بغداد تراهن على دور عُمان لتهدئة إقليمية قبل القمة العربية
مسقط – أجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره العماني بدر البوسعيدي، الخميس، مباحثات بشأن القمة العربية المقبلة في بغداد والعلاقات الثنائية والمفاوضات الأميركية الإيرانية بشأن الملف النووي.
وتأتي المباحثات بين الوزيرين في وقت حرج تمرّ به المنطقة، حيث تتكثف الجهود لتقريب وجهات النظر حول الملف النووي الإيراني، وسط تصاعد التوتر الإقليمي. ويُنظر إلى سلطنة عمان كطرف محوري في هذا المسار، نظراً لدورها التاريخي في التوسط بين طهران والعواصم الغربية.
ولن يكون لنجاح هذه الوساطة أثر على الملف النووي فحسب، بل سينعكس مباشرة على استقرار العراق والمنطقة ككل، إذ من شأن أي تهدئة بين إيران والولايات المتحدة أن تُخفف من حدة الصراعات التي تشهدها ساحات متعددة، أبرزها اليمن وسوريا ولبنان.
ويؤمن العراق بأن تهدئة الأجواء الإقليمية عبر إنجاح المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، تمثل فرصة استراتيجية لتقليل الضغوط على أمنه الداخلي وحدوده، خاصة في ظل استمرار النفوذ الإيراني داخل بعض الساحات المجاورة. كما يعتبر المسؤولون في بغداد أن تخفيف الاستقطاب الإقليمي سيساعد على إنجاح القمة العربية المرتقبة، التي يسعى العراق إلى توظيفها لإطلاق مقاربة عربية أكثر تنسيقًا في الملفات الساخنة وسط غياب شبه كامل للإجماع العربي.
ويولي العراق، من جانبه، أهمية قصوى لإنجاح القمة العربية المقبلة في بغداد، ويحرص على تهيئة بيئة حوار عربي فعّال في ظل الانقسامات العميقة والنزاعات المشتعلة في غزة ولبنان والسودان وغيرها. ويرى في سلطنة عمان شريكًا دبلوماسيًا موثوقًا، لما تتمتع به من سياسة خارجية متزنة وعلاقات إيجابية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية. وبالتوازي مع رغبته في تجنّب الانزلاق في أي صراع إقليمي، يعوّل العراق على الدبلوماسية العمانية للمساهمة في بناء أرضية مشتركة تخدم الاستقرار العربي وتدفع باتجاه تفاهمات أوسع في ملفات حساسة ومترابطة.
وقالت الخارجية العراقية، في بيان، إن حسين والبوسعيدي التقيا بمقر وزارة الخارجية العمانية في العاصمة مسقط.
وفي مستهل اللقاء، أعرب حسين عن "تقدير العراق للمواقف المتوازنة التي تنتهجها سلطنة عمان في القضايا الإقليمية والدولية" مؤكدا "حرص بغداد على توسيع آفاق التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، وضرورة العمل المشترك لإزالة العقبات التي تعترض تعزيز هذا التعاون".
كما أكد جاهزية العراق لاستضافة القمة العربية المقبلة في 17 مايو/ أيار الجاري، معربا عن أمله بأن "تفضي هذه القمة إلى نتائج إيجابية تُسهم في تعزيز العمل العربي المشترك، وتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة".
وتأتي القمة في ظل حرب ضد الشعب الفلسطيني، لاسيما في قطاع غزة، إضافة إلى اعتداءات إسرائيلية شبه يومية على الجارتين سوريا ولبنان.
كما تبادل حسين والبوسعيدي وجهات النظر بشأن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بخصوص البرنامج النووي الإيراني، و "قدَّم الوزير العماني إحاطة حول آخر تطورات هذه المفاوضات".
وأشاد حسين بـ"الدور الحيوي والمتوازن الذي تؤديه سلطنة عمان في تسهيل المحادثات بين طهران وواشنطن" مؤكدا أن "التوصل إلى اتفاق بين الطرفين من شأنه أن يُسهم في تخفيف التوترات وتعزيز الاستقرار في المنطقة".
ومنذ 12 أبريل/نيسان الماضي، عُقدت بسلطنة عمان وإيطاليا ثلاث جولات من مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران، لبحث التوصل إلى اتفاق جديد بشأن الملف النووي الإيراني.
وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، ولم تعلن عنها رسمياً، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، فيما تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.
كما تطرق حسين والبوسعيدي إلى "أهمية استمرار التنسيق السياسي والدبلوماسي بين بغداد ومسقط في المحافل الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون الأمني والتبادل الثقافي، وتفعيل آليات المتابعة المشتركة للاتفاقات ومذكرات التفاهم بين البلدين"، حسب البيان.