بنكيران يقصي أبرز خصومه من مؤتمر 'البجيدي'
الرباط – استبعد عبدالإله بنكيران الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي (البيجيدي أو حزب المصباح)، أعضاء مستقلين من الحزب واخرين، من المؤتمر الوطني المقرر عقده يومي 26 و27 أبريل/نيسان الحالي، وفق ما ذكرت وسائل اعلام محلية، بينما يأتي هذا الاقصاء في ذروة خلافات بين عدد من أعضاء الصف الأول في الحزب والقيادة الحالية على خلفية مطالبتهم بتجديد القيادة وضخ دماء جديدة تكون قادرة على مواكبة التحديات والمتغيرات.
وبحسب المصادر ذاتها، لم تشمل قائمة المدعوين للمشاركة في المؤتمر الوزيرين الأسبقين مصطفى الرميد ومحمد نجيب بوليف وكذلك عبدالقادر عمارة الذي كان قد عينه العاهل المغربي الملك محمد السادس على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالإضافة إلى وزير التجهيز والنقل سابقا عزيز رباح، في قرار بررته الأمانة العامة للحزب بأنهما لم يقوما بتسوية وضعهم المالي مع الحزب، لكنه قرار يسلط الضوء في الوقت ذاته على حالة الانقسام والتشرذم التي يعاني منها 'البيجيدي' منذ أشهر طويلة. كما يؤكد حجم الخلافات الداخلية بين قادة وأعضاء من الحزب وأمينه العام الذي يتهمه خصومه بالاستبداد والسلطوية والتفرد بالقرار.
والأسماء التي لم ترد في القائمة تعتبر من أبرز منتقدي بنكيران ومن خصومه السياسيين التي دخل معها في عداء معلن وغير معلن.
ويعتقد أن قرار الاقصاء يأتي أيضا ضمن تصفية حسابات شخصية، فالرميد كان من بين أبرز منتقدي أداء الأمين العام الحالي ومن بين من دعا علنا في مؤتمرات 'البيجيدي' الحزبية وفي تصريحات لوسائل اعلام محلية، إلى انتخاب قيادة جديدة وإلى ضرورة تسليم المشعل لقيادات شابة ومراجعة سياسات الحزب على ضوء التطورات والمتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي المغربي وأيضا في ظل الحاجة لتجديد الخطاب السياسي والديني.
وتدرك قيادات إسلامية بارزة بعضها غادر الحزب بسبب مواقف بنكيران وتفرده بالقرار وبعضها لا يزال يسعى لتعديل بوصلة البيجيدي بالاتجاه الصحيح، أن الضجيج الذي يثير الرجل لا يخدم مصلحة الحزب بقدر ما يخدم مصالحه الشخصية وأن الغرض هو بقاؤه في دائرة الضوء لا غير.
ويأخذ عليه منتقدوه أن الضجيج الذي يثيره بلا فائدة تذكر وفتحه الكثير من الجبهات، يضعف الحزب أكثر مما يقويه ويكفي أنه في كل مرة يثير فيها الجدل إلا ويُعاد تذكير حزب العدالة والتنمية بإخفاقاته على مدى عشر سنوات من قيادة الائتلاف الحكومي.
وتجديد القيادة ولا حتى الأسماء المرشحة لمنافسة بنكيران لم يعد سرا وهي الأسماء المقترحة من قبل الشق الرافض لاستمرار القيادة الحالية والمطالبة بضخ دماء جديدة قادرة على إدارة المرحلة القادمة والتعاطي بواقعية مع المشهد السياسي.
وأكدت تصريحات سابقة للرميد وهو من القيادات السابقة التي لها اطلاع واسع على المطبخ السياسي الداخلي لـ 'البيجيدي'، وجود أزمة داخلية آخذة في التوسع وسط تراشق كلامي بين كبار أعضاء الحزب وامتناع كثير من منتسبيه بينهم أعضاء مجالس محلية ووزراء وبرلمانيون سابقون، عن تسديد معلوم الانخراط.
وكان الوزير السابق في حكومتي بنكيران وسعدالدين العثماني السابقتين، قد قال في تصريحات سابقة إن حزب العدالة والتنمية انتهى وهزم نفسه بنفسه، مشيرا إلى أنه تفرق إلى شيع وأحزاب وزعامات.
وأوضح وفق ما نقلت وسائل إعلام مغربية أن "كل واحد يريد أن يفرض على الآخرين ما يجب القيام به رغم أنه لم يعد مسؤولا في الحزب"، معتبرا أن ذلك يعود في جزء كبير منه إلى وجود "فائض في الزعامة"، مشيرا إلى تسلط بنكيران الذي كان يفرض على الأعضاء تنفيذ أمور لم تكن على جدول أعمال اجتماعات الأمانة العامة للحزب.
ولفت كذلك إلى أن بنكيران كان يتدخل في شؤون وظيفة الأمين العام السابق سعدالدين العثماني، موضحا أن الأخير كان يتمتع بـ"لطف زائد عن الحد".
وكان بنكيران قد هدد علنا الأعضاء الرافضين لدفع معلوم الانخراط الحزبي قائلا باللهجة المحلية "اللي ما خلص حقو نهاية السنة ليس معنا، وانتهى الكلام"، كاشفا أن من بين الرافضين لدفع معلوم الانخراط ووزراء وبرلمانيون سابقون.
ووصف ذلك بأنه "عار وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم، لأنهم يعرفون جيدا أن أموال الانخراطات تسهم في عقد اجتماعات التنظيمات الحزبية وأيضا التجمعات".
وكان لافتا في الفترة الأخيرة أن تصعيد بنكيران ضد الحكومة وأحزاب الأغلبية محاولة لتصدير أزمة حزبه والتغطية على الاحتقان الداخلي ومداراة عجزه عن حل الاشكالات المستعصية من الأزمة المالية إلى تمرد أعضاء وانشقاق آخرين.
ويبدو حزب العدالة والتنمية في وضع صعب سياسيا وماليا ما سيؤثر حتما على حظوظه في الانتخابات القادمة، مع انحسار تأثيره داخل قواعده الناخبة وخارجها وقد فشل في أكثر من مناسبة في حشد الشارع ضد الحكومة.
وبرز اسم كل من رئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي وعبدالله بووانو رئيس الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، لكن لم يتضح إلى حد الآن أيا منهما سيتم دعمه لإبعاد بنكيران.
ويرى البعض أن بنكيران يختزل الحزب في شخصه وفي رؤيته السياسية وأنه بذلك فاقم متاعب العدالة والتنمية وأدخله في كثير من المتاهات في وقت كان يحتاج فيه لجهد أكبر لإعادة ترتيب البيت الداخلي استعدادا للانتخابات التشريعية القادمة.