شبكات الاتجار بالبشر تدير قطاع التسول في تونس مستغلة الأطفال والاجانب
تونس – انتشرت ظاهرة التسوّل في تونس بشكل لافت خصوصاً في الأماكن العمومية بالمدن الكبرى والعاصمة، عند نقاط وسائل النقل والمحطات والأسواق والشوارع الكبرى والمطاعم والمقاهي والمساجد، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد أزمة اقتصادية وارتفاع في اسعار المواد الأساسية أدت تداعياتها الى ارتفاع في نسبة الفقر.
وفي إطار التصدي للمظاهر المخلة بالأمن العام ومكافحة ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال وحمايتهم من كل أشكال التهديد، تمكنت السلطات التونسية في مناسبات عديدة من الإطاحة بعدد من العصابات المتورطة في الاتجار بالبشر واستغلالهم في التسوّل في الشوارع.
وأكد ممثل الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام رشاد المثلوثي، في تصريح للإذاعة الوطنية التونسية أنّ شبكات الاتّجار بالبشر تستغل أجانب وتونسيين منهم أطفال في التسوّل، مشيرا إلى أن المداخيل المالية لهذه المجموعات تصل الى 150 دينارا (47.22 دولار) يوميّا للفرد الواحد.
ولفت إلى أنّ عدد المتسوّلين التونسيين تقلّص مقابل تزايد عدد الأفارقة جنوب الصحراء الذين يستغلون الأطفال بطريقة مقلقة جدّا، داعيا إلى ضرورة مشاركة المواطنين في التقليص من هذه الظاهرة المتفاقمة وعدم مدهم بالاموال وتوجيهها إلى جمعيات معروفة تساعد بها المحتاجين.
وكشفت الجمعية الحقوقية في وقت سابق أن البيانات المتوفرة لديها تشير الى تزايد عدد المتسولين في كامل المحافظات التونسية ليتجاوز 5 آلاف متسوّل، محذّرة من التداعيات الاجتماعية الخطيرة لهذه الظاهرة خاصة على صغار السن والقصّر الذين يتم استغلالهم من قبل عدد من الشباب واقحامهم في هذا المجال، حيث تحول التسوّل الى مهنة تدر الأموال الطائلة على هذه الفئات.
ويصنّف القانون التونسي لتسوّل ضمن جريمة الاتجار بالأشخاص، حيث يعاقب كل "من يستخدم في التسول طفلاً ما دون الـ18 من العمر، ويرفع العقاب إلى ضعفه إذا تم الاستخدام في شكل جماعي منظم".
وينص القانون في تونس على عقوبات سجنية تتراوح من عشر إلى عشرين عاماً وخطايا مالية يمكن أن تصل إلى مائة ألف دينار (31.481 ألف دولار) وذلك حسب نوعية الجرائم المرتكبة وفي بعض الحالات يصل الحكم في مثل هذه الجرائم إلى المؤبد.
وبالرغم من أن القانون التونسي كان صارما في هذه الجرائم إلا أنه بالعودة على أرض الواقع تشير تقارير رسمية الى أن نسبة قليلة فقط من القضايا التي تم إصدار أحكام فيها بينما لا تزال نصف القضايا في مرحلة البحث وأخرى قيد التحقيق أو تم حفظها.
وأتسع نشاط شبكات الاتجار غير المشروع في الأشخاص في تونس بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع تفاقم موجات الهجرة غير النظامية من دول جنوب الصحراء الذين غادروا بلدانهم بسبب الحرب والفقر. وتشير الأرقام الى تجاوز عددهم 20 ألف مهاجر افريقي.
وكانت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر مؤكّدة ان أغلبها تتركز في التشغيل القسري ويستهدف بالأساس الأفارقة لا سيما منهم النساء والأطفال باعتبارهم من الفئات الهشة التي تتعرض لصعوبات كبيرة في ظل انعدام الجنسية أو فقدان الوثائق الرسمية للعديد منهم.
ويعتبر أخصائيو علم الاجتماع أن ظاهرة التسوّل تعدّ شكلا من أشكال الفساد الاجتماعي فهي نتيجة طبيعية للاخلالات التي تصيب التوازنات الاقتصادية والاجتماعية، ويحذّر الاخصائيون من تفاقم هذه الظاهرة وتداعياتها خاصة على الأطفال القصّر والفتيات الذين يتم توظيفهم صلب تشكيلات وعصابات منظمة تعمل في مجال المخدرات والسرقة، وتجد هذه الفئات الضعيفة بسبب ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية في التسوّل محضنة لكل الظواهر السلبية في المجتمع من عنف وغضب اجتماعي وجريمة وإرهاب.