اوجلان.. لقد حان الوقت لالقاء السلاح
لو سلمنا بأن عبدالله اوجلان يتمتع بكامل قواه العقلية بعد طول الفترة التي قضاها ويقضيها تحت الضغط التركي في سجنه، فليس سهلا ان يتخلى حزب العمال الكردستاني عن السلاح بعد هذه المراحل الطويلة التي قاوم فيها وسقط فيها الالاف ممن ضحوا بحياتهم في سبيل تحقيق تلك الاهداف التي من اجلها تأسس هذا الحزب ولاسيما انه لم يتم تحقيق الاهداف المطلوبة، وكذلك لم تتخذ تركيا اي خطوة تتطلب توجه الحزب الى الاعلان عن حل نفسه والقاء السلاح، والدعوة التي جاءت من دولت بهتشلي انما هي دعوة غير رسمية ولا تمثل الرأي الحكومي او الشعبي بدليل ان تركيا تقوم بتصعيد التوتر في المنطقة بصورة مستمرة ولا يدل هذا على انها ماضية في عملية السلام التي يقنع الكرد انفسهم بالتوصل الى اتفاق مع اولئك الاتراك.
تمثل القوة احد الوسائل المستخدمة لانتزاع الحقوق وهي التي نجحت في الكثير من الثورات التي حصلت فيها الشعوب على حرياتها، وهنا مع حزب العمال الكردستاني كانت هي السبب في اعادة القضية الكردية في تركيا الى الوجود بعد ان اعتقد الاتراك بانهم تمكنوا من القضاء على القومية الكردية بالتمام والكمال، وعلى الرغم من صفة الارهاب التي التصقت بالحزب، نتيجة موقع تركيا وقوتها التي تتمتع بها في حلف الناتو. الا ان الحزب استطاع اقناع العالم بان هناك شعبا اخر يعيش الى جانب الاتراك وهو يتطلع الى الحرية التي هي غائبة عنه بسبب ان هذا العالم نفسه يغلق عينيه ارضاء لتركيا التي يحتاجون اليها في مجابهة القوى الاخرى وكانت في وقتها المعسكر الشرقي.
اذن كيف سيقنع الحزب عوائل اولئك الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لبقاء السلاح بيد الحزب، وهل يدرك مسؤولو الحزب بأنه في حالة القاء السلاح فسوف لن يكون بمقدورهم لملمة صفوفهم والعودة الى النضال المسلح. ثم ما هي الضمانات التركية بانها لن تحاكم اعضاء الحزب، واين سيتجه هؤلاء في حالة ان تركيا هددت بالقبض عليهم ومحاكمتهم، وهي التي لم تبد اي علامة انها ستدخل في عملية السلام.
من جانب اخر، بقاء الحزب على قمم الجبال في اقليم كردستان بعيدا عن الاراضي التي يقاتل من اجلها، هل سيجني ثمار هذا القتال؟ هل سيحقق ولو اقل الاهداف التي يسعى اليها؟ وماذا بعد ان سمح الغرب لتركيا بالوصول الى هذا التطور في صناعة السلاح وامتلاكه وبلوغها مراتب متقدمة في تسلسل الجيوش القوية، هل يجدي القتال معها باتباع اسلوب حرب العصابات؟ ثم الم يعلمنا التاريخ ان امتلاك الاحزاب الكردية للسلاح كان سببا رئيسيا للاقتتال الكردي - الكردي؟
اذن ما هو المطلوب بعد دعوة اوجلان؟
ان اتباع هذه الدعوة افضل من الامتناع عن تلبيتها ولاسيما ان كل الوقائع تسير بهذا الاتجاه سواء كان الامر برضى الكرد ام مغايرا لتمنياتهم، فالالتزام بها سيحقق للحزب الاحتفاظ بوحدته مع قادته ومع حركات الظل التي تعمل تحت مسميات اخرى في الساحة السياسية الداخلية، كما سيثبت للعالم اجمع ان الكرد قد اختاروا طريق السلام في الحصول على حقوقهم ولا سيما ان العالم اجمع قد ترقبوا هذه الدعوة وهم يتابعون ردود الافعال الناتجة عنها من الطرفين الكردي والتركي.
وبهذا يتم التخلص من الصفة الارهابية التي دمغت بنضال هذا الحزب حيث كانت من الاسباب الرئيسية لعدم حصول النضال الكردي في تركيا على التعاطف الدولي
ويتم سحب البساط من تحت اقدام الالة العسكرية التركية التي لطالما تذرعت بمحاربة الارهاب وكانت سببا في بقاء المناطق الكردية في شرقي تركيا بعيدة عن الحصول على نصيبها من الاستقرار والتطور. وهو سبب رئيسي ايضا لعدم اتجاه المواطنين الكرد في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم القومية والتحدث بلغتهم الام.
ثم ان الواقع يشير الى عدم قدرة الحزب على تحقيق اي تقدم واي انتصار على الجيش التركي، بل ان العكس بدأ يترك اثاره السلبية على استمرارية الحزب وبدأ الحزب يخسر كوادره وقوته البشرية بصورة يومية وباقل الخسائر بالنسبة الى تركيا، كما ان الحزب وباستمراره على هذا النحو لن يتمكن من الاجابة على اسئلة الثكالى من امهات المقاتلين، ترى ماذا حقق هؤلاء المقاتلين بعد كل هذه الخسائر؟
اذن كل الوقائع وكل الدلائل المرتبطة بوجود هذا الحزب تشير ان القاء السلاح في الوقت الحاضر لهو الخيار الامثل بالنسبة للنضال الكردي في ساحة نضالهم الداخلية ولكن مع الحصول على ضمانات بعدم ملاحقة كوادرهم واعضاءهم.
نعتقد بانه ليس من صالح تركيا عدم وجود ذريعة مثل وجود ذريعة حزب العمال الكردستاني للدخول في قتال مع كرد العراق او كرد سوريا، حيث ان الفائدة قد تعم جميع الكرد في بقية اجزاء كردستان وتجرد تركيا من حججها القديمة في مهاجمة اقليم كردستان العراق او شمال شرقي سوريا، وهكذا يمكن للحركات السياسية في هذه البقع من التفرغ لنيل المكاسب القومية من الحكومات المحلية بعد التخلص من الضغوط الهائلة التي كانت تركيا تسلطها عليهم.