمتد أفلامه لتتناول قضايا الفقر، الفساد، والتعايش، كصوت للشعب العربي، ويلهم إرثه الفني أجيالًا من الفنانين، ويظل تأثيره محفورًا في وجدان الجمهور كفنان جمع بين الترفيه والتأمل.

وانطلق عادل إمام مشواره الفني بأدوار صغيرة في المسرح والسينما. شارك في مسرحية "أنا وهو وهي" مع فؤاد المهندس وشويكار، وجذب الأنظار إليه، بينما في السينما ظهر في أفلام كوميدية رومانسية مثل "مراتي مدير عام"، "كرامة زوجتي"، و"عفريت مراتي" بجانب صلاح ذو الفقار وشادية، كما قدم أدوارًا في أفلام تمزج الكوميديا بالإثارة مثل "لصوص لكن ظرفاء" مع أحمد مظهر وماري منيب، و"برج العذراء" مع ناهد شريف.

تألق في مسرحية "مدرسة المشاغبين" بدور بهجت الأباصيري، محققًا شهرة واسعة، كما قدم أفلامًا مثل "البحث عن فضيحة" مع ميرفت أمين، "عنتر شايل سيفه" مع نورا، و"البحث عن المتاعب" مع محمود المليجي، وفيلم "إحنا بتوع الأتوبيس" تناول قضايا سياسية جريئة، و"رجب فوق صفيح ساخن" مع سعيد صالح حقق نجاحًا كبيرًا. وشارك أيضًا في مسلسل إذاعي مع عبد الحليم حافظ بعنوان "أرجوك لا تفهمني بسرعة".

وهيمن إمام على السينما بأفلام تجسد شخصيات مصرية متنوعة، مثل الشاب المتعلم أو الريفي البسيط ، من خلال أدوارًا كوميدية وجادة في أفلام مثل "المشبوه"، "النمر والأنثى"، "المولد"، و"حنفي الأبهة"، وحظي بإشادة النقاد والجماهير.

وركز الممثل المخضرم على أفلام تناقش قضايا سياسية واجتماعية بأسلوب كوميدي، مثل "الإرهابي" الذي تناول التطرف الديني، "طيور الظلام" الذي انتقد الإسلام السياسي، و"النوم في العسل" الذي ناقش قضايا اجتماعية، وتعاون مع السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة في أعمال عكست هموم المجتمع.

وحقق عادل امام نجاحًا عالميًا بدور زكي الدسوقي في "عمارة يعقوبيان"، الذي عُرض في مهرجانات دولية مثل تريبيكا، وفيلم "مرجان أحمد مرجان" عن الفساد، "حسن ومرقص" مع عمر الشريف عن التعايش الديني، "بوبوس" مع يسرا، و"زهايمر" مع نيللي كريم، حيث دعم المواهب الجديدة، كما قدم مسلسلات مثل "فرقة ناجي عطالله"، "صاحب السعادة"، و"فالنتينو". واستمر في المسرح بأعمال مثل "الزعيم" و"بودي غارد".