'10 سنين عرس' مسرحية كوميدية تضيء على العلاقات بين الأزواج
تونس - يقول الكاتب السوري ممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان" "نحن لا نتعود إلا إذا مات شيء فينا. لنتخيل حجم ما مات فينا حتى اعتدنا على كل ما حولنا". وهو ما يعني أن التعود يقتل في الإنسان الشعور والإحساس، عن مثل هذا التعود وتأثيراته على الحياة الزوجية، وعن المعيش اليومي والحياة "الروتينية" وتبعاتها النفسية والعاطفية والسلوكية على حياة الأزواج، تتمحور مسرحية "10 سنين عرس" للثنائي محمد الداهش ونجلاء بن عبدالله.
وتروي المسرحية وهي عمل من إنتاج سامي منتصر وإخراج سناء بن طالب، عن مسرحية للممثل والمخرج ومدير المسرح البلجيكي أليل فاردار، حكاية زوجة أرادت أن تفاجئ زوجها ليلة الاحتفال بذكرى زواجهما، إلا أنه يفاجئها برغبته في الانفصال عنها وطلب الطلاق.
وبداية من تلك اللحظة تتداخل الأحداث والأزمنة، ليستعرض الزوجان من خلال مواجهة حوارية بينهما، "بتقنية "الفلاشباك" ما حصل بينهما من مواقف خلال 10 سنوات من الزواج بأسلوب هزلي.
وعلى امتداد ساعة ونصف الساعة، يعيش الجمهور على وقع طرح اجتماعي في قالب كوميدي، يتابع من خلاله جملة من المواقف التي تمثل مرآة تعكس الحياة الزوجية، في طابع هزلي فكاهي لا يخلو من العبرة، حيث يحتوي العمل ضمنيا على دعوة للتفكير برصانة وترو في أسباب تحول المشاعر من النقيض إلى النقيض.
"10 سنين عرس" مسرحية كوميدية ولكنها تطرح العديد من القضايا في علاقة بمؤسسة الزواج منها الشغف والخذلان والخيانة والتسامح والعفو والتجاوز وغيرها من المشاعر التي يتعرض لها الأزواج.
البطلان "سيف" و"ليلى"، زوجان يشبهان الكثير من الأزواج التونسيين وغير التونسيين ربما، ممن يستمر بينهما شعور الحب، فيزداد حينا ويفتر أحيانا ويتحول إلى كره أحيانا أخرى، لكنه في أغلب الأحيان يتحول إلى ما يسمى "العشرة الطيبة" بما تحمله العبارة من طيب المعشر، وغض الطرف عن "العيوب".
هذا العمل الكوميدي تابعه جمهور المسرح البلدي بالعاصمة الجمعة، بمناسبة عيد الحب الموافق ليوم 14 فبراير/شباط الجاري، واستمتع بأداء الممثلين محمد الداهش ونجلاء بن عبدالله، فكان للحاضرين، ومنهم الكثير من الأزواج، موعد مع الضحك إزاء مشاهد تعكس مواقف يعيشها الأزواج لا فقط على امتداد 10 سنوات من الزواج، كما يشير إلى ذلك العنوان، بل على مدى خمسين سنة وفق مضمون المسرحية التي كشفت عن التناقض بين المرأة والرجل، واختلاف الرؤى والمواقف والأحاسيس والمشاعر، وكشفت كذلك عن الأسباب المحتملة لتحول الشغف إلى ملل حينا، والثقة إلى خيانة أحيانا من جهة، إلا أنها اختتمت بالتأكيد على أهمية "التجاوز" ومراعاة كلا الزوجين لطبائع الآخر وضغوطاته، وأخطائه أحيانا، والتأكيد على ضرورة دعمه(ا) نفسيا في لحظات الرخاء كما في لحظات الشدة وضيق العيش، من أجل استمرارية الحياة الزوجية.
ووجد الحاضرون الكثير من ذواتهم في مسرحية، أو من طبائع أشخاص يعرفونهم جيدا، ليخرجوا وهم على يقين بأن زمن المسرحية لم يكن سوى صورة مختزلة مما يعيشه الكثيرون، مع قناعة مفادها أن الحياة مسرح، والمسرح هو الحياة.
"10 سنين عرس" في نسختها الجديدة (بعد نسختين سابقتين جمعتا محمد الداهش بكل من منال عبدالقوي ونورهان بوزيان) تسجل اعتلاء نجلاء بن عبدالله الركح على مدى ساعة ونصف الساعة لأول مرة في مسيرتها الفنية، وهي التي تابعها الجمهور من خلال الأعمال السينمائية والدرامية التلفزيونية، (باستثناء ظهورها في تجربة مسرحية أولى مع عزيز الجبالي في عمله "بينومي").
وبعد تقديم هذا العمل في عرضه ما قبل الأول يومي 17 و18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، (خصصت مداخيله لإنجاز مشروع خيري يتمثل في حفر آبار لفائدة مدارس بالكاف)، ستتاح للجمهور مجددا فرصة مشاهدة هذا العمل وذلك يوم 22 فبراير/شباط الجاري في المركب الثقافي محمد الجموسي في صفاقس، ويوم 15 مارس/آذار 2025 في قاعة "زفير" بالمرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة)، وفقا لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.