فيسبوك يخطط للعودة لجذوره لاسترجاع أمجاد البدايات
واشنطن - أعلنت ميتا الخميس عن نتائجها المالية الفصلية، وبينما شاركت تحديثات حول "ثريدز"، و"إنستغرام"، و"الميتافيرس"، كشف الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ عن أولوية جديدة مثيرة للاهتمام لهذا العام: العودة إلى "فيسبوك الأصلي".
حقق فيسبوك، وفقًا لأي مقياس منطقي، نجاحًا هائلًا لميتـا، إذ يمتلك مليارات المستخدمين النشطين شهريًا.
ومع ذلك، أصبح فيسبوك مجرد فكرة ثانوية للكثيرين في ظل المشهد الحالي المتشعب لوسائل التواصل الاجتماعي.
لكن يبدو أن زوكربيرغ يطمح إلى تغيير ذلك هذا العام.
ولم تقدم الشركة تفاصيل دقيقة حول التغييرات المرتقبة، لكن بدا واضحًا أن ميتا تحتاج بشدة إلى جذب المستخدمين الشباب إلى فيسبوك لضمان استمراريتها للأجيال القادمة.
أوضح زوكربيرغ، عند سؤاله عن خططه لـ "فيسبوك الأصلي"، أن ذلك يعد أحد مجالات التركيز الرئيسية للشركة هذا العام، مشيرًا إلى أن ميتا تخطط للاستثمار فيه وقضاء الوقت على تطويره.
رأى زوكربيرغ أن هناك العديد من الفرص لجعل فيسبوك أكثر تأثيرًا من الناحية الثقافية مما هو عليه اليوم.
حذّر زوكربيرغ المستثمرين من أن هذه التغييرات قد تتطلب بعض التنازلات فيما يتعلق بـ"تعظيم النتائج التجارية على المدى القريب"، مما يشير إلى احتمال تأثر الإيرادات. وأكد أن تغييرات المنتج ستبدأ في الظهور خلال ستة أشهر تقريبًا.
صرّح زوكربيرغ بأن بعض هذه التغييرات ستعيد فيسبوك إلى الطريقة التي كان يُستخدم بها في الأصل، لكنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل. وأصبح تراجع اهتمام الشباب بفيسبوك مشكلة متزايدة بالنسبة للشركة، خاصة مع تقدم الفئة الأساسية من المستخدمين البالغين في العمر.
كشفت دراسة أجرتها eMarketer في أغسطس/أب الماضي أن المستخدمين الأميركيين من الجيل زد (18-24 عامًا) يقضون وقتًا أطول بكثير على تيك توك، يليه إنستغرام وسناب شات، حيث يمضون ضعف الوقت مقارنة بإجمالي السكان البالغين في الولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، أظهرت دراسة لمؤسسة بيو للأبحاث لعام 2024 أن نسبة استخدام المراهقين الأميركيين (13-17 عامًا) لفيسبوك تراجعت بشكل حاد من 71% في 2014-2015 إلى 33% فقط. ويميل الجيل زد إلى استخدام ميزات أكثر عملية مثل "فيسبوك ماركت بليس" بدلاً من الاهتمام بالجوانب الاجتماعية للمنصة.
أدركت ميتا هذه التحديات منذ فترة طويلة، حيث أطلقت في أكتوبر/تشرين الاول 2024 إعادة تصميم لفيسبوك تستهدف الجيل زد، مع التركيز بشكل أكبر على المعلومات المحلية، والفيديوهات، والمجموعات.
تسعى الشركة الآن إلى البناء على تلك التغييرات بإجراء تحديث إضافي لمنصة فيسبوك في عام 2025، رغم عدم وضوح مدى قدرتها على منافسة تيك توك، التطبيق المفضل للجيل زد.
أرسل مستخدمو الجيل زد إشارة قوية بأنهم مستعدون للانتقال إلى منصات أخرى غير ميتا، في حال استمر حظر تيك توك في الولايات المتحدة. وبدلًا من العودة إلى منصات ميتا، قام الشباب بتنزيل تطبيق RedNote، وهو تطبيق صيني آخر مشابه لتيك توك، خلال فترة الحظر المؤقت لتيك توك في الولايات المتحدة.
صعوبة في استعادة المستخدمين الشباب
واجه فيسبوك صعوبة في استعادة المستخدمين الشباب بالعودة إلى جذوره "الأصلية"، إذ سبق أن حاولت الشركة إعادة إحياء شعور الحصرية عبر إطلاق ميزة "Campus" في عام 2020، والتي خُصصت فقط لطلاب الجامعات، لكنها فشلت وأُغلقت بعد عام ونصف.
جرّبت ميتا استخدام خدمات أخرى، مثل المواعدة عبر الإنترنت، لجذب مستخدمين جدد، لكنها لم تحقق نجاحًا يُذكر.
شهدت الساحة الرقمية ظهور شبكات اجتماعية جديدة تعتمد على الويب المفتوح، باستخدام بروتوكولات مثل ActivityPub (المستخدم في Mastodon) وAT Protocol (المستخدم في Bluesky)، مما يمنح المستخدمين القدرة على استعادة التحكم في بياناتهم واتصالاتهم الاجتماعية بعيدًا عن المنصات المركزية التي تديرها شركات التكنولوجيا الكبرى. ومع نمو هذه الشبكات، ستصبح منافسة لمحاولات إحياء "فيسبوك الأصلي".
حاولت ميتا حماية المستثمرين من تراجع فيسبوك على مر السنوات.
قدّمت ميتا في الربع الرابع من عام 2019 إحصائيات جديدة للمستثمرين تحت مسمى "الأشخاص النشطون يوميًا وشهريًا عبر العائلة" بدلاً من إحصائيات المستخدمين لكل تطبيق على حدة. واتخذت الشركة لاحقًا، في الربع الأول من عام 2024، خطوة أخرى نحو إخفاء بيانات فيسبوك الفردية بإزالة أرقام المستخدمين النشطين يوميًا وشهريًا من تقاريرها الفصلية، واستبدالها بإحصائيات تركز على "عائلة التطبيقات" الخاصة بها.
بررت ميتا هذا القرار آنذاك بأنه يهدف إلى تقديم رؤية أفضل لكيفية تفاعل المستخدمين مع جميع منتجاتها، وليس فقط مع فيسبوك وماسنجر. لكن في الواقع، يبدو أن هذا التغيير خدم غرضًا آخر، وهو إخفاء تراجع فيسبوك ضمن المجموعة الأكبر من تطبيقات ميتا.