السعودية تتفادى إثارة غضب ترامب بتأجيل الانضمام إلى 'بريكس'
الرياض - أرجأت السعودية الانضمام رسميا إلى مجموعة "بريكس"، التكتل الذي يضم الصين وروسيا والبرازيل ودولا أخرى، على ما أكده مصدران، رغم أن الرياض شاركت في اجتماع عقدته المجموعة الأسبوع الماضي في برازيليا، وذلك لتجنب مسألة قد تثير استياء الولايات المتحدة في الوقت الذي تسعى فيه لإبرام صفقات معها، خاصة بعد أن أبدى الرئيس دونالد ترامب عزمه على إقامة شراكة إستراتيجية مع المملكة.
وظل الانضمام لبريكس يمثل قضية حساسة للسعودية من الناحية الدبلوماسية منذ دعوتها لأول مرة للانضمام في عام 2023، ولا يزال الأمر كذلك مع اقتراب موعد زيارة سيقوم بها ترامب للشرق الأوسط الأسبوع المقبل وتفاوض الرياض على صفقات نووية وتكنولوجية.
وتأسست التكتل كمجموعة تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا للوقوف في وجه الهيمنة الغربية على النظام العالمي، واتسعت في السنوات القليلة الماضية لتضم اقتصادات ناشئة مثل الإمارات ومصر وإندونيسيا.
ورغم أن موقع المجموعة، التي ترأسها حاليا البرازيل، يظهر أن السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم عضو بها، فقد أكد المصدران المطلعان على سياسة المملكة أن الرياض لم تنضم بعد.
وقال أحد المصدرين ودبلوماسي إن السعودية لا تريد المخاطرة بإثارة غضب الولايات المتحدة في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات معها.
وأوفدت الرياض نائب وزير الخارجية إلى الاجتماع الذي عقد يوم 29 أبريل/نيسان في ريو دي جانيرو ولم يتفق فيه وزراء دول المجموعة سريعة التوسع على بيان مشترك.
ويعكس تردد المملكة في الانضمام لبريكس رغبتها في تحقيق توازن دقيق بين الصين، أكبر مستهلك لصادرات النفط السعودي، وبين الولايات المتحدة، الشريك الذي لا غنى عنه في مجال الأمن والتكنولوجيا. وصارت السعودية تتحسس الخطى بشكل أكبر بسبب زيادة الانقسام بين الولايات المتحدة والصين.
وقال روبرت موجيلنيكي الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن "لا يزال السعوديون يرون قيمة هائلة للتعاون مع مجموعة بريكس ودولها الأعضاء، وسيواصلون الاستفادة بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف قدر الإمكان".
وأضاف "أعتقد أن الحسابات السعودية تفضل ما قد تحصل عليه من الولايات المتحدة على ما قد تحصل عليه من الانضمام لبريكس، على الأقل في المدى القصير".
الحسابات السعودية تفضل ما قد تحصل عليه من الولايات المتحدة على ما قد تحصل عليه من الانضمام لبريكس
وطالب ترامب المجموعة في يناير/كانون الثاني بالالتزام بعدم استحداث عملة جديدة أو دعم عملة أخرى لتحل محل الدولار وإلا سيفرض رسوما جمركية بنسبة مئة بالمئة على دولها.
وبينما لا تزال المملكة تفضل حليفتها التاريخية الولايات المتحدة، فإنها تسعى أيضا إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الصين أكبر مستورد للخام السعودي.
وفي فبراير/شباط، صدرت السعودية سلعا بقيمة 15.2 مليار ريال (4.05 مليار دولار) إلى الصين، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20.6 بالمئة عن العام السابق، عندما بلغ حجم التجارة 12.6 مليار ريال، بحسب بيانات مرصد التعقيد الاقتصادي. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، نمت التجارة بمعدل سنوي قدره 50.3 بالمئة.
وبلغ إجمالي عقود الاستثمار والبناء الصينية في المملكة بين عام 2005 ومنتصف عام 2024 نحو 71 مليار دولار، وفقا لمتتبع الاستثمار العالمي الصيني، مما يعكس الدور المتنامي لبكين في التحول الاقتصادي للمملكة.
ولا تزال الشراكة السعودية مع الولايات المتحدة محورية لطموحاتها الأمنية والاستثمارية والتكنولوجية، حتى مع توسيع علاقاتها مع قوى منافسة مثل الصين وروسيا.
وقالت مصادر لرويترز الشهر الماضي إن الولايات المتحدة تستعد لتقديم حزمة أسلحة للسعودية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وذكرت أنه من المقرر الإعلان عن العرض خلال زيارة ترامب.
وتسعى مجموعة بريكس إلى التحول من الدولار إلى عملات أخرى. لكن دراسة أجراها مركز الاقتصاد الجغرافي التابع للمجلس الأطلسي العام الماضي أظهرت أن العملة الأميركية لا تزال الأساسية للاحتياطيات في العالم وأن الدول المستخدمة لليورو وكذلك دول البريكس لم تتمكن من تقليل الاعتماد العالمي عليها.
وقال ستيفن هيرتوغ الأستاذ المشارك في السياسة المقارنة في كلية لندن للاقتصاد "رغم أن مجموعة بريكس تشكل منتدى مفيدا للتعبير عن المظالم بشأن السلوك الأمريكي، فإنها ليست بعد هيئة متماسكة بالقدر الكافي لتوفير ما يخدم الصالح العام في ملفات رئيسية مثل التعاون في مجال العملة، أو الأمن، أو التكامل الاقتصادي".
وقال المحلل السعودي عزيز الغشيان إن السعوديين يشعرون بأنهم أصحاب تأثير وإنهم يستمتعون بالوضع، مضيفا أنهم يرون أن الولايات المتحدة لا تزال هي الفاعل الرئيسي، لكن هناك جهات أخرى يمكنها أيضا تقديم فائدة.