الإطار التنسيقي في مفترق طرق وسط خلافات وتحالفات انتخابية

الاجتماع المرتقب لقادة الإطار التنسيقي سيناقش ملفات متعددة، من أبرزها المستجدات في المشهد الإقليمي والتحالفات قبل الانتخابات التشريعية المقبلة.
الاجتماع سيناقش اتفاقات أبرمها إقليم كردستان مع شركات أميركية في مجال الطاقة
سيم اختيار مقرر عام جديد للإطار بعد استقالة عباس العامري

بغداد - بين ضغوط سياسية داخلية وتغيرات إقليمية متسارعة، يجد الإطار التنسيقي الشيعي نفسه اليوم عند مفترق طرق حساس، قد يعيد رسم ملامح المشهد السياسي العراقي في الأشهر المقبلة، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المصيرية.
ففي الوقت الذي تتسارع فيه التحضيرات داخل القوى السياسية استعداداً للسباق الانتخابي، تتراكم فوق طاولة الإطار ملفات شائكة، تعكس حجم التحديات التي بات يواجهها التحالف الذي يضم أبرز القوى الشيعية، ومن بينها ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتيار الفراتين التابع لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتحالف عمار الحكيم.
وبحسب ما كشفه مصدر سياسي لموقع "شفق نيوز" الكردي العراقي، فإن الاجتماع المرتقب لقادة الإطار التنسيقي سيناقش ملفات متعددة، من أبرزها المستجدات في المشهد الإقليمي، وعلى رأسها الاتفاقات التي أبرمها إقليم كردستان مع شركات أميركية في مجال الطاقة، وهو ما يثير قلقاً لدى بعض أطراف الإطار من توسع النفوذ الأميركي في شمال العراق، وتأثيره المحتمل على التوازن السياسي والاقتصادي الوطني.
كما يشمل جدول أعمال الاجتماع مناقشة العلاقات مع سوريا، ولا سيما مطالب دمشق بشأن فتح الحدود المشتركة، وهي قضية تم طرحها مجدداً خلال قمة بغداد الأخيرة، عندما نقل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني هذه الرغبة إلى الجانب العراقي، ما يتطلب توافقاً بين المكونات السياسية العراقية، لا سيما داخل الإطار، بشأن السياسات الإقليمية للعراق.
ولن يكون الملف النووي الإيراني بعيداً عن طاولة النقاش، في ضوء المتغيرات المتسارعة في هذا الملف، والتأثير المحتمل لأي تصعيد إقليمي على الداخل العراقي، خاصة أن طهران لا تزال تُعد الحليف الرئيسي لأغلب أطراف الإطار، رغم تراجع دورها النسبي مؤخراً نتيجة الضغوط الدولية والإقليمية.
ويأتي الاجتماع في وقت حساس أيضاً على الصعيد الداخلي، بعد استقالة المقرر العام للإطار عباس العامري، بسبب ما وصفته مصادر بالخلافات الداخلية، التي تتوسع بين أجنحة التحالف. ويُتوقع أن يتم خلال الاجتماع اختيار خلف للعامري في محاولة لإعادة ضبط الإطار داخلياً.
وتتزايد المؤشرات على وجود خلافات عميقة بين نوري المالكي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خاصة بعد إعلان الأخير عن تحالف سياسي واسع يضم تياره (تيار الفراتين) إلى جانب قوى أخرى مثل تحالف العقد الوطني، وائتلاف الوطنية، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمع بلاد سومر، وتجمع أجيال، وتحالف حلول الوطني. هذا التحالف الجديد يُنظر إليه على أنه محاولة من السوداني لبناء قاعدة سياسية مستقلة نسبياً عن سيطرة بعض أقطاب الإطار.
وتتسم المرحلة المقبلة بكونها حاسمة على مستوى التوازنات الداخلية، خاصة مع تصاعد الدعوات من جهات داخلية وخارجية لتحجيم دور الميليشيات والقوى السياسية المرتبطة بإيران، ضمن توجه عام لإعادة بناء الدولة العراقية على أسس مدنية ومؤسساتية.
وقد أكدت مصادر دبلوماسية غربية أن واشنطن وعواصم أوروبية تضغط باتجاه إضعاف تأثير الجماعات المسلحة في العملية السياسية، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، التي يُنظر إليها على أنها اختبار حقيقي لقدرة الدولة العراقية على إنتاج سلطة مستقلة عن النفوذ الإقليمي.
كل هذه العوامل تضع الإطار التنسيقي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدخول في عملية إعادة هيكلة داخلية شاملة تستجيب للتحولات السياسية الإقليمية والداخلية، وتُعيد رسم علاقته مع الدولة والمجتمع، أو الاستمرار في الرهان على التماسك الشكلي، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الانشقاقات والضعف السياسي، وربما إلى انهيار نفوذه في الانتخابات المقبلة.
في ضوء ذلك، سيكون لاجتماع الإطار المرتقب خلال الساعات القادمة أهمية استثنائية، ليس فقط في ما يخص تعيين المقرر الجديد، بل في تحديد بوصلة التحالف خلال المرحلة القادمة.