الأكراد يطالبون أردوغان ببناء الثقة بعد حل العمال الكردستاني نفسه

حزب المساواة وديمقراطية الشعوب يسعى لتحقيق مكاسب سياسية نظرا لدوره في تسهيل الاتصالات غير المعلنة التي أدت لقرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه.
دعوات لفتح المجال أمام الأكراد للحصول على حقوق سياسية واجتماعية وثقافية موسعة
الكرة في ملعب اردوغان للعمل على تحسين ظروف الأكراد

أنقرة - تصاعدت الدعوات في الأوساط السياسية التركية، وتحديدًا من قوى المعارضة، لحث الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان على اغتنام "الفرصة التاريخية" التي وفرها إعلان حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه، من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقة مع المواطنين الأكراد، بعيدا عن المقاربة الأمنية التي هيمنت على المشهد السياسي طوال العقود الأربعة الماضية.
وجاءت أبرز هذه الدعوات من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، الذي يُعد أبرز المدافعين عن الحقوق الكردية، والذي كان له دور محوري في تسهيل الاتصالات غير المعلنة التي أدت إلى القرار المفاجئ من حزب العمال الكردستاني، والذي وضع حداً لمسار المواجهة المسلحة الطويلة مع الدولة التركية.
وفي مؤتمر صحفي، دعا تونجر باكيرهان، الرئيس المشارك لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، الحكومة التركية إلى اتخاذ "خطوات ملموسة وإنسانية" لبناء الثقة، واعتبر أن هذه الخطوات يجب أن تكون سريعة وواقعية، خاصة قبل حلول عطلة عيد الأضحى المقررة مطلع حزيران/يونيو.
وأشار باكيرهان إلى أن اللحظة الراهنة تمثل "منعطفاً سياسياً" لا ينبغي التفريط فيه، موضحاً أن حزبهم يتطلع إلى أن تبادر الدولة بإجراءات تضع حداً للنهج الأمني وتفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة للقضية الكردية، بما يحقق العدالة والمساواة ويضمن التعددية في الحياة العامة.
وتشمل مطالب المعارضة وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب سلسلة إجراءات تبدأ بـ إلغاء التتبعات القضائية والسياسية بحق المئات من النشطاء والسياسيين الأكراد، كثير منهم منتمون للحزب ذاته، والذين يواجهون اتهامات تتعلق بالإرهاب بسبب مواقفهم أو أنشطتهم السياسية.
كما طالب الحزب بفتح المجال أمام الأكراد للحصول على حقوق سياسية واجتماعية وثقافية موسعة، تشمل استخدام اللغة الكردية في التعليم والإعلام، وضمان تمثيل سياسي فاعل في مؤسسات الدولة، إضافة إلى إنهاء السياسات التمييزية في المناطق ذات الغالبية الكردية.
وفي الأوساط السياسية التركية، هناك قناعة متزايدة بأن أردوغان بات أمام فرصة نادرة لإعادة ضبط العلاقة مع الأكراد، خاصة وأن المبرر الرئيسي لأي تضييق أو تشدد أمني في السابق – والمتمثل في تهديدات حزب العمال الكردستاني – لم يعد قائماً بعد إعلان الأخير تفكيك نفسه ووقف نشاطه المسلح.
ويعتقد ان الحكومة، إن رغبت في طيّ صفحة الماضي، مطالبة بالتحرك السريع لتأكيد نواياها عبر مبادرات فعلية، على غرار رفع الحظر عن بعض الأحزاب الكردية، وإطلاق سراح معتقلين سياسيين، وفتح حوار جدي مع القوى الكردية الشرعية ضمن إطار الدولة والقانون.
ويبدو واضحاً أن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب يسعى من خلال انخراطه في التوسط بين الدولة وحزب العمال الكردستاني إلى تعزيز مكانته السياسية كلاعب أساسي في معادلة الحل الكردي داخل تركيا، بعد سنوات من التهميش والملاحقات القضائية. ويعوّل الحزب على أن موقفه الحالي قد يمنحه هامشاً أوسع للمناورة السياسية، لا سيما إذا تجاوبت الحكومة مع مطالبه، وأوقفت السياسات القمعية التي استهدفت مؤيديه.
ويعتقد أن استجابة الرئيس أردوغان لمطالب المعارضة ستكون محكاً لجدية الحكومة في فتح صفحة جديدة، خاصة مع تراجع الضغوط الأمنية المباشرة، والانشغال الشعبي المتزايد بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي قد تجعل من التهدئة مع الأكراد خطوة مرحّب بها داخلياً ودولياً.