التمديد للجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري يعمق الشكوك
دمشق – مدد الرئيس السوري أحمد الشرع عمل لجنة تقصي الحقائق المكلفة بتقديم تقرير حول مقتل مدنيين في الساحل السوري الشهر الماضي، في حين تزال تطرح التساؤلات بشأن مصداقيتها وفعاليتها وسط تصاعد الانتهاكات وتضارب الروايات بين الأطراف المختلفة.
وشكلت الأحداث أكثر حلقات العنف الطائفي دموية منذ سيطر معارضون من السنة على السلطة.
وقُتل مئات العلويين في منطقة الساحل بغرب سوريا في أوائل مارس/آذار في أحداث بدت أنها وقعت بعد كمين مميت نصبه مسلحون موالون للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، لقوات الأمن السورية الجديدة.
وفي التاسع من مارس/آذار، كلف الشرع لجنة تقص بإعداد تقرير خلال 30 يوما للمساعدة في تحديد هوية الجناة ومحاسبتهم. وعندما سألته رويترز عما إذا كان مقاتلون من وزارة الدفاع الجديدة تورطوا في عمليات القتل، قال إن اللجنة هي المكلفة بجمع الأدلة.
وفي مرسوم نشر في وقت متأخر من مساء الخميس، قال الشرع إن اللجنة طلبت مزيدا من الوقت لاستكمال عملها وإنه سيمنحها تمديدا لمدة ثلاثة أشهر أخرى "غير قابلة للتمديد".
وجاء في البيان الرئاسي تحت عنوان ،"قرار رئاسي رقم (11) لعام 2025 بتمديد عمل اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل ، بناء على الصلاحيات الممنوحة، وبعد الاطلاع على التقرير الأولي للجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، والمشكلة بموجب القرار الرئاسي رقم (3)، وبعد النظر في طلب التمديد الذي تقدمت به اللجنة لضرورة استكمال عملها وفق المعايير المعتمدة، يقرر رئيس الجمهورية ما يلي: تمديد عمل اللجنة لمدة ثلاثة أشهر أخرى غير قابلة للتمديد وتعمل اللجنة على استكمال إنجاز مهمتها واتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، وفق الأصول المتبعة وترفع اللجنة تقريرها النهائي في الموعد المحدد".
وقد أعلنت اللجنة، التي شُكلت في 9 مارس/ آذار بعد أحداث دامية طالت المدنيين في محافظات اللاذقية وطرطوس وبانياس، أنها ستقدم "تقريراً أولياً"، لكنها لم تنهِ مهمتها بعد.
وأوضح الناطق الرسمي باسم اللجنة، ياسر الفرحان، أن التحقيقات مستمرة بسبب "حساسية القضية وتعقيدها"، مشيراً إلى أن اللجنة تجمع الأدلة والشهادات وتفحص التكييف القانوني للأحداث.
وتؤكد اللجنة أنه لا يوجد أحد فوق القانون، وأن القضاء سيتولى محاسبة الجناة. وصرح الفرحان للصحافيين الشهر الماضي بأن أعضاء اللجنة أجروا مقابلات مع شهود في عدة مناطق بالساحل، وأنهم يعتزمون زيارة مدينتين أخريين هناك.
وبحسب القرار الرئاسي السوري، فإن مهمة اللجنة الكشف عن الأسباب التي أدت الى تلك الأحداث والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها والتحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها وإحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أعلنت توثيق مقتل 779 شخصا منذ 6 مارس/آذار في مناطق الساحل السوري بينهم نحو 400 من عناصر الحكومة السورية . ولكن مصادر محلية في محافظتي اللاذقية وطرطوس أعلنت مقتل أكثر من ألف من أبناء الساحل السوري.
وقالت ديانا سمعان الباحثة المختصة في الشأن السوري بمنظمة العفو الدولية إنه يتعين إتاحة "الوقت الكافي والموارد وسهولة الوصول من أجل إجراء تحقيق واف".
وأضافت "الأمر المهم هو أن يكون عمل لجنة تقصي الحقائق شفافا ويتضمن أي انتهاكات جديدة ضد الأقليات في منطقة الساحل ومناطق أخرى من سوريا".
لكن آخرين عبروا عن قلقهم، بما في ذلك سكان علويون من محافظة اللاذقية الساحلية حيث وقعت معظم أعمال العنف.
وقال فراس، وهو علوي يبلغ من العمر 43 عاما ولم يذكر بقية اسمه خوفا من التعرض لانتقام، إن التمديد محاولة "للمماطلة وكسب المزيد من الوقت" وإنه ليس لديه أمل تقريبا في أن يؤدي عمل اللجنة إلى مساءلة حقيقية.
والعلويون طائفة من الشيعة ويمثلون ثاني أكبر طائفة دينية في سوريا بعد المسلمين السنة.
من جهته، شكك رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في مصداقية اللجنة، قائلاً في تصريحات صحافية "اللجنة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتقصي الحقائق، والدليل على ذلك أنها لم تلتقِ حتى بعشرة بالمئة من أهالي وذوي الضحايا". وأضاف "هي تسعى إلى تمييع الأمور وإطالة عمر عملها على أمل أن تحدث حالة فتور لدى المجتمع الدولي وينتهي كل شيء."