عبداللطيف اللعبي وياسين عدنان يصدران 'غزة أهناك حياة قبل الموت؟'

الشاعران المغربيان يقدمان في الكتاب الصادر باللغتين العربية والفرنسية مُختارات شعرية وأنطولوجيا لشعراء من غزة.

"غزّة.. أَهُناك حياة قبل الموت؟"، مُختارات وأنطولوجيا شعرية، أحدث إصدارات من إعداد الشاعرين المغربيين عبداللطيف اللعبي وياسين عدنان، وصدرت حديثا باللغتين العربية والفرنسية.

وتضم المختارات أعمال 26 شاعرة وشاعرا من غزّة الفلسطينية، صدرت عن "دار الرافدين" ببيروت اللبنانية، وترجمها في أنطولوجيا من المرتقب أن تصدر عن دار "بوان" الشاعر عبداللطيف اللعبي؛ وهو أوّل من ترجم الشاعر الفلسطيني محمود درويش إلى الفرنسية، والحاصل على جائزة "غونكور" البارزة في سياق الأدب المكتوب باللغة الفرنسية.

واختارت المختارات عنوانا لها من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل مريد البرغوثي، لنطالع ما يقول في قصيدته:

"أتلمَّسُ أحوالي منذُ وُلِدتُ إلى اليوم

وفي يأسي أتذكّرُ

أنّ هناك حياةً بعد الموت

هناك حياةٌ بعد الموت

ولا مشكلة لديّ

لكنّي أسأل:

يا الله!

أهناكُ حياةٌ قبلَ الموت؟".

حيث تم الاشتغال على إعداد هذه المختارات الشعرية في وقت القصف الإسرائيلي على غزة الذي استمر أزيد من سنة؛ و"كان هذا وسيلتنا للتضامن مع غزة. وبدأ الأمر بالاتصال للاطمئنان على أصدقاءٍ عبر فيسبوك، وجاءت فكرة إعداد شيء… لأن وسيلتنا الوحيدة التي نعرفها للتضامن هي الشعر، وأن يكون صوتُ غزة حاضرا".

وتضمّ الأنطولوجيا شعراء أغلبهم يقطنون بغزة الفلسطينية، وبينهما شاعران شهيدان قتلا خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، هما: نور الدين حجاج ورفعت العرعير.

وتقول المختارات إن أصواتها "الغزّاوية الستة والعشرين، من الإناث والذكور قد لا تحتمل أن تطغى عليها أصوات خارجية، حتى لو كانت صادرةً عن أشخاص يحملون أصدق مشاعر التّضامن وحُسنِ النية، لتطمس قوة أصواتهم وتحوّلاتها المُنفلتة، وتحجُبَ تنهُّداتها، تلعثُماتها، حشرجاتها، ونوبات الصمت التي تعتريها أمام واقع قياميّ تُفْرَغُ فيه الكلمات من جوهرها، ويغدو البحث عن أدنى ذرّةٍ من المعنى في الواقع المعيش، ضربًا من الوهم".

صدر الكتاب أيضا باللغة الفرنسية

وتتابع "هذه الأصوات لا تحتاج إلى تحاليلنا المُتعالمة، ولا إلى الحدّ الأدنى من استنكارنا، ومن رعشات تعاطفنا. ومنها يمكن أن نقبل، بكل تواضع، أن تصرخ في وجهنا: 'اُصمتوا! دعونا نتكلّم. لدينا ما نقوله للعالم، وسنقول ذلك بكل ما أوتينا من قوة، في معترَكٍ لم يَطْرُقه الشعر قطّ'".

وتضم الأنطولوجيا الجديدة الأصوات الشعرية لكل من: رفعت العرعير، ونور الدين حجاج، وهشام أبوعساكر، وكوثر أبوهاني، ومصعب أبوتوهة، وحامد عاشور، ويحيى عاشور، وأدهم العقاد، ووليد العقاد، ونور بعلوشة، وشروق محمد دغمش، وأشرف فياض، وأنيس غنيمة، وحيدر الغزالي، وفاتنة الغرة، ووليد الهليس، ونعمة حسن، وعثمان حسين، وهند جودة، وضحى الكحلوت، وحسام معروف، ومنى المصدّر، وآلاء القطراوي، ويوسف القدرة، وناصر رباح، وإيناس سلطان.

تجدر الإشارة إلى أن معدَّيْ مختارات شعر غزة، عبداللطيف اللعبي وياسين عدنان، بعنوان "غزة أهناكَ حياة قبل الموت؟"، سبق أن أعدّا أنطولوجيا الشعر الفلسطيني الرّاهن بعنوان "أن تكون فلسطينيا". ومن المرتقب أن يقدّما المنشور الجديد بمعرض الكتاب بباريس الذي سيُعقد بين 11 و13 من شهر أبريل/نيسان المقبل، ثم في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط المنظّم بين 17 و27 أبريل/نيسان من السنة الراهنة 2025.

ونختار من أجواء المختارات قصيدة للشاعرة الدكتورة آلاء القطراوي من مواليد غزة سنة 1990. عملت قبل الاجتياح معلمة في مدارس وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وأصدرت ديوانًا شعريًّا عام 2012. عاشت مأساة خاصّة خلال الحرب الأخيرة على غزّة، حيث حاصر الاحتلال أطفالها الأربعة لمدة أربعة أشهر في بيتهم، وبعدها قُصِف المنزل وتمَّ منع عمّال الإغاثة من انتشال جثتهم من بين الرُّكام. هكذا تحلّلت أجساد أطفالها وارتقت أرواحهم إلى السماء، وبقيت آلاء تحضنهم في قصائدها مثل خنساء معاصرة.

من قصيدتها "دعوني أراها" نقتطف منها:

"إلى طفلتي الشهيدة أوركيدا

دعوني أراها

ولو مرّةً واحدةْ

فقدْ يَبِسَ القلبُ في نصفِ آذارَ

ما عادَ ينمو بهِ شَجَرٌ للحمامِ

فأعطوا شفاهي لها

كي تُقبّلها..

ولوْ قُبلةً باردةْ.

وأعطوا لها رئتي

ربّما اختنقَتْ دونها

ربّما ما استطاعتْ مناداةَ اسمي

فكان الرُّكامُ ثقيلًا عليها

وكنتُ أحسُّ بها

فإنّي ورثتُ دمًا

فيهِ حزنٌ قديمٌ

وَسُمٌّ عتيقٌ

بذَبْحٌ سقيمٌ

ونورٌ يعتّقهُ آل بيت النبيِّ

على سُبْحَتي الزّاهدةْ.

وأعطوا لها شَعْرَ رأسي الطّويلَ

أحبُّ أصابعها حين تلمسُهُ

وتقولُ:

(سأكبرُ حينًا

ويصبحُ شَعْرِيَ أطولَ منكِ)

فقصُّوهُ شَعْرِي لها

لكي لا تموتَ حبيبةُ عمري

بشَعْرٍ قصيرٍ

وأُمنيةٍ ناهدةْ.

فإنّي أخافُ عليها إذا رحلَتْ

بشَعرٍ قصيرٍ

وأمنيةٍ بائدةْ.

دعوني أراها

لأخبرها أنّ شوقي لها ليسَ سهلًا

وأنَّ الخناجرَ أهونُ في طعْنِها

من جنونِ الغيابِ

وأنَّ عيونيَ في حُزنِها الملحَميِّ

طبولُ زُنوجٍ

ضمورُ جبالٍ

زئيرُ سهولٍ

بكاءُ أسودٍ

عواءُ تلالٍ

صهيلُ المجرّاتِ

في دمْعتي الماردةْ

دعوني أرى وجهَ أورْكِيدتي

فقطْ

مرّةً واحدةْ!".