سعيد يتعهد بملاحقة الفساد في قطاع التربية
تونس – تعهّد الرئيس التونسي قيس سعيد خلال زيارة غير معلنة فجر الجمعة الى منطقة المزونة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد وسط غرب البلاد بمحاسبة كل من يخل بمسؤولياته، واعدا بإنجاز جملة من المشاريع التنموية في قطاعات مختلفة، في خطوة لاحتواء الغضب الشعبي الذي ساد المنطقة في اليومين الماضيين على خلفية سقوط سور مؤسسة تربوية أدى الى وفاة ثلاثة تلاميذ، وسط مخاوف من استغلال المعارضة لهذه التطورات للضغط على السلطة واتساع رقعة الاحتجاجات.
وأكد سعيد خلال زيارة الى منازل عائلات ضحايا انهيار السور على الالتزام بتوفير الرعاية الصحية والنفسية والمساعدات لهم، متعهدا بتحقيق التنمية في أقرب وقت وتوفير التجهيزات اللازمة للمستشفى المحلي وربما تركيز مستشفى ميداني، بالإضافة الى تركيز فرع للشركة التونسية للكهرباء والغاز وآخر للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه.
وشهدت المنطقة حالة من الاحتقان المتصاعد ليلة الثلاثاء، بعد أن خيم الحزن على إثر الحادثة، حيث رفع المحتجون شعارات مختلفة تطالب بالتشغيل وتندد بغلاء المعيشة والممارسات الأمنية ضد المتظاهرين، فيما عمد عدد من المشاركين في الاحتجاج الى احراق الإطارات المطاطية وإغلاق الطرقات.
ويرى مراقبون أن حادثة المزونة تتجاوز سقوط جدار المعهد المتداع بل أنها أزاحت الغطاء عن وضع اجتماعي متأزم آلت اليه البلاد من جهة وعن أزمة حادة يعانيها قطاع التعليم العام في تونس وتهالك البنية التحتية في المؤسسات التربوية من جهة أخرى، حيث تتجدد الأحداث يوميا في مختلف المناطق التونسية على حد السواء.
وأكد الرئيس التونسي خلال اجتماع وزاري يتعلق بقطاع التعليم أن التلاميذ الذين توفوا في الحادثة "ذهبوا ضحية الإهمال فضلا عن الفساد في هذه المؤسسات لسنوات طويلة"، متوعدا بمحاسبة كل من يسيء للتونسيين داخل البلاد وخارجها، قائلا "كل مسؤول يخل بمسؤوليته فليبدأ بحزم حقائبه منذ الآن".
كما تعهد بتوفير الأموال اللازمة لترميم المدارس في كافة المدن التونسية، مضيفا "سنوفر كل شيء كي يعيش التونسي بكرامة".
ولطالما أعلن سعيد أن البلاد تخوض معركة تحرير وطنية ضد المفسدين واللوبيات وحضّ القضاء على الاضطلاع بدوره في محاسبة كلّ المتورطين في الفساد أيا كانت مكانتهم أو انتماءاتهم، مؤكدا أن لا أحد فوق القانون.
ويرى متابعون أن الأزمة في تونس لا تقف على فتح تحقيق أو التضحية بالمسؤول، بل إنها تتطلب إصلاحا شاملا تشرف عليه وترصد له الأموال اللازمة في جملة من القطاعات العامة وفي مقدمتها التعليم والصحة.
وأثارت حادثة المزونة غضبا واسعا بين التونسيين، انتقلت من فضاء المعهد وأهالي المنطقة الى المنصات الاجتماعية، وسط اتهامات للسلطات بالتقصير في صيانة المؤسسات التربوية.
وكشف التقرير الأخير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن تصاعد وتيرة الاحتجاجات بنسبة 238 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، موضحا أن أغلب تلك الاحتجاجات كانت ميدانية في الشوارع والفضاء العام.
وأشار التقرير إلى حالة عدم الرضا لدى عموم التونسيين بسبب ارتفاع الأسعار وتدني المستوى المعيشي وسوء البنية التحتية وتردي الخدمات الإدارية العمومية، وضعف أسطول النقل، وتواصل انقطاع مياه الشرب وتذبذب نسق التزود بها.